- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
مجدي الحداد يكتب: اجتهادات ولطائف حول سورة الماعون
مجدي الحداد يكتب: اجتهادات ولطائف حول سورة الماعون
- 12 يونيو 2024, 9:15:35 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
بسم الله الرحمن الرحيم {أَرَءَيۡتَ ٱلَّذِي يُكَذِّبُ بِٱلدِّينِ (1) فَذَٰلِكَ ٱلَّذِي يَدُعُّ ٱلۡيَتِيمَ (2) وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلۡمِسۡكِينِ (3) فَوَيۡلٞ لِّلۡمُصَلِّينَ (4) ٱلَّذِينَ هُمۡ عَن صَلَاتِهِمۡ سَاهُونَ (5) ٱلَّذِينَ هُمۡ يُرَآءُونَ (6) وَيَمۡنَعُونَ ٱلۡمَاعُونَ (7)}.
ويلاحظ هنا أن معظم التفاسير -إن لم يكن كلها- لا تربط بين الثلاث آيات الأولى من السورة، وبين ما يليها من آيات، بدءا من قوله تعالى: "فَوَيۡلٞ لِّلۡمُصَلِّينَ"، حتى آخر السورة.
والحقيقة، والله أعلم، أن السورة كلها، من أولها إلى أخرها -مترابطة ترابطا تاما لا انفصال له ولا انفصام عن آيات بعضها البعض- وذلك لأن الدين هو تطبيق عملي للمبادىء العامة التي ينادي بها، والتي أُوحي بها إلى رسول الله ونبيه سيدنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم من خلال القرآن الكريم.
إذن الذي يصلي ويصوم ويحج ويدع اليتيم ولا يحض على طعام المسكين فمثله كمثل الذي يكذب بالدين حتى وإن صام وصلى وحج، والله أعلم.
وهذا في الحقيقة ينقلنا إلى الجزء الثاني من هذه الآية، والتي تفصل التفاسير بينها وبين مقدمتها وكما أسلفنا. فويل إذن للمصلين الذين عن صلاتهم ساهون، ولكن ساهون عن ماذا؟ ساهون عن تطبيق شرع الله وما أمر به نبيه المصطفى صل الله عليه وسلم، ساهون عن رعاية اليتيم وكفالته، ساهون عن إطعام المسكين، ساهون عن البر بجيرانهم، ساهون عن صلة إرحامهم ساهون عن أداء الإمانات إلى أهلها، ساهون عن شرور الهمز واللمز.
ولكنهم يارب إنهم مصلين؟ ومع ذلك فويل لهم لأنهم ساهون عما تأمرهم به صلاتهم . وحيث أن الصلاة ليست مجرد أداء مناسك، وترديد كلمات لا يعي ولا يفهم، ولا يريد حتى أن يفهم معناها المصلين -إلا من رحم ربي طبعا.
إذن فويل للمصلين الذين يفصلون بين المعاملة، وحسن المعاملة التي حض عليها الدين وبين مناسك الدين من عبادات وصلوات وأدعية، وغيرها.
إذن المقصود بالصلاة هنا في هذه السورة الكريمة هو إعمال شرع الله وليس تعطيله ، وحشره، أو قصره فقط على مجرد العبادات من دون المعاملة ، والتي أهمها هنا ، وكما ذُكر في تلك السورة الكريمة، هو الاهتمام باليتيم وكفالته، وإطعام المسكين . والآيات التالية من نفس سورة الماعون، حتى نهاية السورة، و في قوله تعالى: {فَوَيۡلٞ لِّلۡمُصَلِّينَ (4) ٱلَّذِينَ هُمۡ عَن صَلَاتِهِمۡ سَاهُونَ (5) ٱلَّذِينَ هُمۡ يُرَآءُونَ (6) وَيَمۡنَعُونَ ٱلۡمَاعُونَ (7)} تؤكد ما سبق ذكره، وحيث المرآءاة هنا تتعلق بما سبقت الإشارة إليه، وكذا من يمنعون الماعون؛ أي كل ما يعين الغير في قضاء حاجته من مساعدات مالية أو عينية.
إذن فويل للمصلين ليس المقصود بها هنا فقط هو مجرد السهو عن الصلاة، وسواء كان ذلك أثناء الصلاة، أو السهو عن أوقاتها أو ميقاتها، والله أعلم .