- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
مجدي الحداد يكتب : التفويض والتفويض المضاد
مجدي الحداد يكتب : التفويض والتفويض المضاد
- 12 يوليو 2021, 11:16:01 م
- 3806
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
كتبت في الوفد ، ومنذ عدة سنوات ، أو حتى عقود خلت - وفي ظني أن الأمور يمكن أن تتجه أو تنحو للأفضل مع تقدم العمر وحتى السنون ذاتها ، وإذا بي يخيب رجائي وأملي ؛ وإذ بالسنين تنحو دائما إلى الأسوأ كلما تقدمت أو تقدم بنا العمر ؛ وتبقى أو تنحو ؛ وللمفارقة ؛ دائما للأفضل كلما تقادمت وليس كلما تقدمت ..! - وقد أخذت على عهد مبارك إذن عدة مآخذ ، وخاصة على أولئك الذين يشبهون الحاكم بفرعون ، وذكرت انهم بذلك يظلمون التاريخ كما يظلمون فرعون ذاته في حقيقة الأمر ، وذلك فضلا عن كونهم يخدعون كما يكذبون على أنفسهم أولا ؛ وكذا الأخرون ثانيا ، و حتى يدلسون عليهم ..!
كيف هذا إذن ...؟!
نعم ؛ أن فرعون كفر وعلا واستكبر في الأرض وجعل أهلها شيعا ، كما استخف قومه فأطاعوه . وقل ما شئت في ظلمه لهم واستخفافه بهم ، وذلك قبل أكثر من ألفي عام قبل الميلاد - وسيبك انت من الهري ده بتاع ال 7000 سنة حضارة ..! - ولكن قد تكفل - وخللى بالك من دي - بطعاهم وإطعامهم ، وكسائهم ، وسكنهم ، ورعاية وتربية أطفالهم بأفضل مما كان هو متاح وقتها ، وفي المكان المناسب الآمن والمريح لهم ولأطفالهم ،كما وفر لهم أيضا المياه الصالحة للشرب والإستحمام أو النظافة الشخصية ، كما قام بتنظيم الري في القطر المصري كله ، سواء وقت الفيضان أو الجفاف - كما تكفل بعلاج من يمرض ، بل وأكثر من ذلك فإنه قد تكفل بدفن موتى قومه بالطريقة التى تليق بهم وبحرمة الموت وفي أماكن مخصصة لموتاهم ولا تقل مهابة ونظافة واحتراما حتى عن الطريقة التي يدفن بها الملوك أنفسهم .
وكل هذا ، وغيره ، كان يقدم لكل مصري ومصرية مجانا وبلا مقابل ..! ، فأين إذن ما قام به وتكفل به مبارك ، أو النظام الحالي ، تجاه شعبيهما مقارنة بما قدمه فرعون الكافر المستعلي في الأرض ..؟!
في عهد فرعون لم تجد أم بأطفالها الصغار يبيتون ليلهم في الشارع على أحد الأرصفة وفي قسوة وزمهرير البرد والشتاء أو قيظ الحر وشدة حرارة الصيف وذئاب البشر والحجر تسعى حولهم ؛ بينما الحاكم يقول : " أيوة أنا بنيت قصور جديدة و وهبني ... ".
في عهد فرعون لم يوجد مصري قديم عاطل عن العمل ، كما لم يبت يوما مصري / مصرية قديم/ة بدون عشاء ، وأحيانا أكثر من ذلك ..!
والغريب أيضا أن فرعون نفسه لم يكن يمنع عوام الناس من دخول قصره والعمل به أو حتى التجوال به ، ولم يحطه ، أو يحط عاصمته الإدارية أو الهرمية بأحدث ما توصل إليه العلم من طرق مراقبة موجهة ضد شعبه في الأساس ..!
كما لم يقم فرعون بعمل " كمبوندات " خاصه لقدماء لصوص المصريين ، بل كان يعاقبهم - وكذا كل مفسد في الأراضي الفرعونية - وينزل بهم أشد العذاب و أقسى العقاب ، أو ينفيهم من الأرض ، أو يقطع أرجلهم وأيديهم من خلاف ؛ مش يقربهم إليه وينشأ لهم " جيتوهات " خاصة بهم ؛ مثل " جيتو " العاصمة الإدارية الجديدة ، وغيره ..!
فضلا عن انهما - مبارك ومن جاء بعده - قد قسما أهليهما أيضا شيعا ، وأشاعا الفقر والغلاء وحتى الإستعلاء بالأرض وبلا أي مبرر أو مسوغ - يعني يا ريت يكون فيه سبب وجيه لهذا الإستعلاء ؛ كأنك مثلا تبني دار للأيتام وتستعلي عليهم ، أو تبنى مستشفى أو مصنع ، أو ... أو ... وتستعلي عليهم ؛ اما لا هذا ولا ذاك ثم تسرق وتجرف وتهدم وتفرط ثم تستعلى علي ضحايا أفعالك / سياساتك ؛ "طب بامارة آيه يعني ..؟!"
هل هناك إذن أي وجه للمقارنة بين نظام فرعون وأنظمة العسكر ..؟!
