- ℃ 11 تركيا
- 23 نوفمبر 2024
مجدي حداد: حول هبوط الهند على القطب الجنوبي للقمر
مجدي حداد: حول هبوط الهند على القطب الجنوبي للقمر
- 24 أغسطس 2023, 6:20:33 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
نجحت الهند ، وكأول دولة في العالم ، على الهبوط بمركبتها الفضائية غير المأهولة أمس على القطب الجنوبي للقمر ، أو ما نسميه نحن بالجزء المظلم من القمر ، وذلك وفق ما نشرته مختلف وكالات الأنباء وقنوات الأخبار العالمية أمس .
وفي الحقيقة لم يلفت هذا انتباهي بقدر ما لفت انتباهي خبر أخر ، وفي الهند أيضا ، وتزامن حدوثه ، وللمفارقة العجيبة ، في نفس اللحظة التي أُعلن فيها نجاح الهند في الهبوط على القطب الجنوبي للقمر ، وهو انهيار أحد الجسور بالهند .
فأيهما أحرى بالاهتمام إذن ؛ الاهتمام بقضايا الأرض ، والتي لم تنته ــ ولن تنته وحتى قيام الساعة ــ والتركيز على حل مشاكل ساكنيها من البشر ، وما يرافقهم من كائنات وأحياء أخرى مكملة وضرورية لوجودهم ، وللحياة ذاتها على هذه الأرض . وحيث انه ووفقا لأقوال العلماء والمختصين في علوم البحار مثلا انه لم يكتشف سوى 5% فقط من أسرار أعماق المحيطات ، كما لم يكتشف ، و لم يكشف ، وبنفس النسبة ذاتها ــ أو ما بين 5% إلى 10% ــ عن أسرار جسم الإنسان ذاته ، أم الاهتمام بما يسمى بغزو الفضاء ، وحيث ليس بوسع حتى كل دول العالم مجتمعة ــ هذا لو اجتمعت يوما على شيء نافع لكل الأحياء على هذا الكوكب ــ وما يوازي حتى حجم الأرض عدة مراد من الموارد اللازمة لهذا الغزو ــ والتي هي في غاية الشح بالمناسبة في كوكبنا الأرضي بالنسبة لهذه المهمة ، أو حتى السفر عبر مجموعتنا الشمسية ــ أن تدبر نفقات وموارد رحلة واحدة مأهولة نحو أي كوكب من كواكب المجموعة الشمسية ، كالمريخ مثلا .
وهنا يحضرني قول هام لعالم الفيزياء الشهير ؛ ستيفن هوكينج ــ وهو غير مؤمن بالمناسبة ــ مفاده : " قد يكون العمر المتبقي لكوكب الأرض قصير ــ نسميه نحن قرب قيام الساعة ــ ولكن هذا لا يعني سهولة التخلي عنها والبحث عن كوكب أخر ، فبيئة الفضاء غير صديقة بالمرة ."
فلا حياة إذن في أي مكان أخر في هذا الكون ، سوى على هذه الأرض ، ولو أنفق العالم كل ثرواته وموارده وعشرات ، أو حتى مئات السنوات في البحث عن هذا الكوكب البديل للأرض .
وربما انهيار جسر الهند ، وفي نفس اللحظة التي أُعلن فيها عن نجاحها ، وكأول دولة في العالم ، في الهبوط على القطب الجنوبي للقمر ، هو بمثابة رسالة سماوية تقول لنا : " إذا كنتم فسدة ، وبهذه الأنانية " والشيفونية ، وفي كل بقعة معمورة بالبني آدمين في هذه الأرض ، وغير قادرين على أن تدبروا أموركم فيها ، و تعيشوا معا كبشر في وئام وسلام وتعايش سلمي ، ووليتم على أنفسكم سفلتكم وأكثركم انحطاطا و خسة ، ودمرتم بأنانايتكم كوكب الأرض الذي يبحر بكم جميعا عبر هذا الفضاء بقدر ورحمة الله ، فكيف إذن ستنجحون في العيش في كوكب أخر وأنتم حاملين ــ جينيا ــ نفس الميكروب الأخلاقي الذي بطر الحق وغمط حقوق الأخرين ، ثم استعليتم بعدئذ فوق بعضكم البعض .
افعلوا ما شأتم فلن تفلتوا ، وحتى قيام الساعة ، من هذه الأرض .