- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
محمد إبراهيم الدويري يكتب: مصر وإسرائيل وغزة وماذا بعد؟
محمد إبراهيم الدويري يكتب: مصر وإسرائيل وغزة وماذا بعد؟
- 15 مايو 2023, 3:58:50 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
ليس من الإنصاف النظر إلى مصر كمجرد وسيط فى التعامل مع أى من مكونات أو تطورات الملف الفلسطينى حيث إن مصر تعتبر شريكاً كاملاًFULL PARTNER ارتباطاً بأن القضية الفلسطينية تمثل قضية أمن قومى مصرى،ومن ثم فإن التحركات المصرية لحل هذه القضية لم ولن تتوقف مهما كانت الصعاب وستتواصل هذه الجهود حتى يحصل الشعب الفلسطينى على حقوقه وتكون له دولته المستقلة ذات السيادة. وفى هذا الإطار جاء الدور المصرى الطبيعى الذى نجح فى التوصل إلى وقف إطلاق النار بين إسرائيل وغزة يوم 13 مايو الجارى بعد خمسة أيام من العمليات العسكرية، ومع كل التقدير لكافة الوساطات التى اجتهدت للمساعدة فى وقف العمليات، إلا أن الجهد المصرى كان هو الجهد الرئيسى فى التوصل إلى التهدئة وذلك فى ظل مجموعة من العوامل أهمها مايلى:
العامل الأول: أن مصر تعد الدولة العربية الوحيدة التى لديها حدود مع قطاع غزة تبلغ 14كم، ويقع على أراضيها المعبر الرئيسى الذى يعبر منه الفلسطينيون إلى خارج بلادهم (معبر رفح) أخذاً فى الاعتبار أن المعبر الآخر وهو بيت حانون (إيرز) هو فى اتجاه إسرائيل ولاتعبر منه سوى حالات محددة .
العامل الثانى: أن مصر لديها علاقات قوية للغاية ليس فقط مع السلطة والقيادات الفلسطينية بل أيضاً مع كافة الفصائل والتنظيمات الفلسطينية بلا استثناء سواء داخل غزة أو الضفة أو الخارج، بالإضافة إلى العلاقات الجيدة مع إسرائيل ومؤسساتها المعنية .
العامل الثالث : أن مصر تمتلك فريقاً تفاوضياً لديه خبرات مميزة فى التعامل مع كافة تفصيلات الملف الفلسطينى الإسرائيلى، وسبق لهذا الفريق المتفانى الذى يعمل ليل نهار تحت رئاسة قيادة واعية أن قام بالتوصل إلى أكثر من تهدئة ولايتوانى عن الوجود الميدانى فى غزة والضفة وتل أبيب عندما تقتضى الحاجة. وفى نفس الوقت هناك خمس نقاط رئيسية يجب أن نأخذها فى الاعتبار:
النقطة الأولى: أن إسرائيل تتعامل مع قطاع غزة – الذى يعد أكبر كثافة سكانية فى العالم مقارنة بمساحته – وكأنه دولة تمتلك أحدث أنواع الأسلحة وبالتالى تقوم بعمليات قصف وتدمير للمنازل والمنشآت وقتل المدنيين من خلال سماء مفتوحة أمام سلاح الجو الإسرائيلى، بالإضافة إلى إغلاقها كافة المعابر .
النقطة الثانية: أن الحروب الإسرائيلية على غزة التى بدأت عام 2008 تمت عقب الإنقسام الفلسطينى وهو مايؤكد الهدف الاسرائيلى الإستراتيجى فى فصل القطاع عن الضفة.
النقطة الثالثة: أن سياسة الاغتيالات لم تتوقف منذ عقود وشملت كبار قادة التنظيمات الفلسطينية سواء داخل الأراضى الفلسطينية أو خارجها (فتح – حماس – الجهاد – الجبهتين الشعبية والديمقراطية– لجان المقاومة) وبالتالى فإن الاغتيالات جزء لايتجزأ من المبادئ التى تحكم التعامل الإسرائيلى مع التنظيمات الفلسطينية حتى الآن.
