- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
محمد عايش يكتب: فضيحة «العطارات» في الأردن.. ما الذي يجري؟
محمد عايش يكتب: فضيحة «العطارات» في الأردن.. ما الذي يجري؟
- 11 يوليو 2023, 4:17:43 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
فضيحة جديدة تشغل الأردنيين هذه الأيام وتتعلق بمحطة لإنتاج الكهرباء يُطلق عليها اسم «العطارات»، وهي محطة كهرباء لم تنتج شيئاً حتى الآن، رغم أنها كبدت الأردنيين تكاليف حتى الآن بلغت 2.1 مليار دولار، وهذه التكاليف تبين أنها مديونية لصالح الصين، اضطرت الحكومة إلى اللجوء لتحكيم دولي بعد أن اكتشفت الحكومة أنها تغرق في ديون لا فائدة منها.
ابتداءً من المفيد الإشارة إلى أن الـ2.1 مليار دولار تشكل مبلغاً كبيراً نسبياً بالنسبة لاقتصاد الأردن، إذ أن الموازنة العامة كاملة للبلاد بلغت العام الماضي 11.4 مليار دينار (16 مليار دولار)، هذا فضلاً عن أن تقرير «أسوشيتد برس» الذي كشف قصة «العطارات» قبل أيام قال إن على الأردن أن يدفع 8.4 مليار دولار للصين، خلال الثلاثين عاماً المقبلة بسبب هذه المحطة، وهذا يعني أنها ستكبد الأردنيين ديوناً طويلة الأجل إلى جانب التكاليف التي تم دفعها بالفعل طوال السنوات الماضية لتشييد هذه المحطة.
اتفاقيات لا تخلو من شبهة فساد، ويتوجب التحقيق فيها والتأكد مما إذا كانت مجدية اقتصادياً أم لا، ولو تبين أنها غير مجدية اقتصادياً فالأجدر محاسبة من وقفوا وراءها
قصة محطة «العطارات» غريبة وعجيبة، إذ أنها محطة لتوليد الطاقة الكهربائية من «الزيت الصخري»، وهنا تكمن الحكاية الأساس إذ أن هذا النوع من الوقود مرتفع التكلفة أصلاً، وهو ممنوع من الاستخراج في أوروبا لأسباب عديدة تتعلق بالبيئة والتكلفة وغير ذلك، أما في الولايات المتحدة فيتم إنتاجه بالفعل ولكن في نطاق محدود، كما أنه لا يتم إنتاجه بشكل متواصل لأن جدواه الاقتصادية تنعدم عندما تنخفض أسعار النفط التقليدي إلى مستويات معينة، ولذلك فإن إبرام عقود طويلة الأجل لإنتاج الكهرباء من هذه المادة تعني بالضرورة تكبيل أنفسنا بأسعار مرتفعة للطاقة. فضيحة «العطارات» ليست بعيدة ولا مفصولة عن «اتفاقية الغاز المشؤومة» التي أبرمها الأردن مع إسرائيل عام 2016، ودخلت حيز التنفيذ بالفعل مع بداية عام 2020، وهي اتفاقية تُكبل الأردنيين بالغاز الإسرائيلي لمدة 15 عاماً، وبموجبها سيدفع الأردن لدولة الاحتلال الإسرائيلي مليار دولار سنوياً ثمناً للغاز الذي سرقه المحتلون من أرض فلسطين. على المستوى الاقتصادي والمصلحي البحت، ليست المشكلة في أنّ الغاز الاسرائيلي مسروق من أرض محتلة، وتعترف كل القوانين الدولية أنها محتلة، وإنما على الصعيد المصلحي البحت، فإن المصيبة أن الأردن يشتري الغاز من إسرائيل بأعلى من أسعاره العالمية وليس أقل، وهذا يعني بالضرورة أن كل السلع والخدمات التي يدخل هذا الغاز في إنتاجها سترتفع أسعارها، بل ستباع في الأردن بأعلى من أسعارها في الدول الأخرى. بوضع قضية «العطارات» التي بدأت في الفترة من 2012 إلى 2014، إلى جانب اتفاقية الغاز التي أبرمت في 2016، فإننا نفهم بشكل واضح أسباب وملابسات الارتفاع الحاد في أسعار الكهرباء في الأردن، فخلال عام 2018 وحده قامت الحكومة برفع الأسعار خمس مرات، ومع نهاية عام 2019 كانت أسعار الكهرباء قد ارتفعت بنسبة 200% أي أنها أصبحت ضعفي ما كانت عليه عام 2017.. ما حدث هو أن الحكومة الأردنية كانت تريد تغطية الارتفاع الكبير في تكلفة إنتاج الكهرباء، الذي نتج عن اتفاقيتين بالغتي الغرابة، الأولى هي محطة «العطارات» وكان المستفيد منها الصين، والثانية هي اتفاقية الغاز والمستفيد منها هو إسرائيل! والسؤال الأهم الذي يجب البحث له عن جواب هو من الذي يقف وراء هذه الاتفاقيات أو الورطات؟ وكيف يتم تمرير مثل هذه الاتفاقيات؟ وكيف أصبح الأردن يسدد فاتورة سنوية لإسرائيل بقيمة مليار دولار؟ وفاتورة أخرى للصين بقيمة غير معلومة حتى الآن كون القضية أصبحت موضوعاً لتحكيم دولي حالياً؟ فضلاً عن مديونية عامة ضخمة بعشرات المليارات؟
والخلاصة أن هذه اتفاقيات لا تخلو من شبهة فساد، ويتوجب التحقيق فيها والتأكد مما إذا كانت مجدية اقتصادياً أم لا، ولو تبين أنها غير مجدية اقتصادياً فالأجدر محاسبة من وقفوا وراءها ودبروها ووقعوا عليها، لأنها تشكل اعتداء على أموال الأردنيين وتهديداً لأمنهم الاقتصادي والمعيشي.