- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
معصوم مرزوق يكتب : كلام عن النيل
معصوم مرزوق يكتب : كلام عن النيل
- 27 أكتوبر 2021, 8:02:48 ص
- 11056
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
قد يشبه الخوض في أزمة النيل ، محاولة السباحة ضد التيار ، خاصة في ظل أجواء غير مواتية تفتش في العقول والضمائر ، وتعد لائحة الإتهام لكل مجتهد ، رغم أن الحكمة تقتضي أن يكون للمجتهد الشكر مرتين إذا أصاب ، ومرة إذا خانه التوفيق .
ولا أزكي ما أفكر فيه وأكتبه ، ولا أريد هنا أن استدعي كتابات أثبتت الأيام أنها كانت صحيحة ، وأنها قدمت النصح الخالي من الرغبة في ذهب المعز أو الخوف من سيفه، كما يقولون .
وكنت أستطيع أن أكتفي مثل الكثيرين بالمتابعة الصامتة ، أو الشامتة ، دون التورط فيما قد لا يحمد عقباه ، ولكنني لم أعتد هذا الموقف السلبي طول حياتي ، وكنت دائما أشارك بإجتهادي فعلا وقولا وكتابة فيما أري ضرورة أن أشارك فيه ، سواء لعلم تعلمته ، أو خبرة أكتسبتها ولا يجوز أن أبخل بها.
والحقيقة أنني مضطر لهذه المقدمة التي قد تبدو تزيدا أو إقحاما للذات في موضوع عام ، ولكن الظروف التي مررت بها تفرض أن أحدد هذا الإطار ، حتي لا يساء فهم ما أكتب .
فلست أدعي أنني أحتكر الحقيقة فيما أقول أو أكتب ، ولكنني أؤكد أنني لم أكتب غير الحقيقة كما أراها من زاويتي ، وقد أكون مخطئا .
كذلك من المهم أن أذكر أن ذلك الرأي لا يمثل أي جهة رسمية أو يعكس معلومات أتيحت لي بحكم مهامي الرسمية السابقة.
وقد سبق لي أن كتبت وتحدثت في موضوع هذا المقال ، وبشكل علني ، ولعلي كنت الوحيد الذي نشرت له الإهرام صفحة كاملة عام 2012 تضمنت كافة الأسانيد القانونية والسياسية والتاريخية لحقوق مصر غير القابلة للتنازع في مياه النيل ، ولذلك فأنني لن أتعرض هنا لما سبق أن فصلت فيه في مختلف الزوايا المتعلقة بالموضوع سواء القانونية أو تلك الفنية المتعلقة بعملية التفاوض ذاتها .
نحن الٱن في خريف 2021 ، وقد مرت عواصف العام السابق ، وخفتت الأصوات ، وكان هدير فيضان النيل في صيف هذا العام معبرا عن غضب هذا المجري التاريخي ممن يريدون العبث بمقدراته ، كما أنه أزاح في اندفاعه بعض المخاوف ، وأسكت بعض الأصوات .
ولكن ذلك لم ينه الأزمة التي يمكن إذا تركت بلا حراك أن تتحول في المستقبل إلي صراع لا يعلم مداه إلا الله ، ولذلك فأن كل الأطراف مطالبة بأن تتحرك ، بما في ذلك أثيوبيا التي قد تظن أن الصمت والسكون يناسب تحقيق مصالحها ، وهو غير صحيح علي المدي الطويل .
لكل هذه الأسباب، ربما يجدر الٱن العمل علي تسخين الأزمة مع أثيوبيا، من خلال هجوم دبلوماسي علي المستوي الإقليمي والدولي، والبدء في إختبار بعض الخيارات الخشنة ولو من خلال بعض التدريبات العسكرية التي قد تشمل عمليات جريئة للاستطلاعي بقوة .
ذلك أن الوضع الأستاتيكي الحالي يناسب المفاوض الأثيوبي، ويمنحه الهدوء اللازم لتطوير العمل في السد تمهيدا لعملية الملء الثالثة بالإرادة المنفردة، ولذلك يجب أن يدرك أن ذلك التكتيك سوف يكون مكلفا، ويجب أن يشعر العالم بأن هذا الوضع يمثل بشكل جدي تهديدا للأمن والسلم الدوليين .
ومن الواضح أن رئاسة الإتحاد الإفريقي الحالية أو القادمة لن تقدم جديدا، وإنما قد يخدم استمرار الإشارة إليها كوسيط الموقف التفاوضي الأثيوبي.
لذا فأن من إجراءات التسخين الدبلوماسي، التحرك من خلال مجلس السلم والأمن الإفريقي، بتقديم شكوي عن مخالفات أثيوبيا للقانون الدولي والإتفاقات الموقعة ، ومن ناحية أخري تبني ومباركة تحرك إفريقي في لجنة حقوق الإنسان الإفريقية لإدانة إنتهاكات الحكومة الأثيوبية لحقوق مواطني التيجراي، والمطالبة بلجنة تقصي حقائق للوقوف علي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية .
كذلك تبني ومباركة تحرك في لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، لطلب ارسال لجنة تقصي حقائق لنفس الغرض.
وقد يلزم مشاركة بعض الدول العربية ذات التأثير، وبشكل غير علني ، في الضغط علي أثيوبيا وبعض الدول الإفريقية الأعضاء في مجلس السلم والأمن الإفريقي ، بمزيج من الترغيب والتهديد لإتخاذ موقفا يحترم القانون الدولي ويدعم الحقوق المشروعة للشعب المصري في مياه النيل .
وأخيرا، وليس ٱخرا ، فمن المهم الحفاظ علي التنسيق والتعاون مع السودان في أعلي درجاته ، بما قد يلزم مساعدته علي تحقيق الإستقرار والأمن الداخلي دون انحياز واضح لأي أطراف النزاع .