- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
محمد ثابت يكتب: لماذا يواصل إعلاميون معارضون للنظام المصري الإخفاق؟
محمد ثابت يكتب: لماذا يواصل إعلاميون معارضون للنظام المصري الإخفاق؟
- 12 يونيو 2023, 4:22:09 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
جاء التدخل الأجنبي سواء أقليميًا أو دوليًا قاصمًا لمحاولة استمرار أول تجربة ديمقراطية مصرية في حكم البلاد، ولم يكن الرئيس الراحل “محمد مرسي” ـ رحمه الله ـ محيطًا بدروس تجربة الرئيس الجنوب افريقي الراحل “نيلسون مانديلا” في مهادنة أذناب الطغاة من محتلين وعنصريين حتى تصل بلاده لبر السلامة بأمان كامل.
ولم تكن المعارضة ممثلة في الجماعة التي زجت به في معترك الحكم مدركة تمامًا للتبعات العملية لتجارب مماثلة عربية مريرة خاصة في الجزائر، وتطورت الأمور لنزع الحكم عنها فلم تلتفت الجماعة نفسها ـ أيضًا ـ لتجربة الراحل “نجم الدين أربكان” التي فدى بها مئات الآلاف من مواطنيه قابلًا السجن لنفسه ومقربيه لسنوات على أن تصير بلاده حمامات دماء ـ لا قدر الله تعالى ـ وبدلًا من التدبر في هذا وذياك والنظر والإمعان في من أين أتت الهزائم راح إعلام المعارضة المصرية يقود السفينة بدلا من الساسة.
التجربة النادرة
وللحقيقة فإن صوت المعارضة لطالما علا إبان حكم الرئيس “مرسي” نفسه، فاستمر بنهج احتجاجي أمام طوفان المعارضة المقابلة من الفلول وغيرهم؛ فيما كان الجنرال الحاكم اليوم يقود بنفسه إعلاميين موالين لإهلاك التجربة النادرة التي جاءت على حين غفلة لأصحابها، فلم يحسنوا التصرف فضلًا عن استغلالها، فضلًا عن تمكين أعدائهم من التحكم بهم للأسف، ففيما كان كل هذا لم يكن الإعلام المصاحب للرئيس مرسي يدرك عمق المنظومة التي تدفع أولاء لتقوض التجربة وتدمر حياة مئات الآلاف من المصريين وتصيبهم الآن بالأمراض والإنهاك، فضلًا عن الاتجاه السلبي لعدد غير قليل من شباب التجربة أو الصغار الذي نشأوا في أجواء محنة شديدة، فكانت النتيجة الآن إلحاد عدد غير قليل منهم بالإضافة لانتشار حب الذات والأنانية والرضى بأي حال ولو كان هوانًا خالصًا من أبناء بعض رموز لم يتلقوا قدرًا كافيًا من التربية من آباء غابوا قسرًا وقهرًا مؤقتًا أو إلى الأبد.
وزارة الإعلام
لم تدرك المعارضة الآن إبان “حكم مرسي” ـ وحتى اليوم ـ إلا أنها ينبغي أن تحاول إصمات معارضيها ولو استخدمت أسلوبهم نفسه من الصراخ الحاد العالي؛ وحتى تولي وزارة الإعلام بـ2012م من جانب أحد كبار مناصري مرسي لم يفد في شيء، غرق الرجل في تفاصيل العمل الإداري؛ وتناسى الإصلاح الحقيقي له بالاهتمام بالإنسان المخلص الصادق بداخله وتنميته، وقد كان للجماعة نفسها نحو 17 من مؤيديها داخل المبنى تم التنكيل بهم وقت وزارة الوزير والعصف بهم بعدها إلا النادر القليل جدًا، فيما غرق الرجل في الصغائر والتغلب على عراقيل متوهمة للأسف، وكان “سيف العلمانيين وما سيقولونه عنه مشهرًا على رقبته” فلا يخافه إذ يشهرونه ويعلو عليه بل إنه لم يكن ليفعل ما “يمكن” أن يثير استياءهم، مما كبّله تمامًا وجعله يستسلم لمنظومة حب البقاء بدلًا من الإصلاح ومتابعته لترك بصمة مناسبة بأول وزير إعلام متخصص خريج للكلية التي تحمل الاسم نفسه منذ إنشاء الوزارة باسم “الإرشاد القومي” في نوفمبر/تشرين الثاني 1952م، وجاء المستشار الإعلامي للرئيس وقتها بالعجائب، تميز الرجل بفوقية ومعاملة للجميع بدونية مفرطة، أجبرت القيادات بماسبيرو على تجميل كلماتها في حضوره ورفض التنفيذ بعد مضيه وانصرافه، ولما سُئِلَ أحد كبار صحافيي الجماعة منذ سنوات قليلة عن أفعال الرجل قال: “إنه ليس خطأ الرئيس مرسي بل خطأ من رشحه له”، وهكذا زخرت المنظومة الإعلامية التي تولت الصدارة بالأخطاء والخطايا الفنية والإدارية المميتة، ثم جاء العصف بالجماعة عبر الرصاص والدبابة كافيًا للتباكي على الدماء وانهيار الديمقراطية ـ رحم الله الجميع ـ وضاع تقييم مثل هؤلاء والوقوف على نتائج أفعالهم المخيبة المريرة للثورة وآمالها وأحلامها، والأمر غيض من فيض، فالمتحدث باسم “حزب الحرية والعدالة” وقت إنشائه وإعلانه كان طبيبًا جراحًا، فما لبث بعد تموز/ يوليو 2013م أن انصرف للتخصص كمذيع يصرخ بضرورة الموت من أجل الثورة، ويشارك منظومة مماثلة تجلس في التكييف في الخارج وتعيش مرفهة، وتشارك لسنوات عجاف أكثر من مؤسفة حرفيًا في دفع المصريين للهلاك، ثم يصرح تصريحًا عجيبًا يكاد ينفرد به ذات مرة بـ2015م من أنه والقيادات كانوا يعرفون أن “فض رابعة” لن يعيد الشرعية، ومن أنه أثناء ازدحام ميدان رابعة العدوية بالمعتصمين وتصعيد خطاب المنصة بالموت والاستعداد للشهادة كان وأمثاله يفاوضون “المجلس العسكري” على فض نصف الميدان طواعية لولا عصف الجنرال بالاتفاق.
