- ℃ 11 تركيا
- 22 ديسمبر 2024
محمد عبد المجيد يكتب فيلم (المترجمة) وشحنات الغضب!
محمد عبد المجيد يكتب فيلم (المترجمة) وشحنات الغضب!
- 18 مايو 2021, 9:44:32 ص
- 829
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
شاهدت للمرة الثانية فيلم(المترجمة) لنيكول كيدمان وشين بن، وهو فيلم يستحق التأمل والخروج منه برسائل كثيرة، خاصة عن السلطة المطلقة.
في المرة الأولى كان مبارك يحكم مصر وكدت أراه في الفيلم وهو يطلق الوعود قبل أن يتحول إلى حاكم مطلق، ثم لص، ثم ديكتاتور، ثم سجّان للأبرياء ومعذب لأبناء شعبه لثلاثين عاما.
في المرة الثانية يحكم مصرَ السيسي الرجل الذي استجاب لملايين المصريين الغاضبين على حُكم الدراويش والاخوان والسلفيين والمحتالين والمزايدين والطالبانيين المصريين،
فلما تمكن من كُرسي العرش، ووجد أن الحُكم أسهل من إشعال عود ثقاب، وأن السلطة المطلقة تأتيه قبل أن يقوم من مكانه؛ تحول إلى شرس، ومفترس،
وجعلت الجماهير جهلــَــه عبقريةً، فباع خيرات الوطن، وتنازل عن جزيرتين استراتيجيتين، ووقّع على التفريط في نهر النيل بالسماح لإثيوبيا ببناء سدّ النهضة،
ولما أصبحت سلطته المطلقة إلهية اقترض وأرهق خزينة الوطن وطلب من المصريين أن لا يستمعوا لأحد غيره.
ثم أقنعه العبيد أنه لا يقل عن الله قوة وعظمة فجعلوا له مسجدا كالحرم الشريف وأسموه(مسجد الفتاح العليم) ليلتصق اسمه بالألوهية توطئة لمنافسة رب العزة، جل جلاله!
في فيلم(المترجمة) كان هناك ديكتاتور مثل مبارك والسيسي في إحدى دول أفريقيا. كان يداعب أحلام الجماهير، ويتحدث عن العدالة، ووضع كتابا عن مدينته الفاضلة،
فلما تمكّن من السلطة المطلقة تحوّل إلى ملك الغابة المفترس، فكان يقتل معارضيه كما يهش على ذباب هام حول نافذته أو طعامه.
وما تزال الجماهير تمتدح في الاثنين: المجرم اللص الذي عذبهم لثلاثين عاما؛ والديكتاتور الذي احتقرهم وداس على رؤوسهم وفتح لهم سجونا أكثر من المستشفيات!
تأثرت كثيرا بالفيلم كأنني أستمع لأغنية اليونانية فيكي لياندروس التي غنتها إبان الحُكم العسكري في اليونان في نهاية الستينيات(دع شعبي يمر)!
تأثرت كأنني أشاهد للمرة الثانية فيلم(زد) لجان لوي ترنتينيان عن غضب اليونانيين ضد الفساد والظلم.
تأثرت كأنني أستمع أول مرة لأغنية( إذا كنت تكره الجيش البريطاني فصفّق بيديك) التي كانت صرخة الغضب الإيرلندي ضد العسكر البريطانيين في إيرلندا الشمالية.
تأثرت كأنني أستمع بعقلي وقلبي لشباب ثورة 25 يناير في ميدان التحرير وهم يغنون ويعزفون للمجرم الحرامي قبل خلعه( هو يمشي.. إحنا نمشي)!
تأثرت كأنني أقرأ للمرة الأولى قصيدة المأمون أبي شوشة عن نضال شعب الكونغو بقيادة باتريس لومومبا( في قصرك المعمور بالخيرات يا ملكي كلاب،
ولأنها في عز مُلكك لا تثور، الأغبياء الأدعياء المجرمون يهللون إن الرعية حُرة والشعب جبار عنيد...)!
فيلم(المترجمة) يحمل للأحرار سبعين رسالة أخلاقية ونضالية، ويرفع من شأن الفن السابع، ففي كل عصر ديكتاتور، وفي كل عصر سبارتاكوس.
محمد عبد المجيد