محمد أمقران عبدلي يكتب : إسرائيل "،الماسادا" وخيارات الفناء*

profile
  • clock 19 أكتوبر 2023, 9:18:07 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
متداول

 

بقلم : محمد أمقران عبدلي . كاتب ومحلل سياسي جزائري

كيف يمكن لأي يهودي يعيش على  أرض دولة مصطنعة ، و مبنية على خرافات و أساطير مؤسسة أن يحلم بمستقبل زاهر له و لذريته من بعده؟ كيف يمكن للمتصهين الذي يعرف جيدا و في قرارة نفسه أنه يخدع نفسه كالأبله الولهان بعشق كيان هلامي و سراب سمي ب " إسرائيل "  ، أسطورة بن غوريون و موشي دايان و الماما المبنية على أباطيل صهيونية بداية بأرض الميعاد و الهيكل المزعوم مرورا بصبرا و شاتيلا ووصولا إلى غزة و مابينهما خطان أزرقان ، ودت "إسرائيل " لو رمت من يخالفها و خاصة من الفلسطينيين و المسلمين  و أبناء عمومتهم في البحر أو إبادتهم أو تهجيرهم مرة أخرى و أخرى، نعم كل شيء مباح من أجل الحلم الصهيوني . خاصة بعدما تلقت ضربة موجعة من المجاهدين لن تنساها . الأكيد انه برغم التكالب على غزة و رغم التواطؤ العالمي سياسيا ، دبلوماسيا و إعلاميا و نواح بعض الانظمة العربية و خوف البعض الآخر من خطة التهجير الجديدة خوفا على مصالح الدكتاتوريات  الجاثمة على شعوبها خاصة و الخوف حتى من مسيرات التضامن و المساندة للغزاويين ، رغم كل هذا التأييد المعلن و المستتر للتنكيل و التقتيل الوحشي ورغم هذا الهولوكوست الجديد في غزة ، بدخول المستشفيات في نطاق التصفية المبرمجة ، فالقراءة الأولى التي يمكن تقديمها لما يجري أن إسرائيل ماضية إلى حتفها بشهادة قياداتها العسكرية و المخابراتية السابقة ، و الخوف الذي لايزال يعتري مؤسسات الإحتلال و القيادات و حتى الجنود في الثكنات من شبح المقاومة ورعب الكتائب . جيش نظامي في مواجهة كتائب طورت من أداءها الميداني وأصبحت تباغت و تهاجم في العمق. محدثة خسائر معتبرة، لا يمكن لصانع القرار في" تل أبيب" أن ينساها أو حتى تناسيها و لهذا فجدلية الكل أمني اثبتت محدوديتها فلا يمكن إغتيال شعب و لا يمكن كذلك القضاء على المقاومة . 

أصبحت وحدات الجيش ورغم العدة و العتاد و التعبئة في وضعية من يبحث عن مخرج "مشرف" ، التقتيل  و التنكيل و القصف ردا على شرف  التساحال المهدور و أسطورة  القوة التي لا تقهر .
رغم إلتفاف الإعلام الغربي و إنحيازه بطريقة أو بأخرى لماتشنه "إسرائيل " من قصف شامل على كل المواقع و بدون إستثناء إلا أن الارتباك أصاب عمق عقيدتها العسكرية و الأمنية و ما التردد في شن حملة برية إلا دليل آخر على هذا الإرتباك ، لازال العسكري الاسرائيلي في صدمة مما جرى لهم في لبنان و جاء "طوفان الأقصى " ليحدث هزة عنيفة غير مسبوقة على مستوى القيادات الصهيونية ، التي لجأت إلى أقصر طريق و أجبن طريقة ألا وهي قصف المدنيين و الأطفال و الضرب عرض الحائط و كما كان منتظرا بمبادىء القانون الدولي الإنساني خاصة . أما المواثيق الدولية فلا داعي للحديث عنها لأنها أصبحت لدى صانع القرار الاسرائيلي في مهب الريح فلا التنديد الأممي بقادر حتى على التقليل من وطأة الجبروت و الطغيان " الاسرائيلي " على السكان في غزة .

