- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
محمد دوير يكتب : بلقنة المنطقة ام خلجنة إثيوبيا
محمد دوير يكتب : بلقنة المنطقة ام خلجنة إثيوبيا
- 10 مايو 2021, 9:52:26 م
- 742
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
السد الأثيوبي : بلقنة المنطقة أم خلجنة أثيوبيا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحقائق الموضوعية حتي اللحظة الحالية تشير جميعها الي أن جميع الاطراف غير قادرة علي التوصل لحل مناسب.فالمبعوث الأمريكي في زيارته الأخيرة لمصر والسودان تحدث معهما عن بحث اتفاق جزئي عن الملء الثاني.. ولكن مصر والسودان رفضتا الفكرة علي اعتبار ضرورة وضع اتفاق شامل.رئيس الكونغو أيضا في زياته الأخيرة للسودان ومصر طرح نفس المقترح الامريكي، وكان الرد عليه : أن مصر لن تقبل بالملء الثاني، ولن تتراجع عن اتفاق شامل.
سيناريوهات مصر الآن واضحة : اتفاق شامل يتضمن كافة محاور الموضوع.. 1- عدم المساس بحصة مصر التاريخية ..2- قواعد الملء وشروطه الفنية ..3- عدم تحكم أثويبيا في تسيير المياه في مجراها الطبيعي .. 4- الاقرار بحق أثيوبيا في التنمية بشرط عدم الاضرار بالغير.
ولكن سيناريوهات أثيوبيا مختلفة جذريا .. وتتضمن 1- لا إملاءات أو شروط علينا ..2- ليس لمصر أو السودان أية حقوق تاريخية .. 3- النهر بحيرة أثيوبية ..4- لا لتدخلات المجتمع الدولي سواء لجنة رباعية أو مجلس الأمن، والمسموح له بالتدخل فقط هو الاتحاد الأفريقي .
ماذا تفعل أثيوبيا الأن ؟
1- بدات أمس في " صب " الممر الأوسط من السد، وهو الذي سيؤهل أثيوبيا للملء الثاني..
2- شكلت لجان للدفاع الشعبي وتقوم بتدريبهم الأن في مقر قوات حفظ السلام عندها ( حتي الآن انضم اليها حوالي عشرة آلاف شخص )
3- طرحت مبادرة جديدة فحواها دعوة كل دول حوض النيل لمناقشة موضوع حقوق مصر التاريخية، لأن الاتفاقيات السابقة أصبحت غير ملزمة وخاصة بعد اتفاق عنتيبي الذي لم تحضره مصر ولا السودان ولم يعترفا به.
ماذا تفعل مصر الآن ؟
1- الموقف المصري لا يمتلك خيارات كثيرة، فهو متمسك بما سبق أن طرحه عدة مرات علي مبعوثين كثيرين، وعلي الاتحاد الأفريقي نفسه ، بأن حصة مصر لن تنقص ، وعلي أثيوبيا أن تدير ملف التنمية الخاص بها بعيدا عن ضمان وصول تلك الحصة ( 55 مليار ) سنويا بشكل طبيعي.
2- حاولت الدبلوماسية المصرية طرق جميع الأبواب من أجل ذلك الهدف، فاستدعت أطرافا متعددة لمحاولة إلزام أثيوبيا بالتفاوض حول نقاط محددة – سبق ذكرها –
3- كما قلنا أمام مصر خيارين، الأول التوصل لحل عبر التفاوض، وفرص ذلك الخيار تتضاءل يوميا، أو تنفيذ ما أشارت إليه وهو ضربة عسكرية للسد، وهو أمر محفوف بالكثير من المخاطر والنتائج المحتملة.
كيف ..؟؟
هناك تقارير تتحدث عن أن هناك مخطط لجرّ مصر الي منطقة الصراع في القرن الأفريقي، بحيث تدخل إليه ولا تخرج منه ..وهناك تقارير أخري تتحدث عن الأطماع الصه – يو – نية في مياه النيل ، وثمة تقارير تتحدث عن استهداف بلقنة المنطقة..الخ بمعني أن فكرة الضربة العسكرية نفسها عملية سهلة جدا علي الجيش المصري، ولكن يكمن الإشكال فيما بعد توجيه ضربة من هذا النوع .. كيف ستسير السياسة ؟ وأي موقف ستتخذه القوي الدولية والاقليمية ؟ وهل الضربة العسكرية المصرية سيعترف بها العالم بوصفها دفاع عن النفس، أم هجوم عسكري علي دولة ؟ وبناء علي ذلك التوصيف ستدخل مصر في مناورات دبلوماسية عديدة.
.. إن المواقف المرتبكة في السياسة الخارجية ، تجعل الاحتمالات أكبر من التوقعات، وتفتح ثغرات كثيرة لم يكن أحد يتوقعها، وفي اعتقادي أن تحولا مهما وخطيرا سوف يحدث عشية توجيه أي ضربة عسكرية، وعلي مصر أن تكون مستعدة لكافة الاحتمالات – التي لا أريد أن استبقها هنا بالحديث عنها –
يبقي السؤال :
بحسابات المنطق، فإن حصة كل من مصر والسودان من النيل الأزرق 49 مليار متر مكعب، في مقابل ما يعادل حوالي 900 مليار متر مكعب مياه تسقط علي اثيوبيا سنويا.. فهل تلك الحصة توقف عجلة التنمية الاثيوبية ؟ في تقديري أن الأمر لا يخلو من حسابات السياسة، فالتفسير الاقتصادي التنموي غير كاف لفهم المنهج والمسار الأثيوبي، وأخشي أن نكون أمام ثنائية مرتبطة بعضها ببعض، وهي " بلقنة المنطقة وخلجنة اثيوبيا ".. وفي ظني أن أثيوبيا وقوي أخري تدفع مصر باتجاه ضربة عسكرية ، وفي ظني أيضا أن ثمة سيناريوهات معدة سلفا حال الاقدام علي تلك الخطوة..فما العمل ؟ صدقوني.. أنا لا أدري .. فجميع الخيارات لها نتائج صعبة.. وأتمني علي الجميع بلاش مقارنات مع نماذج أخري حدثت في التاريخ المعاصر أو الحديث، فالأمر هنا يختلف تماما عن كل ما سبق في السياسة الخارجية المصرية.. فنحن في صراع حقيقي مع جبل ثلج، الغاطس منه تحت المياه أكبر بكثير مما يبدو علي السطح، وأثيوبيا لا تعبر سوي عن الجانب التنموي في الموضوع برمته.. ولقضية السد جوانب أخري كثيرة للأسف الشديد.