محند أمقران عبدلي يكتب: الجيش الجزائري ومسارات الانفتاح والاحتراف

profile
محند امقران مدير مكتب شمال إفريقيا لموقع 180 تحقيقات
  • clock 10 نوفمبر 2024, 9:36:43 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

تمثل المناسبات الوطنية من أعياد و أيام وطنية فرصة للدول للتذكير بأمجادها الثورية و الوطنية و بطرق مختلفة .تبقى الاستعراضات العسكرية من أبرزها لما تمثله من رمزية الحضور للمؤسسات السيادية ،و لما تجلبه من فضول شعبي و إعلامي و ماتحمله من تأثيرات إيجابية على الدول الصديقة و الحليفة و تأثيرات أخرى ردعية على الدول المتربصة أو التي تبدو علاقاتها متأزمة .


تمثل الجزائر حالة مهمة في التحليل الاستراتيجي ، فمنذ سنوات قليلة فقط ،أصبحت الاستعراضات العسكرية بمناسبة ذكرى اندلاع الثورة المجيدة فرصة للمؤسسة العسكرية عامة و قوات الجيش الوطني الشعبي لإبراز قدراته و استعداداته و حجم التطور التقني خاصة الذي وصل إليه .
عادت الاستعراضات العسكرية بمناسبة الاحتفالات بالفاتح نوفمبر ،بعد سنوات من الغياب ، و بعيدا عن المظاهر الاحتفالية ،فلمثل هذه الاستعراضات رمزيات و أهداف أمنية و استراتيجية و سياسية بالنسبة للداخل و الخارج . 
 

المؤسسة العسكرية في الجزائر و مسار التميز و الانفتاح :  دأبت المؤسسة العسكرية في الجزائر منذ أزيد من عقد على عملية تحديث مستدامة في هياكلها ، تميزت بالتوجه نحو التثمين الداخلي و التواجد الخارجي . على المستوى الداخلي يشكل التكوين و التوجيه عماد هذا التوجه ،الذي سمح بتثمين الكفاءات العسكرية و التقنية و شبه المدنية التابعة للمؤسسة العسكرية ، هذا التوجه سمح للمؤسسة بإعتماد  سياسة إعلامية حديثة على مستوى الخطاب الاعلامي للمؤسسة و على مستوى تنويع المقاربة الاعلامية للمؤسسة العسكرية من إعلامية عامة إلى إعلامية متخصصة ، فبرزت إنتاجات إعلامية بتقنيات و مؤثرات حديثة ، و تنوعت المجلات ،لعل من أبرزها مجلة الجيش الشهرية الناطقة بالعربية و الفرنسية و تميزت البوابة الإعلامية بتحديث ملفت للانتباه و تفتح على المكتسبات و اللغات الوطنية .
 

إضافة إلى التوجه نحو تغطية موضوعات مهمة على مستوى النقاش الوطني و البحث العلمي و الأكاديمي كالأمن الغذائي ،و هذا دليل على أهمية الرصد و الاستشراف الذي أصبح يحظى باهتمام متزايد داخل هياكل و مديريات المؤسسة العسكرية.
 

وعلى مستوى التواجد الميداني ، أصبح تواجد المؤسسة العسكرية ملفت للانتباه في التظاهرات و المحافل الوطنية و الدولية ، كمعرض الإنتاج الوطني و المعرض الدولي للكتاب بالجزائر ، وعلى مستوى التدخل الاستعجالي أثناء الأزمات الوبائية و البيئية كموجة الحرائق التي أصابت الجزائر و تسيير أزمة كورونا .
لقد أصبحت المؤسسة العسكرية بهذا أكثر تفتحا على الجماهير و أكثر تواجدا على المستويات الميدانية و المدنية .
 

هذا الانفتاح ،خلق اهتماما متزايدا حول المؤسسة العسكرية من لدن الكفاءات الوطنية و المؤسسات الرسمية و العكس صحيح بحيث أصبحت كفاءات المؤسسة العسكرية و خبرتها مطلوبة على أكثر من صعيد . 
 

وأصبحت المدارس العسكرية إبتداءا من مدارس أشبال الأمة تستقطب إهتماما متزايدا من طرف أولياء التلاميذ النجباء و المتفوقين في الإمتحانات الرسمية ،نظرا لنوعية التكوين و التحصيل العلمي المتكامل في هذه المدارس.
 

كل هذه الأسباب ساهمت في بناء مؤسسة متكاملة و مرتبطة أكثر فأكثر بسياقها و محيطها الداخلي ،مستوعبة دورها على المستوى الإقليمي .
قد يعكس المستوى الداخلي و الالتفاف الشعبي و التواجد الميداني ،مكانة المؤسسة أيا كانت على المستوى الخارجي ، الأسباب السالفة الذكر كان لها أثر بالغ في رسم صورة المؤسسة العسكرية الجزائرية على المستوى الإقليمي و العالمي . 
 

إن إقبال الطلبة الضباط من القارة الأفريقية على المدارس العسكرية الجزائرية، و المراتب المشرفة للكفاءات العسكرية الجزائرية في المحافل الدولية ، قد أعطى صورة مقبولة و محترمة جدا لمجمل الجهود التي سمحت للمؤسسة العسكرية التواجد الجاد و الصارم . العالم كله يشهد لهذه المؤسسة بخبرتها التي أصبحت مرجعية مهمة في محاربة الإرهاب.

التعليقات (0)