- ℃ 11 تركيا
- 21 ديسمبر 2024
محند أمقران يكتب: السنوار المغوار وعباس العطاي
محند أمقران يكتب: السنوار المغوار وعباس العطاي
- 20 أكتوبر 2024, 10:17:27 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
في ظلمات ليلنا الحالك، حيث الكوابيس والأسود الداكن، وقبل الثلث الأخير من الليل، بين تأمل وتهجد وأرق، تزحف إلينا كوابيسنا وأحلامنا.
الجمع غفير. عباس، رغم خروجه من عباءة الثائر، أبو عمار أقصد، إلا أنه متسلق، متملق، متعلق بملذات الدنيا. شكله غريب، هوايته الجلوس على الأريكة بأريحية، يحب مناطق الراحة كثيراً. إنه كسول، وأردافه كبيرة تكاد سترته الواسعة لا تغطيها.
أراه جالساً والقوم حوله متملقون، منافقون، لا مجال للمقاومة. الأسد العبراني، كما يحلو لهم تسميته، مرعب ومخيف. طبعوا، طبلوا، واصلوا... فلا مناص لكم إلا العطاء. وعباس هذا عطاي، أي سهل المراس، منبطح، نعنوع، دلوع، دبدوب، قواد.
في الجهة الأخرى، هناك مجموعة المغاوير. رئيسهم السنوار المغوار، متحصل على ثلاث تأبيدات، عفواً، إجازات من المدرسة اليوسفية. حلمه النصر أو الشهادة، هندامه نظيف، بسيط، وهو رشيق كذلك. أعتقد أنه مواظب على التدريب والرياضة. لا يهاب الموت ويخشى مناطق الراحة.
يحتدم الصراع بين المجموعتين على مرأى أهل البطون الخاملة، الثملة، الداعرة، في ماخور الأمة المنهزمة.
الأسد العبراني أو "القطوس" ينهش ويتقدم، فيصيح السنوار المغوار آخر صيحة ويخرج من القاعة.
بعد هنيهات، يتفطن عباس العطاي لغياب السنوار. الجمع ساكت. عند الباب، بواب مغلوب على أمره، يأخذ الكلمة لأول وآخر مرة:
"يا قوم، نالها، نالها، السنوار المغوار نال الشهادة." ليسقط جثة هامدة.
صوت خافت من القاعة ينادي: "روح يا شيخ، اتهنينا منه."
هنا يمر القطوس العبراني، المارق، السارق، الحقود، الحسود على القاعة، فينفض الجمع، إلا عباس، فهو جاثم على أريكته، ماكث، متمسك.
كان هذا أحد كوابيسي في الليالي الباردة الأولى لهذا الفصل.