النقطة الرابعة: أن السياسة الإسرائيلية تجاه الضفة الغربية لاتختلف كثيراً عن سياساتها تجاه غزة حيث إن الضفة تشهد دائماً عمليات قتل وهدم منازل واعتقال وحصار واقتحام للمدن والمسجد الأقصى ولكنها لاتأخذ نفس الاهتمام الإعلامى الذى تحصل عليه العمليات على غزة.
النقطة الخامسة: لاتوجد هدنة أو تهدئة دائمة وسوف تظل الأوضاع مرشحة للانهيار مادام هناك تجاهل لمعالجة جذور المشكلة. وهنا أتوجه بسؤالين إلى القادة الإسرائيليين الحاليين، الأول ماذا يتوقعون من شعب فلسطينى محتلة أراضيه يفقد يومياً آماله فى أن يعيش فى دولة مستقلة فى رخاء واستقرار مثلما يعيش المواطنون الإسرائيليون؟ والسؤال الثانى ماذا تتوقع إسرائيل من تنظيم فلسطينى يتم اغتيال أهم قياداته وبعضهم يتم اغتياله مع عائلاتهم؟ وفى رأيى أنه من الخطأ الشديد أن تعتقد إسرائيل أن الشعب الفلسطينى سوف يستسلم لسياساتها، أو تعتقد أنها بمفردها من يتحكم فى كل المواقف وتوجهها حيثما تشاء وفى الوقت الذى تريده ولا تكثرث بأى مواقف أخرى إقليمية أو دولية. ومن المؤكد أن العمليات التى انتهت منذ ساعات سوف تتكرر مستقبلاً حيث إننا شاهدنا ست حروب بين إسرائيل وغزة خلال حوالى 14 عاماً وسوف نظل ندور فى نفس الحلقة المفرغة، وبالتالى لابد من التفكير فى كيفية التحرك خلال المرحلة المقبلة من أجل وضع حد لهذه المأساة، وهذا يتطلب ما يلى:
على المستوى الفلسطينى: يجب أن تكون هذه الأحداث مدعاة لإنهاء الانقسام الفلسطينى، وهنا أوجه ندائى إلى قيادات الغرفة المشتركة فى غزة وأقول لهم إذا كنتم قد نجحتم فى توحيد مواقف الفصائل فى مواجهة إسرائيل فإننى أطالبكم بأن تتوحد هذه الكلمة من أجل إنهاء الانقسام مؤكداً أن مصر على استعداد لتحقيق نجاح فى هذا الملف إذا ماتوافرت الإرادة الصادقة كما نجحت فى ملفات التهدئة وتبادل الأسرى وإعادة الإعمار.
على المستوى العربى: لابد أن تبدأ فوراً تحركات عربية بقيادة مصرية وتحت رعاية السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى من أجل استئناف المفاوضات بين الجانبين الإسرائيلى والفلسطينى للتوصل إلى حلول مقبولة للقضية الفلسطينية وبدون ذلك سوف تستمر دوامة العنف وستكون مرشحة للتزايد والإنفجار.
على المستوى الإسرائيلى: ضرورة أن تعيد إسرائيل دراسة نتائج الحروب الست السابقة وتأثيراتها الداخلية وتكلفة استمرار الاحتلال وأن تتجه نحو مفاوضات جادة تطرح خلالها كل رؤاها أما غير ذلك فعليها أن تتحمل مسئولية سياساتها.
على المستوى الدولى: ضرورة أن ينتقل المجتمع الدولى خاصة الولايات المتحدة من التعامل مع القضية الفلسطينية من المنظور الإنسانى الخجول والمطالبة بخفض التصعيد وحماية المدنيين والتأكيد على أمن إسرائيل فقط إلى التعامل السياسى والتحرك التدريجى لتنفيذ مبدأ حل الدولتين الذى تتبناه نظرياً.