مجدي الحداد يكتب: عندما تكون المعارضة معرقلة

profile
مجدي الحداد كاتب ومحلل سياسي
  • clock 14 أكتوبر 2022, 3:30:39 م
  • eye 841
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

على الرغم من انني لم أتشرف ، كما يسبق لي معرفة شخصية بالشاب المناضل  المعتقل ؛  علاء عبد الفتاح ، إلا أن هذا لا يمنع من الحديث عنه وعن معاناته التي فاقت معاناة نظرائه لأسباب سنذكرها لاحقا . فضلا انه صار  بالفعل رمزا من الرموز الوطنية الشابة النشطة ، والتي سعت بكل جد و إخلاص - و إن كانت الظروف معاكسة - لتحويل مصر إلى بلد يسع الجميع ، ويكون الانتماء فيها على أساس المواطنة وليس أي شيء أخر .
فالسؤال هو إذن ؛ لماذا لم يخرج علاء  ضمن من خرجوا من المعتقلين السياسيين ، ومعتقلي الرأي ؟!
قبل أن نجيب على هذا السؤال ، لا بد من أن نسأل أنفسنا ؛ لماذا تأخرت المطالبة  الجماهيرية الواسعة المنادية برحيل السيسي كل هذا الوقت ، وبعد أن ألحق كل تلك الكوارث بمصر ، كما ورطها في كوارث أخرى تداعياتها مؤجلة إلى حد ما ؛ كاتفاقية المبادئ ، و قروض أساء استخدمها ، و عقود تسليح ليست مصر بحاجة إليها - وحيث تفيض الآن مثلا عدد الطائرات عن عدد الطيارين أنفسهم ؟!
ولا أريد أن أكرر ما صار معلوما بالضرورة الآن لكل كائن حي ، و سواء داخل مصر ، أو خارجها .
وحتى لا أطيل ، فإن تأخر رحيل السيسي - ومنذ لحظة تيران وصنافير مثلا - إنما يعود  في الأساس  لأمراض أصابت قطاع لا بأس به من المعارضة ذاتها ، في الداخل والخارج ،  على السواء - إلا من رحم ربي - و بما كنا نعيب به النظام ذاته . 
و أنا هنا لا أريد ، كما لا أهدف أبدا إلى تنكيء أي جرح ، بقدر ما أسعى إلى تشخيص مرض ، حتى لا يضيع من مصر أكثر مما ضاع - أو ضيعه و فرط فيه السيسي - أو حتى لا تضيع مصر ذاتها . وهنا فأنا أتضامن كليا مع دعوة الأصدقاء المخلصين الذين ينادون ، كما يسعون ، إلى توحيد كل الصفوف ، و من أقصى اليمين لأقصى اليسار . و كل من يحاول أن يفرق بين أي فصيل و أخر ، و في هذا الوقت بالذات ، فإما هو أحمق و تافه ، أو مغرض و خائن . حيث الوطن هو الكيان الوحيد الذي يجب أن يكون عابرا للأيدلوجية ومتخطيها ، أو تنصهر في بوتقته كل الأيدلوجيات ، و بوصفه جامع لكل أبناء الوطن .
ولقد سعى السيسي إذن حثيثا للتجريف الناعم والخشن لهذا الوطن ، وعلى نحو ما عاينا ، كما عانينا جميعا جراء ذلك . ومن ضمن أخطر ما سعى إلى تجريفه هو القضاء قضاءً مبرما - بطريقة ناعمة أو خشنة ، أو الاثنين معا - على كل شخص في مصر يرى أنه منافسا حقيقيا ، أو حتى محتملا ، على رئاسته في مصر . و القائمة هنا طويلة و معروفة ، مما سيعفيني من ذكرها .


فهل عندما نرى إذن سلوك الحاكم تجاه أي منافس حتى محتمل له هو هكذا ، و كان بيننا من هو مؤهل لذلك في مصر  ، ويقيم في مصر ، فهل نعلن عنه ، أو نتكتم أمره  و إلى حين أن تأتي اللحظة المناسبة في انتخابات حرة نزيهة حقيقية بين أكثر من مرشح ، ووقتها نعلن عنه و ندفع به ، و ندعمه - و أي ان كان الأسم ، أو المسمى؟!


لذا أرى ، و من وقت أن صرح د. ممدوح حمزة في أحد منشوراته  بأنه يرى أن الشاب علاء عبد الفتاح هو الرئيس  القادم لمصر - ربما تشبيها له بنيلسون مانديلا ، مع أن الظرف التاريخي في كل بلد من البلدان له خصوصيته ، و مينفعش أخده " كوبي بست " و أطبقه في مصر مثلا ! - و التنكيل به ، و حتى محاولة إذلاله ، و حتى زواره من أسرته الكريمة لم تنقطع يوما ، للدرجة التي دفعته حتى للانتحار ، و دخل بعد ذلك في إضراب  طويل عن الطعام ...؟!
لذا فقد صار كل منافس محتمل للسيسي مماثل للذكور الذي أراد أن يتخلص منهم فرعون عندما علم أن عرشه سيطاح به على يد أحدهم . و حدثنا القصص القرآني بعدئذ كيف تصرفت  أم سيدنا موسى عليه السلام  مع رضيعها  حتى لا يقتله فرعون ، أفلم يكن أجدر بنا إذن أن نفكر في إنقاذ علاء ، مستلهمين فكرة أم سيدنا موسى عليه السلام - ومن غير أن نلقي به في اليم طبعا -  بدلا من أن نسلمه تسليم أهالي لسلطة غاشمة و غشيمة - وعلى حد قول جمال الجمل - وبحسن نية ، ومن غير أن نقصد طبعا!
و قد يتساءل البعض كيف تترك بريطانيا - أحد مواطنيها - عرضة للموت هكذا ، و خاصة بعد أن اكتسب جنسيتها ؟!
النظم الإمبراطورية البارجماتية تنظر إلى مصلحتها ، و كم و نوع المكاسب الذي يمكن أن تحصل عليها ، من خلال المفاضلة بين عدة خيارات .
يعني مثلا ؛ ماذا يمكن أن تحصل بريطانيا من علاء و أسرته - حتى لو تحولت فجأة كل " بوستات " شقيقته ؛ منى ، من العربية  للانجليزية على وسائل التواصل - حتى وبعد أن منحته جنسيتها ،  مقابل ما يمكن أن يقدمه السيسي - هل يتذكر أحد صفقة اليمامة في ثمانينات القرن الماضي التي أبُرمت مع السعودية ؛ يبقى طز في خاشوقجي ، و 1000 زي خاشوقجي ، واللي جابوا خاشوقجي كمان ؟!
لو أفترضنا مثلا أن الأسرة يمكن أن تستثمر مبلغ مليون جنيه استرليني في بريطانيا ، أو أن تضعه كوديعة في أحد بنوكها ، بينما السيسي يمكن أن يعقد صفقة سلاح - وبأكثر من قيمته الحقيقية أو الفعلية ، والسلاح نفسه متقادم ، وربما خرج من الخدمة ، و كانت الهند ستتعاقد على شراءه خردة مثلا - و أن قيمة تلك الصفقة لا تقل مثلا عن مليار دولار - وقيمته الحقيقة كخردة قد لا تزيد عن 100 مليون - فلو بريطانيا  بتفاضل ، وبطريقة بارجماتية ، بين الخيارين  ؛ فأيهما تختار ؟!
لأ .. يبقى في السجن طبعا ، ولكن نبعت له الكونصل  بتاعنا علشان نبين للعالم إننا بنهتم برعايانا !


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)