- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
محمد ثابت يكتب: المواطن العربي .. أهو المتضرر الأكبر أم سر حراك الأمة؟
محمد ثابت يكتب: المواطن العربي .. أهو المتضرر الأكبر أم سر حراك الأمة؟
- 28 يناير 2024, 12:39:35 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
اثبتت أحداث "طوفان الأقصى" التي بدأت في 22 من ربيع الأول/7 من أكتوبر/تشرين الأول الماضيان أن المواطن العربي حاضرٌ بقوة في المشهد، يود لو يجود بنفسه فداء لأهل غزة ولفلسطين عمومًا وحماية للأقصى، شاهدنا العرب من أقصى الغرب حتى الخليج يعترضونَ متذمرينَ شاعرينَ بأن كل منهم المتضرر الأكبر مما يحدث، يمنعون من الدخول للحرب إلى جوار الأهل في فلسطين المحتلة، يحسدونهم من قدرتهم على الرد أو الصبر، فما قيمة حياتنا ـ كعرب ـ إن لم نشارك في النضال؟!
شاهدنا جماهير بعض مبارايات كرة القدم يملئون المدرجات هتافًا ضد الصهاينة، أذهلنا الجيل الجديد من الصبيان والفتيان والشباب وهم يسئلون عن البضائع الصادرة عن دول مناصرة للكيان الغاصب أو حتى عنه ليقاطعوها، أبصرنا الدموع متلئلئة في عيون النساء يتمنين لو استطعن المساهمة وحماية الرضع والأطفال وشقيقاتهن سواء أمهات أم صغيرات أو غيرهن، أثبت العدوان الصهيوني الهمجي الأخير أن ما يمنع العرب من نصرة أهلهم في قطاع غزة وكامل فلسطين هي الحدود؛ وأنه لولاها لتدفقت الأمة على العدو الضعيف الهش التكوين والجنود مفاجئينهم والغرب، فإن كان الأخير أحسن لربيبته الصهيونية لما حماها بالأسلاك الشائكة والحكام ومحاولة إضعاف الأمة، والأخيرة ما تكشف الأيام بطلانه خاصة كلما شُنّت حرب على فلسطين العزيزة.. فإن الهجوم المباغت من رجال الأمة قد يساهم مع طرق أخرى في دحر هذه الشرورالمتراكمة عبر عشرات السنوات.
لكن السؤال الذي يملء النفوس حسرة واشمئزازًا كلما استعر القصف الصهيوني على البنايات ومن قبلها المستشفيات والمعابد اليوم: لماذا يفعل أغلب الحكام العرب ـ بالتحديد ـ هذا حامين العدو الصهيوني ومانعين الأمة من الرد المشرف؟
أفلا يرون معنا الدماء الأبية المناضلة تسيل من عرب ينتمون للغتهم وبلادهم ومن قبل دينهم؟ أفلا تشمئز نفوسهم لطوفان الدماء الذي لا يرحم امرأة حبلى أو رجلًا مسنًا أو رضيعًا؟ أفلا تثور بطونهم بعد أرواحهم لما يرون الشهداء في الشوارع لا يمكن دفنهم؟ أفلا يستشعرون حرجًا من أي نوع أمام أرواحهم لما يعلمون أن الرضع الذين ولدوا مبكرًا يتوفون لانقطاع الكهرباء التي تعمل بها حضاناتهم؟ أم أنهم لم يعودوا بشرًا مثلنا كي يحسوا أو يشعروا أو يروا أو يبصروا؟
أتى الاحتلال بأولاء وآبائهم ـ في الفعال وأحيانًا النسب ـ إلى كراسي الحكم بدلًا من أن يحتل بلادنا فينفق من خيّرة دماء أبنائه ليبقى فيها، تفتقت أذهان الغزاة عن حيلة أوسع وأقل تكلفة أو شبه منعدمة التكاليف، يختارون أكثر حكامنا من أسوأ الشخصيات المتاحة إليهم، يُنشئون جيلًا على أعينهم، يختارون في النهاية أسوأ وأردأ مَنْ فيه للحكم، يتكرر المشهد بحذافيره، فماذا ننتظر من حكام أتى بهم المحتل الذي يرعى الكيان الغاصب؟
وهل ننسى أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب كان يقول لبعض أولاء إنه لو تخلى عنهم فلن يبقوا فوق كراسيهم لمدة أسبوعين؛ ستزيلهم شعوبهم على الفور، ويُصدقُ قوله إنهم كانوا يدفعون له فورًا ما يريد، ومن جانب آخر فإن نفس أولاء الحكام لا يستطيعون خروجًا عن طاعة أمريكا والكيان الصهيوني لإنهما سبب بقائهم لا الانتخابات أو رضا شعوبهم، فإذا ما نجحت "حماس" وفصائل المقاومة والشعوب العربية في أهدافها فإن أغلب حكامنا يظنون أنهم سيستديرون عليهم لإزالتهم عن عروشهم ولذا فإنهم في قرارة أنفسهم وبأفعالهم الدائمة يريدون استمرار الكيان الغاصب في موقعه واستمرار المأساة الفلسطينية.
إن أغلب حكام العرب يخافون إفاقة شعوبنا، يدرون في قرارة أنفسهم أن تحرير فلسطين بداية أو تتميم لتحرير الوطن العربي، ومن هنا يبقى المواطن العربي "رمانة ميزان" الأحداث في فلسطين وبقاء الصهاينة، فحينما يفيق ستنقلب الطاولة على حكامه وعلى العدو المغتصب، سيتم العصف بالحدود والمسميات والسيادة الواهية وساعتها لن يبقى ظلم في أوطاننا ومنها فلسطين، فصبرًا يا أهالينا في الأراضي المحتلة فإنما نعاني مثلما تعانون وإن كان بدرجة أقل قسوة، لكننا نحترق لمعاناتكم، ويوم نتحرر ستكون أول قراراتنا أن نحرركم، فحتى ذلك اليوم صبرًا آل فلسطين فإن موعدكم الجنة!