النزعات الخاصة
وهكذا استمرت منظومة التداخل بين السياسي والإعلامي والمتخصص الأكاديمي، والتسبب بإهلاك المصريين إبقاء على المصالح والنزعات الخاصة وتكتم كل هذا إلا لكبار الجماعة، فلا احترام لاتجاه العالم كله، لاحترام التخصص، ومَنْ عمل في تخصصه قيده حب البقاء، ورسام كاريكاتور غاب فترات طويلة من عمره خارج البلاد يعين مستشارًا، فيما الطبيب السياسي المذيع لما قبض على ابنيّه في مصر، وهو “نفسه” يوجه المصريين للموت دفع مالًا للمنظومة في مصر ليخرجهم من السجن، أي ارتضى للآخرين ما لم يرتض لنفسه، واستمر في ترديد النغمات نفسها، والعزف على منظومة ضرورة الموت حتى تم منعه مؤخرًا، ولعل الأمر الذي عايناه هنالك وهنا يحتاج إلى تفصيل ومزيد من المرارة لاحقًا، وهي شهادة للتاريخ نسأل الله أن يعين كل مخلص عليها بداية من الإعلام وأن يجازي كاتمها، فمن أين يأتي الإصلاح إذا كنا نعلق الخطايا على غيرنا!
فلما ظهرت الهزيمة السياسية مكتملة الأركان في 3 تموز/يوليو 2013م وبالتالي إغلاق القنوات التي تتبع إعلام الشرعية أو حتى ذات الصبغة الدينية المعروفة، وتم عزل وزير الإعلام لنفسه قبل أن يعزله النظام الجديد، وظهر له ما كان واضحًا لغيره من أن أحد أبرز مساعديه كان من المعارضة الذين ساهموا بقوة في إغراق سفينة قيادته للوزارة وتأليب العاملين بها عليه بتأخير أو عدم النظر بمظالمهم من الأساس وتشويههم عند السيد الوزير وخداعه شخصيًا!
مواقع التواصل
وجاء إعلام الخارج المتلفز والمكتوب والتصميمات والمقاطع المصورة المناسبينِ لمواقع التواصل بالعجائب، فمن خلاف على أسماء بعض تلك القنوات حتى مادة مقدمة تدعو للثورية والعصف بالعسكريين، فيما تتقدم الأيام وتعلو أصوات بإمكانية المبالغة لمواجهة طوفان واقع لا يحبه العاملون بالقنوات، وتم فصلهم عن واقع المعارضين بإغداق أموال عليهم ربما لم تخطر لبعضهم على بال؛ وربما كانت تعوض خسارة آخرين لا صلة لهم بالإعلام من الأساس، فيما كان هذا وذياك يجري كانت أعين خبيرة ماهرة ترقب آراء هؤلاء المعارضين خاصة معارضي الاتجاه الغالب المنعدم المسير السياسي، السائر خلف مجرد أقوال سائرة بعضها إن لم يكن أكثر يسير نحو تبرير واقع لا علاج له، فضلًا عن استحداث إعلاميين ظنهم البعض مهرة لتعويض تعثر الآخرين، وكان المهرة يتقاضون ميزانية منفصلة، ويُمعنون في تزويق الكلمات نفسها.
إنها كلمات تعبر عن واقع مرير ولكن متى كانت الجراح تشفى ما لم يتم تطهيرها؟ ومتى تحسس قوم موضع أقدامهم وهم مستمرون في المسير ولو للخلف؟!