- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
مريم سويطي تكتب: ظنوا أن الجيلَ المُقاوم قد اندثر
مريم سويطي تكتب: ظنوا أن الجيلَ المُقاوم قد اندثر
- 14 فبراير 2023, 9:31:16 م
- 392
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
علمني وطني بأن دماء الشهداء هي التي ترسم حدود الوطن " منذُ الصغر وهذه المقولة تترددُ في مخيلتي , حتى حفرت مساربها في نفسي , فأذكر قبل عدة سنوات وأنا في طريقي إلى المدرسة رأيتُ طفلتين في جدلٍ عميق و نقاشٍ حاد , وعن غير قصد استرقتُ السمع لأحاديثهن فإحداهما تقول في الأمس "استشهد اطفال في غزة ", والأخرى تقول" أبو عبيدة ظهر على التلفاز" , فبدأت مشاعر متضاربة تتسرب إلى نفسي على مهل وكأني أصبتُ بالجمود وريثما بدأ الشعور بالسعادة يتسرب إلى قلبي وانزاح شعور الدهشة , بالرغم من صغر سنهن إلا أن القضية الفلسطينية راسخة في عقولهن للأزل , كيف لا وهؤلاء أطفال الحجارة التي تغدو بين أناملهم كالماس الثمين , كيف لا وهؤلاء من علموا العالم كيف يكونوا رجالاً .....
المقاومة جدوى مستمرة .....
حب فلسطين فطرة من فطر الله , أطفال وشباب في عمر الصبا متمسكون في الأرض ومستمرون في مجابهة العدو الصهيوني حتى الرمقِ الأخير ، فهذا الجيل نشأ وترعرع ورأى ظلم الاحتلال الإسرائيلي في كل بقاع الأرض , وجحيم طائرات الاحتلال تقصف البيوت في غزة , لأنها أبت أن تدفن حيّة ووقفت في وجه الظلم والطغيان , واشتموا رائحة الدماء في المجازر الصهيونية التي اقترفها الاحتلال بصواريخه المدمرة , ورصاصات غدره , واسلحته الفتاكة , وتدمير وارهاب العدو , وجروح الفلسطينيين النازفة , كمجزرة صبرا وشاتيلا , ودير ياسين , وكفر قاسم , واللد , والحرم الإبراهيمي , والنكبة الفلسطينية والعديد من المجازر التي ما زال يرتكبها السفاحين الصهاينة إلى هذا اليوم وآلام الشعب الفلسطيني وعذابات الأسرى الذين يقبعون في سجون الظلم .
لينشأ جيلاً , يقف في وجه العدو وظلمه , لنيل الحرية , شاب لم يتجاوز ال 19 ربيعاً يُجابه احتلال عمره أكثر من 70 عام , "المقاوم إبراهيم النابلسي "استطاع أن يوقف الكيان الهش على قدمٍ واحدة , وبندقيته الشريفة وضحت مدى هشاشة العدو , فأرعب الصهاينة ووضعوه المطلوب الأول في قائمتهم , لأن سلاحه , واجهة ترسانة الصهاينة العسكرية , وهز خططهم الأمنية , وكانت وصيته الأخيرة " لا تتركوا البندقية ".
فبدءاً من الإنتفاضة الثالثة أو ما سميت "بانتفاضة السكاكين" التي شهدتها الضفة الغربية والداخل المحتل واستطاعت أن تعيد الحياة إلى القضية الفلسطينية بعد سنواتٍ من التهميش وإعادة الحراك والفعاليات الشعبية المناهضة للشعب الفلسطيني ، ووصولاً إلى مسيرات العودة التي انطلقت في قطاع غزة باتجاه الأراضي الفلسطينية التي هجروا منها عام 1948 فقرر الشبان الفلسطينيين أخذ زمام المبادرة بأيديهم بعد عقودٍ على التهجير والحصار، وإحياء حلم حق العودة وإفشال مخططات صفقة القرن الأمريكية
والمتتبع للعمليات الفدائية الأخيرة التي نفذها الشباب الفلسطيني الثائر يرى أن معظم المقاومين من الجيل الناشئ , كإقدام الشاب العشريني " رعد حازم " والملقب " برعب الكيان " على تنفيذ عملية " ديزنغوف" في الداخل المحتل ، فبدأ رعد ليلة الرعب في تل أبيب ، وانسحب بهدوءٍ تام تاركاً خلفه اثنين من القتلى و14 جريحاً جراحُ بعضهم خطيرة، ومدينة يدب الرعب فيها ، ويخيمُ شبح الخوف القلق على أزقتها ، فهذه العملية الفدائية ليست الأولى فقد سبقه بأيام معدودة المقاوم الصامت " ضياء حمارشة" ابن ال ٢٧ عاماً منفذ عملية تل أبيب ،حمل بندقيته وأطلق النار بمهارة صوب المستوطنين، وحقق هدفه بقتل ٥ إسرائيليين ، ومؤخراً عملية إلعاد التي أربكت آمن الاحتلال ، فاستطاع أسعد الرفاعي (19 عاما) وصبحي صبيحات (20 عاما) قتل ٣ إسرائيليين ، وإصابة آخرين باستخدام فأس .
هذه العمليات زلزلت الكيان والمنظومة الأمنية الإسرائيلية , وبددت مقولة " الجيش الذي لا يقهر" ووضحت مدى ضعفه وهشاشته , فسياسة التخويف والترهيب التي يرتكبها الاحتلال بحق الشبان باءت بالفشل , فنهج المقاومة هو الخيار الاستراتيجي الوحيد .
القضية الفلسطينية كطائر الفينيق حية لا تموت ، وتبعث من الرماد إلى الحياة المرة تلو الأخرى
فالجيل الفلسطيني ورثها كما يورث النسب , وما زال يدافع عنها بسواعده القوية، وعيونه الساهرة ،
جلَّ محاولات الاحتلال في تهويد الأرض والإنسان لتثبيت مقولة "الكبار يموتون والصغار ينسون" باءت بالفشل في كل مقاييسها وسعيه خلق جيل يرث الذل والقهر أمراً محال , فمسيرات النصر ستستمر جيلاً بعد جيل حتى يرفرف العلم الفلسطيني في القدس وكل فلسطين