يتواصل التقتيل و القصف في غياب تام للضمير و الرادع القانوني الأخلاقي و الإنساني  و تقهقر ملحوظ للعمل الدبلوماسي فكيف يقوم بدور الدبلوماسية و التهدئة من يعلن مساندته التامة لإسرائيل، و كيف يقوم بدور الوسيط من كان همه الوحيد تفادي تبعات خطة التهجير التي ينوي الإحتلال المضي فيها .القضية أصبحت أمام محك صعب غطرسة الاحتلال و من وراءه  المساندين في القارة العجوز و الولايات المتحدة الأمريكية أقصد لوبي القروش الصهيونية و تخاذل أصبحنا معتادين عليه من طرف الانظمة العربية و خاصة من طبعوا ابتغاء ثمن قليل . نعم إنه الطغيان و البربرية الجديدة مقابل التواطؤ و الخذلان ، لم يبقى للفلسطيني اليوم و في هذه اللحظة التاريخية إلا المضي قدما في المقاومة و التحرير فلا أمل يرجى من أخوة مصطنعة و من أنظمة عربية متكاسلة و متخاذلة ، اللهم إلا الدعم الشعبي من قبل قلة من منظمات المجتمع المدني و النخب المتنورة في المنطقة و من أصدقاء 
الشعب الفلسطيني في ربوع العالم . ●إسرائيل، غزة و ماسادا من نوع آخر : يحتفل الصهاينة بخرافات 
 مؤسسة لإسرائيل و من هذه الخرافات تحريف و تأويل التاريخ بحسب ما يخدم الحلم الصهيوني . و من هذه الخرافات حكاية قبيلة يهودية انتحرت كلها تفاديا لتنكيل الرومان بهم . و يخلد التساحال او الجيش الاسرائيلي هذه المناسبة عند تخرج الدفعات العسكرية الجديدة فيستعرضون الوحدات العسكرية المتخرجة و يزورون تلك الهضبة او المنصة تخليدا لأرواح من انتحروا جماعيا و تأويل الذكرى لتجديد الولاء و شحذ الهمم للوصول إلى ذروة الحلم الصهيوني ، دارت الأيام و تكالبت السنين على شعب اعزل مشرد بين الضفة و القطاع و اللجوء و المهجر لتعيش إسرائيل حالة مشابهة للماسادا التاريخية المزعومة . هاهم الفلسطينيون في غزة خاصة ورغم قلة العدة يفدون أرضهم بأرواحهم، يعرفون جيدا القوة و الجبروت الاسرائيلي و في نفس الوقت يدركون أن الاحتلال آيل للزوال . كيف لم يتفطن التساحال او الجيش الاسرائيلي لعامل المباغتة و للهجوم الشرس الذي شنته كتائب القسام ، أليس من الغباء و البلاهة العسكرية و المخابراتية ان تتعرض لنفس الضربة مرتين مرة في عهد السادات و مرة أخرى في زمن التطبيع ؟ نعم طوفان الأقصى بهذا المفهوم إسم على مسمى . بهذه العملية الميدانية المثيرة تكون المقاومة و على رأسها كتائب القسام   قد جددت العزم على الكفاح المسلح ، ورغم كل ما يمكن أن يقال عن التخطيط لطوفان الأقصى و التحالفات و سير العملية و عواقبها ، فالأكيد أنها تمثل ماسادا فلسطينية من نوع آخر ، تجديد العهد مع فلسطين الأرض و التاريخ و الكفاح لأمد طويل ، رغم الضحايا و انهيار البنية التحتية في غزة ، و الجريمة الإنسانية البشعة ، إلا أن معالم جديدة في ميزان القوة بين المقاومة الفلسطينية و إسرائيل، قد بدأت تلوح في الأفق.    ●إسرائيل و شبح العملية البرية : يبقى صانع القرار في تل أبيب و داخل المؤسسة العسكرية و المخابرات الإسرائيلية مترددا في شن عملية برية داخل قطاع غزة ، لعدة أسباب لعل من أهمها :                   - ذكرى نكسة لبنان و ماتعرض له الجيش الاسرائيلي من خيبات على يد كتائب حزب الله اللبناني .               - عامل تهجير الفلسطينيين في غزة الذي سوف تكون له آثار سلبية جدا على وحدات الجيش الاسرائيلي في حالة العملية البرية .                 - حجم الدمار الذي لحق بالبنية التحتية في غزة كذلك سيكون مقبرة محتملة لقوات الجيش الإسرائيلي في حالة الهجوم البري .                  - الارتباك الكبير داخل وحدات الجيش الإسرائيلي و في الثكنات خاصة و مدى الرعب الذي سببته عملية طوفان الأقصى .                  -  العزيمة الكبيرة التي يتمتع بها مجاهدو كتائب الأقصى و سكان غزة عموما و حجم التضحيات التي جعلت منهم قوة مقتنعة بعدالة القضية و المسعى أكثر من أي وقت مضى .

●يتبع : إسرائيل و خيارات الفناء

التعليقات (0)