ولا يظنن أحد للحظة إنني أدعو إلى " الفرعنة " ، والانسلاخ من ثم عن ومن أصولنا العربية والإسلامية ، أو الحضارة الإسلامية الكريمة بكليتها ، والتي عبر عنها أجمل تعبير مكرم عبيد حينما قال ذات مرة : " اللهم يا رب المسلمين والنصارى اجعلنا نحن المسلمين لك وللوطن أنصارا ، واجعلنا نحن نصارى لك وللوطن أنصارا" . وهو أيضا صاحب مقولة : " أن مصر ليس وطنا نعيش فيه بل وطنا يعيش فينا " ، وليس البابا شنودة الراحل كم يشاع ، أو كما هو شائع . كما هناك مقولة جميلة أخرى للدكتور عزمي بشارة - على ما أظن - يقول فيها : " أنا مسلم الحضارة مسيحي الديانة ".
وقد أجمل كل ذلك سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه في جملة واحدة ، وحينما قال ؛ " نحن قوم أعزنا الله بالإسلام وإن طلبنا العزة في غيره هلكنا ". والمقصود أو التفسير الحالي لتلك العبارة الآن هي إذن الحضارة الإسلامية بكلياتها وتنويعاتها وتنوعاتها وفسيفسائها وما اشتملت عليه من مواطنين ومؤمنون يدينون بأديان مختلفة و متباينة أو حتى مواطنون غير مؤمنين ؛ وذلك إنطلاقا من : " ... لكم دينكم ولي دين ... " ، وكما ورد في القرآن الكريم .
قد ألمني كثيرا كما ألم كل مصري ومحب لمصر ، إعلان من حزب لقيط يدعو لحشد جماهيري باستاد القاهرة - وليس في ميدان التحرير ، أو أي ميدان أخر في مصر ، وذلك لأن الاستاد محكوم أمنيا ، كما يمكن التحكم فيه إذا خرجت الأمور عن السيطرة ، أو عما هو متفق عليه حتى من عبارات الدعم والتأييد للزعيم المفدى ..! - وذلك يوم الخميس القادم الموافق 15/7/2021 لتفويض القيادة السياسية - هكذا مكتوب في الإعلان - لاتخاذ مايرونه لحماية الأمن القومي المصري ."
وتلك العبارة الأخيرة الواردة في الإعلان ، والتي هي : " تفويض القيادة السياسية لاتخاذ ما يرونه لحماية الأمن القومي المصري " ؛ تحمل في حد ذاتها أكثر من مغزى ومعنى فضلا عن كم هائل من الاستفزاز ..!
فهي تفترض أولا و ضمنا أن الشعب كل بتنويعاته وفسيفساءه وتخصصاته عديم الرؤية ، وأن القيادة السياسية وحدها هي التي تتمتع حصرا بتلك الرؤيا وربما كل الرؤى والرؤيا . والرؤية إذن شاملة أي شيء وكل شيء ؛ لأنها تتمتع بالحكمه - عملا بقوله : " أنا ربنا خلقني كدا .. باوصف الحالة ؛ باوصف العلاج " - كما تفترض كذلك أن أي شيء تراه تلك القيادة فهو صحيح وواجب الطاعة والاتباع ، أويجب طاعته واتباعه ؛ " واحنا ساكتين "..!
طب يا سيات الفريق رئيس حزب المتقاعدين من فرقتك أيه رأيك بقى لما القيادة السياسية نفسها بتقول عن نفسها : " لا .. أنا مش سياسي " ، يبقى حضرتك تقصد مين بقى ..؟!
وهذه مشكلة أو حتى إشكالية كبرى لا يجب المرور عليها هكذا مرور الكرام ..؟!
ثم ما هي تراكمات الخبرة ، ومن ثم النتائج الإيجابية الملموسة ، والتي يمكن البناء عليها وتبني مشروعاتها وأصولها ، وكذا التي يمكن أن تصب في صالح مصر خلال تلك السبع سنين عجاف الذي حكم فيهم مصر ، وبفرض وجود قيادة سياسية حقيقية على الرغم من تلك الأشكالية الآنفة الذكر ..؟!
ألا تستحي من نفسك ومن أقرانك وحتى أنت بين أهلك وناسك ..؟!
سيكون من قبيل اللغو أن أعدد لك ما قد تراه أنت إنجازات ، ويعرفه ويكابده نظريا وعمليا أبسط مواطن يعيش على ما بقي له من مكان في هذا الوطن لم تمتد إليها يد فرقتك ؛ أو غيرها ؛ حتى بعد خروجك من الخدمة وانتهاء صلاحيتك ..!
وإذا كان لا بد من تجمع واحتشاد من أجل التفويض ؛ أو بالأحرى تفويض مؤيد وداعم ، فمن التوازن وحتى الاتزان العاطفي العام أن يكون هناك فرصة لتجمع أو لاحتشاد مناظر أخر لمن يرغب في سحب التفويض الأول الذي صار الآن بالنسبة لجل شعب مصر أشبه "بجون" مجدي عبد الغني في مرمى هولندا