- ℃ 11 تركيا
- 25 نوفمبر 2024
محمد حامد أبوورد يكتب: جنين خزان الثورة الذي لا ينضب
محمد حامد أبوورد يكتب: جنين خزان الثورة الذي لا ينضب
- 5 يوليو 2023, 4:39:37 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
في ساعات فجر يوم الاثنين الثالث من يوليو/ تموز 2023 حشد العدو جيشه ودفع بآلياته ومدرعاته على تخوم مخيم جنين وبدأ عمليته التي أطلق عليها " المنزل والحديقة" ، وطائراته الحربية والاستخبارية لا تفارق سماء المخيم ، دوت انفجارات عنيفة هزت أركان المخيم ناتجة عن قصف من طائراته الحربية ، سقط فيها العديد من الشهداء وعشرات الجرحى ، وذلك ليمهد الطريق أمام قواته البرية بالدخول إلى المخيم ، وما إن بدأت عملية الاجتياح حتى لاقى مقاومة شرسة وقتالا صلبا ، زخات رصاص المجاهدين تحيط به من كل مكان والعبوات المتفجرة تنسف آلياته ومدرعاته ، وجنوده تتصايدهم كمائن الموت الذي أعدته سرايا القدس مع قوى المقاومة ، إنها لوحات عز ونصر وفخار رسمتها جنين بمقاتليها الأبطال وصمود شعبها الأبي ..
على أعتاب مخيم جنين ، هذا المخيم الصغير ، مخيم الثورة والثوار ، ذاق الإسرائيلي كأس الموت الزؤام ، وانسحب يجر معه أذيال الخزي و الهزيمة بعد عدوان استمر ل 48 ساعة ، لم يستطع فيها أن يتوغل في عمق وقلب المخيم النابض بالثورة والمقاومة ، 48 ساعة أربكت جيش الإحتلال وقلبت موازينه ، و كانت المقاومة له بالمرصاد ، بجميع أذرعها وتشكيلاتها العسكرية قاتلت كتفا بكتف وكانوا على قلب رجل واحد وعلى رأسها كتيبة جنين _ سرايا القدس التي كانت صاحبة اليد العليا والكلمة الفصل في الميدان ، استطاعوا يإمكاناتهم البسيطة وأسلحتهم الخفيفة أن يواجهوا جيشا مدججا بالأسلحة الثقيلة والمتطورة ، جيشا يزعم أنه لا يُقهر لكنه قُهر على أعتاب جنين ، على أيدي نفرٍ قليل وثلةٍ مؤمنة من المجاهدين الصادقين الذين بذلوا أرواحهم ومهجهم للدفاع عن شعبهم ووطنهم ، صدقوا الله فصدقهم الله وأيدهم بنصره وعزه وأذل عدوهم ، لقد أعدت المقاومة نفسها جيدا لهذه المواجهة وأدارت المعركة بكل حكمة واقتدار ، وفق تخطيط وتكتيك محكم وأداء قتالي منقطع النظير ..
لم يصدق الإسرائيلي ما حدث وكأنه في كابوس لم يفق منه ، حتى قالت وسائل إعلامه "بأسلحة خفيفة وعدد لا يتجاوز ال 300 مسلح وقنابل محلية الصنع واجهت بها الفصائل في جنين أفضل الجنود المدربين لدى المنظومة العسكرية بألفي جندي و30 طائرة مسيرة و 5 طائرات أباتشي ودبابات وجرافات و 300 جيب عسكري مصفح ولم نستطع دخول قلب المخيم حتى الآن بعد مرور 48 ساعة على الحرب...الأوساط الإسرائيلية تشعر أن الحرب بين اسرائيل ودولة أخرى وليست كتائب مسلحة صغيرة ، ما يفعله الشبان في جنين أمرا غير طبيعي "
وهذا جعل رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي يعترف بالفشل في الوصول إلى المقاتلين في مخيم جنين وقال " إن الجيش سيلاحقهم في كل مكان "
أراد العدو باقتحام مخيم جنين أن يقضي على المقاومة المتنامية فيها ، وأن يستأصلها من جذورها ويدمر بنيتها التحتية لأنها أصبحت تشكل خطراً كبيرا عليه يتهدده ويؤرق مضجعه ، لكنها جنين خزان الثورة الذي لا ينضب ، وروح المقاومة التي لا تضعف ولا تلين ، فمهما حاول العدو لن يستطيع أن يوقف المد المتصاعد للمقاومة في الضفة الغربية ، فهي ماضية بتطوير أدائها وقدراتها ، لأن القرار قد اتخذ داخل أروقة محور المقاومة " يجب تسليح الضفة الغربية وإعادة روح المقاومة فيها " ، لقد بُذلت دماء وأرواح وسقط خيرة قادة المقاومة ومجاهديها في سبيل تفعيل العمل المقاوم في الضفة الغربية ، و قادت حركة الجهاد الإسلامي هذا العمل وتصدرت باقتدار مُقدمة بذلك الغالي والنفيس .
لقد حاول رئيس وزراء الإحتلال بنيامين نتنياهو أن يتفاخر بأنه سیحقق أهداف هذه العملية وأن غزة مردوعة وإذ بجنين تصفعه صفعة مؤلمة وإذ بغزة توقع ختم الانتصار بتوقيت ذكي برشقة صاروخية تجاه مستوطنات غلاف غزة ، لتخبره غزة أنها ليست مردوعة بل كانت تراقب الوضع عن كثب ، وقادرة على التدخل وفتح مواجهة كبرى لمساندة جنين في حال تجاوز العدو خطوطه الحمراء وأوغل في عدوانه وإجرامه ، لكن مقاتلي كتيبة جنين في سرايا القدس ومعها قوى المقاومة تصدوا لهذا العدوان وأفشلوا مخططات العدو وردوه على أعقابه خائبا خاسئا لم ينل شيئا ، { وَرَدَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُواْ خَيْرًا ۚ وَكَفَى ٱللَّهُ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱلْقِتَالَ ۚ وَكَانَ ٱللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا }
خلاصة القول :
بعد هذه الهزيمة النكراء التي مُني بها العدو ، والأداء المشرف للمقاومة على أرض جنين يتوجب على المقاتلين أكثر من أي وقت مضى أن يأخذوا أقصى درجات الحيطة والحذر ، لأن العدو لن يمرر ما حدث ولن يتجرعه ، بل سيعيد الكرة مرة و مرتين ويباغت المقاومة بضربات قوية يستعيد فيها صورة ردعه المتآكلة التي داستها أقدام مقاتلي جنين ، ونسفتها تحت أزيز زخات الرصاص والعبوات المتفجرة .