- ℃ 11 تركيا
- 22 ديسمبر 2024
مصطفى جمال يرصد: تغيرات السياسة المصرية ..من. يديرمصر؟؟
مصطفى جمال يرصد: تغيرات السياسة المصرية ..من. يديرمصر؟؟
- 25 مايو 2021, 10:16:18 ص
- 1741
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
الحقيقة يا سادة هي أن السيسي لم يعد هو من يحكم البلاد، و إنما أصبح متحدثاً رسمياً لتياريين رئيسيين داخل النظام الحاكم (الأجهزة السيادية)، التيار الأول و يمثله الرئيس نفسه و لنسميه التيار النيوليبرالي و هدفه الوحيد هو اكتناز أكبر قدر ممكن من الثروة و السلطة بغض النظر عن أي شيء و مع كامل الاستعداد لسحق كل شيء مقدس في سبيل ذلك، و التيار الثاني لا يوجد من يمثله بشكل علني و صريح و لكن وجوده و تأثيره لم يعودا سراً و لنسمي هذا التيار بالتيار الوطني و هو التيار الملتزم بالمهام الوظيفية لأجهزة الدولة الأمنية في الحفاظ على الأمن القومي للدولة و مقدرات الشعب، و لمحاولة فهم موازين القوى بين هذين التيارين يمكننا أن نبدأ بحدث هام و هو التقارب المصري التركي لأنه يكشف عدة أبعاد داخلية و أقليمية لهذا التوازن أو الصراع، ثم يمكننا بعد ذلك الانتقال إلى الدور المصري في المعركة المنتهية للتو بين فصائل المقاومة الفلسطينية و إسرائيل لأنه سيكمل لنا الصورة.
الجبهة الليبية و الهدنة المصرية التركية
تاريخ الصراع الليبي طويل و معقد لكن يكفينا في ذلك الفترة الزمنية الممتدة من يوم إعلان حفتر عن هجومه على طرابلس في الرابع من أبريل عام 2019 و حتى زمن المفاوضات المصرية التركية الذي مازلنا نعيش لحظاته، ذلك لأن هذه الفترة الزمنية يتوسطها حدث بالغ في الأهمية و هو تقدم قوات حكومة الوفاق إلى خط سرت الجفرة و تهديد الجيش المصري على لسان الرئيس بالتدخل العسكري المباشر في حال تجاوز تلك القوات لذلك الخط.
عندما تدخلت تركيا عسكرياً في الغرب الليبي و تقدمت قوات حكومة الوفاق إلى السرت الجفرة في منتصف العام الماضي أصبح أمام النظام الحاكم خيارين: الأول هو المواجهة العسكرية المباشرة مع تركيا و هو ما حاولت الإمارات ( حليفة السيسي ) جاهدة لتحقيقه سواءً بدفع خليفة حفتر على معاودة الهجوم أو بالتحريض الأعلامي، الثاني هو محاولة احتواء الأزمة بالتهديد بالتدخل المباشر أو بعرض رسم الحدود البحرية مع تركيا و هو ما حدث.
السيناريو الأول و الذي سعت الإمارات لتحقيقه كان يهدف إلى حدوث تصادم مباشر بين الجيشين المصري و التركي رغبة في تحقيق عدة أهداف منها تحجيم و إضعاف الجيش المصري و تغيير عقيدته عن طريق تعديد أعدائه و إضعاف الجبهة المصرية في سيناء و أثيوبيا، عدم انقياد النظام الحاكم في إلى تحقيق هذا السيناريو كان مؤشراً قوياً على حجم و نفوذ السيسي و مجموعته داخل النظام ذلك لأن السيسي مرتبط ارتباط وجودي بقدرته على تحقيق اهداف حلفائه و على رأسها تحجيم الجيش المصري و تغيير عقيدته بالكامل و كان الصدام المخطط له مع تركيا أحد طرق تحقيق ذلك.
النقطة الثانية بخصوص التقارب المصري التركي هي أن مصر اشترطت لهذا التقارب تحجيم تركيا لتأثير الإخوان على المجال السياسي المصري سواء بغلق قنواتهم أو بفرض نوع من الرقابة على تصرفاتهم عموماً، جماعة الأخوان الرسمية هي حليفة للسيسي ( أعترف بجرأة هذه الجملة لكني على استعداد لتوضيح سبب اعتقادي هذا ) ، تحجيم تأثير جماعة الأخوان مؤشر مهم لأن السيسي يعتمد عليهم في تصفير الصراع و في قتل أي معارضة داخلية له فهو لم يكن ليتخلى عنهم طواعية أبداً، وخروجهم من المشد هو دليل قوي على مدى تراجع نفوذه داخل النظام.
الدور المصري في المعركة بين فصائل المقاومة الفلسطينية و إسرائيل
توقيت التصعيد السابق بأيام قليلة على الملئ الثاني لسد النهضة، و رصيد الأهداف الاستراتيجية للمقاومة مثل خط عسقلان و المطارات الإسرائيلية و منصات تنقيب و استخراج الغاز و القواعد الإسرائيلية، و التنسيق واسع النطاق على أكثر من محور بين فصائل المقاومة و بين المقاومة و حراك الضفة و الداخل الإسرائيلي، و كمية و نوعية الأسلحة المستخدمة و التي لا شك في أنها قد مرت معظمها أو بعضها أو معدات تصنيعها من خلال الأنفاق، و أخيراً الطلب الأمريكي المتكرر لمصر بالتوسط للتهدئة و عرض مصر للتهدئة الذي رفضته إسرائيل كلها كانت مؤشرات دلت على إشراف مخابراتي مصري عما حدث أو على تنسيق مصري فلسطيني مشترك على الأقل.
مما يؤكد ذلك هو أن مصر و خلال فترة الصراع و حتى اللحظة الراهنة تمكنت من الاحتفاظ بدورها كوسيط حصري بين فصائل المقاومة الفلسطينية من جهة و ما بين اسرائيل و الولايات المتحدة من جهة أخرى، و هذا على الرغم من المنافسة الشرسة لكل من تركيا و قطر على انتزاع دور الوسيط أو المشاركة فيه على الأقل.
إذا أخذنا الدور المصري في المعركة في الاعتبار و يمكننا أن نستنتج أن السيسي لم يعد له نفوذ في الأجهزة يسمح له بالحفاظ على مصالح حليفته الأولى و الأهم وهي إسرائيل، لأنه لو كان له هكذا نفوذ لم يكن ليسمح أبداً بتهديد أمن حليفته الأهم أسرائيل، و هذا يعني أن الصراع داخل النظام تم حسمه بشكل شبه نهائي لصالح الجناح الوطني.
التداعيات التي سنراها في المستقبل القريب ستكون كبيرة للغاية حيث أتوقع أنه ستتم الأطاحة بعدد كبير من رجال السيسي لأنه لن يسمح ( و قد وصل الصراع إلى هذه النقطة ) بأن يكون لهم أي نفوذ داخل النظام، و قد بدأ هذا بالفعل بسحب ملف الإعلام من الرئاسة و نقله للمخابرات العامة بعدما تكرر رفض ذلك في أكثر من مرة.