- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
مجدي الحداد يكتب : الكابتن لطيف
مجدي الحداد يكتب : الكابتن لطيف
- 20 أبريل 2021, 9:26:24 م
- 1051
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
زمان لما كنت باتفرج ع الكورة وأشجع الاسماعيلي ، كان المعلق الأشهر الراحل محمد لطيف ، والشهير بالكابتن لطيف ، كان له تعليقات طريفة تظل لازمة لكل مشجعي الكرة غالبا ، ولا تلبس بعدئذ أن يقتبسها العاملون بمجال الفن والأدب وحتى السياسة .
وكان هناك حارس مرمى طريف وشهير لنادي الترسانة أسمه حسن على . وكان عندما تأتيه الكرة من الخصم ضعيفة وسهلة الإمساك بها يقوم يقفز عليها عدة قفزات هوائية مبهرة تسعد الجمهور البسيط الذي ليس له دراية كافية بعالم الكرة وتثير إعجابه وحتى التحول إلى تشجيع نادي الترسانة والتخلي في ذات الوقت عن ناديه السابق الذي كان يشجعه ..!
لكن ذات الحركات الزائدة ، والتي ليس لها في حقيقة الأمر أي لازمة أو معنى لحسن على ، كنت تثير استهجان وسخرية المشجع الواعي الملم بعالم كرة القدم ، وكان يقول عليها الكابتن لطيف ؛ " حركات تليفزيونية " ؛ أي منظرة فاضية لا تنفع ولا تضر - وربما كان ضررها أكثر وخاصة إذا كان فريقك مهزوما ..!
ولكن قمة المأساة هنا أن يكون فريقك مهزوما بالفعل ، وفي حاجة الى كل ثانية من وقت المبارة لتحقيق هدف التعادل على الأقل - أن لم يكن الفوز - وأنت تظل سادرا في استعراض مهاراتك التليفزيونية كلما أتتك الكرة حتى من زميل لك في نفس الفريق ، ثم لا تلبس أن تتسع الهوة بفارق كبير في الأهداف عجزت عن صدها جميعا ، وحتى صار فريقك مهددا للهبوط للدرجة الثانية - وقد هبط الترسانة بالفعل للدرجة الثانية ، وغرق فيها ، وربما حتى قد نسيه الناس الأن ، وحتى مشجعيه ؛ أو الأجيال القادمة الإفتراضية من المشجعين ..!
ونفس منطق عالم حسن علي - وهذا غير عالم سمسم ..! - في الكرة ، نراه حرفيا اليوم ، وبشكل لا يصدق ، في عالم السياسية ، و على نحو أكثر فجاجة ..!
فمع ارتفاع نسبة الفقر مثلا ، والتي تجاوزت ال 60% ، وكذا ما هم دون مستوى الفقر ، واختفاء الطبقة المتوسطة تقريبا - وذلك وفقا للإحصاءات الأخيرة للأمم المتحدة - وانهيار منظومة الصحة والتعليم والمواصلات ، وارتفاع نسبة المشردين والذين يبحثون عن قوتهم في صناديق القمامة ، وبخس حق أصحاب المعاشات في معاشات مستحقة حقيقية تتوازن على الأقل مع ارتفاع الأسعار وانخفاض قيمة الجنيه وتكفل لهم حياة شبه كريمة - وفي ذات الوقت رفع معاش الوزراء والمحافظين وغيرهم الى أكثر من 30 ألف جنيه حتى ولو عملوا سنة واحدة ..! - نراه مثلا يقوم باستعراض جثث موتى من ألاف السنين في شوارع القاهرة في حفل كلف مليارات الجنيهات ، وفي ليلة واحدة ، وذلك في الوقت الذي زادت فيه كل من المديونية الداخلية والخارجية إلى حدود مخيفة ..!
واللقطات أو الإستعراضات التليفزيونية - وبشكل مرضي حقا - والمكلفة جدا نكاد نلمسها في كل موقف أو حتى في كل خطوة يخطوها طبيب الفلاسفة ، ففقط حفل افتتاح قناة السويس الجديدة قد كلف وحده ربما نصف تكلفة تلك القناة تقريبا . ولقد رأينا كيف بدأ الحفل مرتديا زيه العسكري ، والنظارة ااشمس السوداء ، ممتطيا ظهر المحروسة - وهي التي كان يملكها الملك فاروق - وذلك في معية أسطول أخر من السفن المرافقة . وفي المساء يخلع الزي العسكري ويرتدي الزي المدني ، أو البدلة مدنية- وكل يوم تقريبا بدلة جديدة ؛ فقرا قوى بقى ..! - في حفل المساء ، ثم طبع ، أو بالأحرى ، صنع نقودا ذهبية بهذه المناسبة ووزعها على المعارف والأصدقاء في مصر وحول العالم من تل أبيب حتى باريس .
كما دعا العديد من زعماء العالم ، وعلى نفقة صاحب المخل ، من 5رنس وأفريقيا لحضور ذلك الحفل . ولما تأكد له فشل ما سمي بقناة السويس الجديدة ، وعدم جدواها الاقتصادية ، خرج علينا ليقول ؛ " أنا كان قصدي أفرح المصريين " ..! ، طب مين اللى هيحاسب على المشاريب يا معلم ..؟!
والحركات / الاستعراضات التليفزيونية كثيرة في حقيقة الأمر وهي واضحة للعيان ، ومع كل طلة له ، وحتى لا نطيل ، سأكتفى هنا ، و أخيرا ، بما يسمى الدراما التليفزيونية أو الأعمال الفنية ، أو بالأحرى ، التمثيلية المبتذلة من مسلسلات تكلفت المليارات من أجل المنظرة ، وتزوير التاريخ ولي عنق الحقيقة ، أو الحقائق بصفة عامة ؛ وعلى غرار ما كان يوحي به الأخ الكبير في رواية عام 1984 لجورج أورويل ..!
إذن فقد كان صناعة الوهم وتجارته وتسويقه وترويجه وفرض استهلاكه وتعاطيه بقوة السلاح وإرهاب العسس ، كان الحصاد المر لسبع سنين عجاف نأمل أن يعقبهن سبع سمان ..!