- ℃ 11 تركيا
- 22 ديسمبر 2024
مصطفى إبراهيم يكتب: فتح الأندلس – رمضان سنة 92هجرية
مصطفى إبراهيم يكتب: فتح الأندلس – رمضان سنة 92هجرية
- 17 أبريل 2022, 11:59:34 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
في شهر رمضان عام اثنين وتسعين هجرية ، تم فتح الأندلس وأطلقَ اسم الأندلس على شبة الجزيرة الأيبيرية وهي "إسبانيا والبرتغال" اليوم، وتقعُ أقصى غرب القارة الأوروبيّة على المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط من الجنوب، والأندلس اسم أطلقه المسلمون على شبة الجزيرة الأيبيرية ويعني "الشيء الخفي".
بدأت قصة فتح الأندلس، بعد أنْ طلب موسى بن نصير الإذن من الخليفة الوليد بن عبد الملك بدخول الأندلس، جهَّز سريةً استطلاعية بقيادة طريف بن مالك، مكونه من أربعمائة رجل ومائة فرس في أربعة مراكب، نزل طريف عام 91هـ بجزيرة تقابل الأندلس تعرف "بالجزيرة الخضراء"، فغزا الجزيرة واستولى عليها، وسمّيت بطريف نسبةً إليه، حيث عمل على استطلاع أحوال المنطقة وما يليها، فكوّن فكرة عامة عن المنطقة والطبيعة الاستراتيجية والجغرافية لأرض الأندلس عاد طريف بن مالك الذي بدأ قصة فتح الأندلس من مَهمّته مكللًا بالنجاح في السيطرة على الجزيرة الخضراء ودراسة جنوب الأندلس، حيث سينزل جيش المسلمين، وشرح لموسى بن نصير ما قام به وما رآه، وبعد عامٍ من عودته جَهّز ابن نصير الجيش وأعدّ العُدَّة، وأرسل سبعةَ آلافِ مقاتلٍ، بقيادة طارق بن زياد، حيث بدأ بهم الفتح الإسلامي للأندلس على الرغم من الأعداد الضخمة لقواتِ النصارى في الأندلس.
وبدأت قصة فتح الأندلس في رجب عام اثنين وتسعين هجرية عندما انتدب موسى بن نصير، القائد طارق بن زياد لفتح شبة الجزيرة الأيبيرية بسبعة آلاف مقاتل من العرب والبربر، حتى نزل بمضيق جبل طارق والذي ما زال يعرف بهذا الاسم حتى يومنا هذا، وعند نزوله واجهة جيش من النصارى يحمي تلك المنطقة عرض عليهم الإسلام أو الاستسلام ودفع الجزية للمسلمين لكنهم رفضوا شروط المسلمين ودارت بينهم معركة حامية الوطيس انتصر بها المسلمون، وصلت الأخبار إلى حاكم طليطله أن جيوش المسلمين تتجه إليهم، حيث توجه المسلمون إلى الشمال باتجاه قرطبة التي سرعان ما أرسل النصارى قوة عسكرية لقتال المسلمين، لكن تمت هزيمتهم وقتل قائدهم.،فجمع لذريق حاكم طليطله جيشًا مكونًا من مائة ألف مقاتل واتجه إلى الجنوب لقتال المسلمين، أرسل طارق بن زياد إلى موسى بن نصير يطلب منه المدد وشرح له ما حقق من انتصارات، وأن النصارى جهزوا جيشًا جرارًا لقتالهم، فأرسل له خمسة آلاف مقاتل أغلبهم من العرب بقيادة طريف بن مالك.
و اختار طارق بن زياد منطقة وادي الرباط أو ما يعرف بوادي لكّة للقتال جيش لذريق، في 28 رمضان عام 92 هجري حيث دارت معركة شرسة بين الطرفين استمرت لمدة ثمانية أيام انتهت بنصر مؤزر للمسلمين، حتى أنّ هذه المعركة عرفت بأنها من أشرس المعارك التي دارت في التاريخ الإسلامي ، وبعد هذه المعارك بدأ سكان الأندلس بالدخول في الإسلام ودون حدوث معارك كبيرة تذكر أو ابادة قام بها المسلمون اتجاه السكان الاصليين للأندلس، كان هذا حديث مفصل موجز عن قصة فتح الأندلس. وبعد سقوط الدولة الأموية أمام دولة بني العباس صبحت الأندلس إمارات موزعة على القبائل المسلمة، إلا أن حادثة حصلت غيرت خارطة الأندلس حيث قدم الأمير الأموي عبد الرحمن بن معاوية من الشام هارباً من بطش العباسيين لبني أمية، وسرعان ما استطاع أن يؤلف بعض القبائل إلى صفّه بكونه أميرًا أمويًّا، وبالفعل استطاع عبد الرحمن بن معاوية "صقر قريش" أن يوحّد الأندلس ويوسّعها.
و عند الحديث عن قصة فتح الأندلس لا بُدّ من ذكر معركة لكة التي كانت الانتصار الأكبر والحاسم لقصة فتح الأندلس، فعندما علم لُذريق بدخول المسلمين اعتقد أن المسألة مجرد غزوة نهب، حتى وصلته أخبارًا عن تَقَدُّمِهم ناحية قُرْطُبَة، فأرسل قوَّة عسكرية بقيادة ابن أخته بنشيو، فوقع القتال وهزموا وقتل بنشيو، وفرَّ مَنْ نَجَا ليُخبروا لُذريق من الخطر القادم من الجنوب، فجمع جيشًا قِوَامه مائةُ ألف، وتوجه إلى الجنوب يقصد المسلمين، فطَلب أبن زياد المدد فمده موسى بن نصير بخمسة ألاف مقاتل ليصبح عدد المسلمين اثنا عشر ألفً، استقر بمنطقة تُسمَّى وادي لُكَّة، حيث جبل شاهق يحَمَي به ظهرَهُ مِن الخلف والميمنة. . وفي رمضان سنة اثنين وتسعين هجرية دارت معركة من أشرس المعارك في تاريخ المسلمين، وعلى مدى ثمانية أيام متصلة، وكان القتال ضاريًا وشرسًا بين المسلمين والنصارى، حتى انتهت بنصر مؤزَّر للمسلمين، وملحمة من ملاحم الجهاد التي لم تشهدها بلاد المغرب والأندلس من قبل حتى أتم الله النصر للمسلمين .