- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
مجدي حداد يكتب: من آمن العقاب أساء الأدب وتمادى في قلة الأدب
مجدي حداد يكتب: من آمن العقاب أساء الأدب وتمادى في قلة الأدب
- 1 أغسطس 2024, 8:43:53 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
ما أن تقوم دولة الكيان بضربات عدوانية، أو اغتيال شخصيات وقيادات سياسية وعسكرية، و من عناصر المقاومة بالذات بالمنطقة ، حتى يهب رعاة دولة الكيان ومؤسسيها ــ على أنقاض أصحابها وسكانها الأصليون من الفلسطينيين بطبيعة الحال ــ من كل حدب وصوب إلى كل دول المنطقة لمنع التصعيد ، وعدم توسيع رقعة المعركة، وتوجيه رسائل مباشرة وغير مباشرة من قبلهم، ومن خلال مبعوثيهم من وسطاء ووزراء خارجية وحتى وزراء دفاع، إلى كل دول محور المقاومة ــ والتي هي كل من إيران وحزب الله واليمن والعراق ــ وكذا إرسال رسائل إلى كل جيرانهم وأصدقائهم ، بعدم التصعيد توقيا وخشية من نشوب حرب شاملة بالمنطقة !
ما يعني انهم قد اتفقوا جميعا ، ومن خلال هذا المقصد الخبيث بحصر المعركة، والغير متكافئة أصلا، فقط ، بين جيش الاحتلال لدولة الكيان ، وما بحوذته من أعتى وأحدث الأسلحة ، وما تفتقت عنه حتى الحرب الالكترونية الحديثة من أسلحة الدمار الشامل ، وذلك لاستخدام كل ذلك فقط ضد سكان قطاع غزة من العزل والمدنيين ، ومن ثم استمرار ، واستمراء في ذات الوقت ، تلك الحرب ، والمذابح الاإنسانية اليومية ، و التي يرتكبها جيش الاحتلال ضد أهالي القطاع من المدنيين العزل ، وبلا حسيب ولا رقيب ولا رادع ولا حتى وازع من ضمير ولا تدخل إنساني دولي أو اقليمي لوقف تلك الحرب ، أو على الأقل الحؤول دون استمرارها ضد المدنيين.
إذن فهم من خلال مقصدهم هذا يريدون حصر المعركة في غزة فقط وكما أسلفنا ، ويريدون في ذات الوقت منع أي قوى ، أو بالأحرى اي جبهات أخرى مساندة ، بالتدخل في تلك الحرب حتى ولو كان الغرض هو منعها أو وقفها ، وإلا سوف يصيبهم ما أصاب دولة إيران وحزب الله من خسائر مادية وعينية واقتصادية مثلا . هكذا إذن وكأن هذا العامل صار أسوأ من غابة !
ولكن السؤال هو ، لمّ لم يقم رعاة دولة الكيان ذاتها بمنع الأخيرة أصلا من هجماتها العدوانية ضد دول المنطقة ، واغتيال قادتها ورموزها بذريعة اتهامات باطلة بحقهم بالارهاب ، أو دعم الأرهاب ــ في حين أن العالم كله بات يدرك الآن من هي التي باتت منبع الإرهاب بالمنطقة ، والتي صارت تهدد العالم كله، وليس المنطقة فقط ، بنيران إرهابها والفتن التي تبثها على مدار الساعة للوقيعة حتى بين من تزعم بانهم أصدقائها وحلفائها بالمنطقة ــ فلم ّ لم يقوموا إذن بمنعها من كل ذلك قبل أن يأتوا إلى المنطقة في أعقاب كل عملية قذرة تقوم بها ، ليمنعوا ضحايا عدوانها حتى من ممارسة حقهم الشرعي في الدافع عن النفس ، أو الثأر لقتلاهم ، أو شهدائهم ، أو حتى من منعهم من مجرد رد الفعل الإنساني على من يقع عليه أي ظلم أو عدوان، وكأنه سيناريوا فيما بينهم متفق عليه ؟
أو لم ّ لم ينصب كل هذا الجهد المحموم الذي نراه ونلمسه الآن ، في أعقاب كل عدوان صهيوني على دول المنطقة ، في وقف الحرب ذاتها في غزة ، والتي هي السبب الرئيسي لكل ما يحدث ويحدث وسوف يحدث حال استمراراها على هذا النحو الغير عادل والغير إنساني في غ ز ة ؟!
وهذا النهج ــ أي العدوان ، والاغتيالات الصهيونية لقادة دول وحركات مقاومة وتحرر وطني بالمنطقة ــ ومع تكرار حدوثه ، فلن يوقف دولة الكيان أبدا عن ممارساتها الإرهابية ضد دول المنطقة ، بل على العكس من ذلك ، فلسوف يشجعها عدم المحاسبة ، أو عدم تلقي أي نوع من العقاب جراء ما قامت به من عدوان واغتيالات ضد دول المنطقة ، على التمادي في غيها وعدوانها.
فهل يعقل أن يأتي إلينا وزراء أوربيون يطالبون جميع الأطراف بممارسة أقصى درجات ضبط النفس ، وكأنهم ــ وكما في كل مرة ــ وكما بينا ، يساوون بين الجاني والضحية ، أو المعتدي والمعتدى عليه ؟
ثم من يضمن بعدئذ أن لا يتكرر عدوان دولة الكيان مرة أخرى ضد دول المنطقة وقادتها السياسيون والعسكريون ، وحتى علمائها المختصون في تخصصات بعينها ، بعدئذ ، وبفرض استجابة دول محور المقاومة لدعاوي التهدئة وعدم التصعيد ، أو عدم الرد على الاعتداءات الصهيونية المتكررة ؟
لا أحد يضمن ذلك طبعا ، لكنه وبعد ، وفي أعقاب كل عدوان تقوم به دولة الكيان ضدنا جميعا ، يُطلب منا فقط ممارسة أقصى درجات ضبط النفس ، أو حتى عدم الرد !
وقديما قالوا : " من آمن العقاب أساء الأدب " ، ويمكن أن نضيف إلى ذلك أيضا عبارة ؛ " وتمادى في قلة الأدب " .