- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
مجدي الحداد يكتب :رمضانيات ٢
هذه هي الفقرة الثانية بحول الله من الإجتهادات حول تفسير بعض آيات القرآن الكريم .
وسبحان الله ، فمن معجزات كتاب الله ؛ القرآن الكريم ــ والله ورسوله أعلم ــ أن لغة الخطاب ، وكذا مستوياتها ، تختلف وتتباين بين كل خلق من خلق الله سبحانه وتعال وخلق أخر. ثم يمكن بعدئذ أن تشترك جميع المخلوقات في خطاب واحد ومستوى واحد ، أو فعل يجمعهم جميعا ــ كبقض أرواح كل المخلوقات من قبل الخالق يوم القيامة مثلا ، والله ورسوله أعلم ــ وفي حالات محددة .
كما يختلف الخطاب أيضا ويسمو ويتفرد عندما يكون من أعلى لأسفل ؛ من الخالق للمخلوق ، وذلك من خلال الأنبياء والرسل عليهم جميعا السلام ، والذين اصطفاهم سبحانه وتعال من البشر ، ويختلف كذلك عندما يكون صاعد من أسفل لأعلى ؛ من المخلوق للخالق سبحانه وتعال ،، وعندما يتتعلق الأمر مثلا بمناجاة ودعوة المخلوق لربه ؛ للخالق سبحانه وتعال ؛ ما شاء له أن يدعوه به سبحانه وتعال ، وخاصة بالستر والصحة والرحمة والعفو والممغفرة وأن يتوفاه مؤمنا مسلما موحدا ، وكل ما يعن للعبد أو المخلوق من دعاء ومناجاة لله الخالق سبحانه وتعال .
إذن فعندما يخاطب الله سبحانه وتعال البشر فإنه سبحانه يكلمهم بلغتهم هم التي يفهمونها كمخلوقات من طين ؛ تختلف عن المخلوقات الأخرى التي خلقت من نار السموم والتي هي الجن ، والتي تخنلف بدورها عن المخلوقات الأخرى التي خلقت من نور والتي هي الملائكة .
إذن فكل خلق من خلقه العاقل سبحانه وتعال مستواه في الحوار الذي يليق به من ناحية ، وما يتناسب مع الطبيعة التي خلق بها ، أو عليها ، أو منها ، من ناحية اخرى .
ولتأكيد معنى أن لكل نوع من الخلق قوانينه الخاصة به ــ والله ورسوله أعلم ــ قوله تعال : " وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَىٰ إِلَّا أَن قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَّسُولًا . قُل لَّوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَّسُولًا " [ الإسراء : 49 ، 95 ]
وكذا قوله تعال : " اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ " [ الحج : 75 ]
إن الله يصطفى من الملائكة رسلا ، وليس رسول واحد ، ومنهم طبعا سيدنا جبرييل عليه السلام . ويصطفى سبحانه من الناس رسلا ، وهم كافة الأنبياء والرسل المبعوثين فينا ، والذين نعلمهم ونحصيهم ، وكذا الذين لا نعلمهم ولا نحصيهم ، والذين هم خاتمهم كلهم سيد الخلق ؛ سيدنا محمد بن عبد الله رسول الله ونبيه صل الله عليه وآله وصحبه وسلم .
ومن ناحية مستوى الخطاب السامي الذي يخاطب فيه الخالق سحبانه وتعال خلقه ، فحتى عند خطابهم حال شركهم يخاطبهم سبحانه وتعال في مستواهم وبمستواهم هم من حيث هم عبيده ومخلوقاته ، وكما نرى ــ والله ورسوله أعلم ــ في قوله تعال : وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَىٰ كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ ۖ وَمَا نَرَىٰ مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ ۚ لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ " [ الأنعام : 94 ]
وهذه الآية الكريمة بها عدة مستويات من حيث التفسير ، وخاصة الجزء الخاص بقوله تعال : " وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَىٰ كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ " ، ولكن سأكتفى فقط بجزء أخر من الآية ، والذي هو موضوع تلك الفقرة من الإجتهادات ، وهو قوله تعال : " وَمَا نَرَىٰ مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ ۚ لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ "
وهنا نجد الله سبحانه وتعال يخاطب خلقه بمستواهم هم وبالمكانة الدنيا في الحياة الدنيا ، فيقول سبحانه وتعال : " ... زعمتم أنهم فيكم " ، ولم يقل سبحانه ــ حاش لله ــ "فينا " ، بل فيكم ؛ فيكم أنتم ؛ وليس حتى في مستوى مخلوقاته الأخرى والمكرسة فقط لعبادته وطاعته سبحانه وتعال ؛ كالملائكة مثلا . يعني أن حتى شركائكم في الأرض وليس في السماء ، والله ورسوله أعلم .
وسبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إلاه إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك .