- ℃ 11 تركيا
- 23 نوفمبر 2024
محمد قدري حلاوة يكتب : وحيدا تقف هناك
محمد قدري حلاوة يكتب : وحيدا تقف هناك
- 12 يوليو 2021, 7:00:21 م
- 603
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
وحيدا تقف هناك.. منذ بواكير الصباح الأولى ترفع العلم.. لعل أحدا من السادة الكبراء الجالسين على المقاعد الوثيرة في "مجلس الأمن" يستمع إلى صرخاتك _ ومنذ متى حصلنا على الحقوق من مجلس الأمن؟ _.. صوتك ضائع وسط الحشد المضاد الذي لا يكل عن الهتاف ملوحا بأعلامه.. لعلهم يهتفون باللغة "الإنجليزية"؟. . "الأمهرية"؟ .. بالتأكيد هم الكثرة.. كل هذا لا يهم.. لا تتوقف عن الصياح.. إنه النيل يا سادة يا كرام .. لا يهم من أين ينبع ولا أين يصب..عندما شق مجراه هنا.. ولدت الحضارة.. عرفت الإنسانية خطاها.. هل في هذا الحديث "شيفونية"؟.. ربما لكن فيه من الحقيقة مالا يخالطه الريب..
وحيدا تقف هناك.. لم تأت بك طائرة خاصة بحثا عن صفقة سياسية أو مغنما إقتصاديا.. لم تصل في حافلة فاخرة أو تحصل على وجبة شهية..لم تنضم لحشد مؤيد أو معارض.. لست مع فرد أو ضده..لا تفكر أنه لا أحد أهتم بتظيم الحشد والتأثير في هكذا قضية بالغة الخطورة.. ..لا تخضع لتوجيه هيئة سياسية أو دينية.. لست ضمن طائفة أو جماعة..لا تهتم بفحيح إعلامي ولاتبالي بوصف ما حدث نصرا أو هزيمة دبلوماسية.. لست تابعا لديناصور من وحوش رجال الأعمال.. لم تؤثر فيك "الغربة" وتلعن الوطن وتمحوه من الذاكرة في بلاد المهجر.. أنت فقط إبن " النيل"..نبت الوطن.. ولتذهب السياسة إلى الجحيم..
وحيدا تقف هناك..لا تبال بأقوال فنيين ولا سياسين ولا عسكريين عن الحلول.. ولا عن إمكانيتها أو عواقبها.. ما يهمك فقط أن يظل النيل يجري.. لعلك تتذكر لحظاتك وأنت تسير علي ضفته...خلود إنعكاس الشمس على صفحته..باعة " الترمس" و " الذرة" و " البطاطا " على "الكورنيش" .. قصة حب قديمة عشتها هناك على رجع خرير أمواجه الناعمة..مراكب العشاق وصبر الصيادين.. هو في قلبك وأنت بعيد.. في دمك وأنت وحيد.. في لونك وأنت في الزحام.. في ملامحك وأنت غريب.. هو أنت..
وحيدا تقف هناك..تتذكر صوت "عبد الوهاب" وهو يشدو :"
" شابت على ارضه الليالي..
وضيعت عمرها الجبال..
ولم يزل ينشدُ الديار..
ويسأل الليل والنهار..
والناس في حبه سكارى..
هاموا على شطه الرحيبِ..
آآآآآآآهٍ على سرك الرهيب..
وموجك التائه الغريب..
يانيل يا ساحر الغيوم.."..
قدماك تؤلمك من طول وقوف.. صوتك بح من الصياح .. روحك منهكة من فرادتها وصقيع الوحدة .. لأنك مع الوطن.. والوطن فقط.. لذلك أنت وحيدا.. وستظل وحيدا.. فسلاما لك وعليك ومن حولك.. والتحيات والتقدير والمحبة..
( تعقيبا على صورة لمواطن مصري ظهر وحيدا أمام حشود أثيوبية أمام مقر مجلس الأمن.. وتذكيرا بحشود مصرية مؤيدة ومعارضة ظهرت في مناسبات سابقة في زيارات رؤساء مصر ومسئوليها منذ عصر السادات)..