- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
محلل عبري: هكذا يهدد اقتتال السودان التطبيع مع إسرائيل
محلل عبري: هكذا يهدد اقتتال السودان التطبيع مع إسرائيل
- 26 أبريل 2023, 4:16:34 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
اعتبر الكاتب والمحلل الإسرائيلي إيهود يعاري، أن القتال الجاري في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع يهدد التطبيع الذي تم الاتفاق عليه بين تل أبيب والخرطوم دون توقيع رسمي على مدار عامين ونصف.
وذكر أن إسرائيل فرطت في توقيع اتفاق تطبيع مهم للغاية، ما وفر في نهاية المطاف مجالا لعودة وصعود الفصائل السودانية التي تعارض إقامة مزيد من العلاقات مع إسرائيل.
وأوضح يعاري أن إسرائيل والسودان كانتا في طريقهما لتوقيع اتفاق سلام شامل في وقت لاحق من هذا العام في واشنطن، يليه تبادل السفراء وإبرام بروتوكولات للتعاون في مختلف المجالات، من تطوير الإمكانات الزراعية الهائلة للسودان وإلى الارتقاء بخدماتها الصحية وبدء العلاقات التجارية بين البلدين.
حذر إسرائيلي
ورأي يعاري أن المقاربات الماضية والحالية التي اتبعتها إسرائيل تجاه السودان كانت معقدة بسبب مجموعة من العوامل.
فخلال حقبة التطبيع الحالية، فشلت السلطات الإسرائيلية في تنمية العلاقات مع الأطراف المدنية السودانية، بتركيزها كلياً على البرهان وضباط الصف تحت إمرته، وبدرجة أقل على قوات الدعم السريع.
وخلال فترة حُكم ثلاث حكومات متعاقبة في القدس، لم يُبذَل أي جُهد جدي من أجل إظهار الفوائد المحتملة التي يحققها التطبيع للشعب السوداني.
وسرعان ما تلاشت محاولة وحيدة لإقامة "جمعية الصداقة السودانية الإسرائيلية" في الخرطوم، ولم تحظ المساعدة الإنسانية التي أرسلتها منظمة غير حكومية إسرائيلية بأي دعاية.
وزارت وفود مدنية سودانية إسرائيل، إلّا أن عدد تلك الرحلات الصامتة النادرة يتضاءل أمام عدد الوفود العسكرية رفيعة المستوى التي وصلت في مهمات شبه سرية لطلب المساعدة.
وأدى هذا الخلل في التوازن إلى تفاقم المعارضة الواسعة للتطبيع بين النخب السياسية السودانية، حيث يؤمِن الكثير منها أن إسرائيل كانت توفر معلومات استخبارية وأدوات إلكترونية للجيش من أجل قمع الاحتجاجات الأخيرة.
وفي الواقع، دقّقت إسرائيل بهذه الطلبات العسكرية بعناية ورفضت الجزء الأكبر منها أو أرجأتها بالتشاور مع واشنطن، التي غالباً ما أعربت عن استيائها من الجنرالات السودانيين لتقاعسهم عن إقامة نظام برلماني.
على سبيل المثال، عندما أرسل حميدتي شقيقه اللواء عبد الرحيم دقلو ومستشاره السياسي يوسف عزت لتقديم القوائم الطويلة لأمنياته في مناسبات متعددة، كان المسؤولون الإسرائيليون على ما يبدو غير مستعدين للعب أي دور في الصراع الداخلي في السودان - خاصة بالنظر إلى أن حميدتي اتُهم مراراً بإصدار أوامر بارتكاب مذابح في دارفور عندما كان يترأس ميليشيا "الجنجويد".
صعود المعاديين للتطبيع
ولفت إلى أن التوترات والحلافات بين قائد الجيش عبدالفتاح البرهان وقائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) حول دمج قوات الدعم السريع في الجيش قادت في نهاية المطاف إلي اندلاع الاشتباكات بين الجانبين في وقت سابق هذا الشهر.
وأشار إلى أن هناك فصائل إسلامية أعيد تكوينها التي تدعم الجيش وكانت قد شكلت أساس نظام البشير، بينما ترددت شائعات بأن "حميدتي" يحظى بدعم ضمني من نائبة رئيس "حزب الأمة القومي" مريم المهدي، التي يُشتبه بمحاولتها تفكيك الشراكة بين الجيش و"قوات الدعم السريع" على أمل تسريع نقل السلطة إلى تحالف مدني تتزعمه بنفسها.
كما أن العديد من قوات حميدتي هم من أتباع الحركة المهدية، التي يعود تاريخها إلى الدولة الإسلامية التي أسسها أحد أسلاف المهدي في السودان في أواخر القرن التاسع عشر.
والجدير بالذكر أن الإسلاميين اتخذوا موقفاً واضحاً ضد التطبيع مع إسرائيل، كما فعل العديد من الأحزاب الأعضاء في "قوى إعلان الحرية والتغيير" (كالشيوعيين والبعثيين).
وبالمثل، أعربت مريم المهدي عن اعتراضها على التطبيع أثناء شغلها منصب وزيرة الخارجية في الحكومة المدنية قصيرة العمر برئاسة عبد الله حمدوك، والتي أقالها الجيش في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
متطلبات استمرار التطبيع
يبدو أن التأخير الذي دام عامين ونصف في تحويل إعلان التطبيع إلى اتفاقية سلام موقَّعة عرّضَ العملية برمتها للخطر.
وحتى لو شكّلت السودان حكومة مدنية على المدى القريب، فقد يتبين أنها ستتردد في اختبار المزاج العام من خلال إبرامها معاهدة مع "العدو الصهيوني"، كما يشار إلى إسرائيل غالباً من قبل الصحافة المحلية ومعلقين على وسائل التواصل الاجتماعي والسياسيين.
وإذا فاز البرهان في منافسته مع حميدتي، فقد يُقنعه حلفاؤه الإسلاميون بوقف التطبيع أو على الأقل إبطائه. وبالمثل، إذا تغلب حميدتي في الصراع القائم، سيتعين عليه أن يأخذ في الحسبان شعور "حزب الأمة القومي" والشركاء المحتملين الآخرين تجاه إسرائيل.
لذلك، قد يتطلب استمرار عضوية السودان في "اتفاقيات إبراهيم" إصرار الولايات المتحدة على وفاء الخرطوم بالتزاماتها وإكمال اتفاقية السلام - ربما حتى بتحذير البلاد بأنها ستفقد المزايا الأمريكية الممنوحة بالتزامن مع إعلان التطبيع الأولي. ولا تريد معظم الفصائل المدنية في السودان أن تفقد الدعم الأمريكي.
بإمكان البلدان الأخرى المساعدة في الحفاظ على العملية أيضاً.
فالإمارات تتمتع بنفوذ كبير في الخرطوم، وكذلك مصر، التي تحتفظ بوجود عسكري محدود هناك وتتمتع بولاء "الحزب الاتحادي الديمقراطي"، أحد أكبر الفصائل في السودان، الذي أسسه الرئيس الراحل أحمد الميرغني. وبالمثل بإمكان السعودية وتشاد المجاورة توجيه الحكومة المدنية القادمة بعيداً عن ترك مسار السلام الذي مهده الجنرالات.