- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
نبيل عمرو يكتب: إسرائيل… موسم العسل والشوكة في القلب
نبيل عمرو يكتب: إسرائيل… موسم العسل والشوكة في القلب
- 17 فبراير 2022, 1:59:38 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
المراقب لوضع إسرائيل إقليميا ودوليا يرى انه في افضل حالاته منذ تأسيس الدولة، فها هو بينيت أسوأ رئيس وزراء مر على إسرائيل واكثرهم عنصرية وتشددا يحتفى به في المنامة، وها هو هرتسوغ يحزم حقائبه لزيارة تركيا التي دخلت في حرب شعارات باردة مع الدولة العبرية دون ان تخفي دولة “الخلافة” سعادتها بالزيارة بل هي من يتولى الترويج لها وتعليق الآمال عليها، اما المرضعة الامريكية عرابة مشروع السلام التاريخي والتطبيع بين العرب وإسرائيل والفلسطينيين، فها هي تترك الحبل على الغارب للحكومة الإسرائيلية كي تفعل بالمناطق الفلسطينية ما تشاء، من مداهمات واجتياحات وقتل واستيطان، وهذا ما يوفر للدولة العبرية مساحات واسعة لتعزيز احتلالها وسيطرتها على الفلسطينيين من اعلى طموحاتهم الى اقل متطلباتهم.
أصحاب القرار في إسرائيل يعيشون حالة من النشوة مما وصلوا اليه وكأنهم حسموا الصراع مع الفلسطينيين الى الابد، واختزلوا حقوقهم ومطالبهم ببعض تسهيلات لا تسمن ولا تغني من جوع، غير ان ما يتجنبه صناع القرار في إسرائيل ويغمضون بصرهم وبصيرتهم عنه هي تلك الشوكة الفلسطينية التي تخز القلب وتنتج الما مع كل نبضة، بحيث لا تنفع مع هذه الشوكة طائرات F35 وما دونها من سلاح مميز ينفع في حرب تقليدية ولكنه لا ينفع مع فلسطينيين عديمي التسلح الا من الابرة التي تخز القلب الإسرائيلي تارة في الخان الأحمر وتارة أخرى في الشيخ جراح ومسافر يطا والقدس والصداع الدائم جنين والصداع الاخر غزة.
فهل يدرك صناع القرار في إسرائيل اين اصل الحكاية وأين اصل الحل؟ لا توجد مؤشرات ولو ضئيلة على انهم يفكرون في الامر بعيدا عن غشاوة القوة واغواء التطبيع الزاحف والتطويق العبثي به للفلسطينيين ومواصلة القمع دون جدوى، واذا كانوا يتذوقون طعم العسل في كل مكان يذهبون اليه في هذا الزمن الاستثنائي فليس بمقدورهم ان يتفادوا فعل الشوكة في القلب وألمها الذي لا يتوقف.
هذه الشوكة الفلسطينية التي اخطر ما فيها كما تقر إسرائيل ذاتها ان حامليها شباب وشابات يبادرون دون تنسيق مع أي جهة ودون انضباط لاي جهة ودون التزام بأي اجندة تنظيمية، تسميهم إسرائيل بالذئاب المنفلتة وتعترف بأن لا سيطرة عليهم من قبل أي جهة كانت.
لا مقارنة بين المدافعين المنتشرين على جغرافية الوطن المحتل ولو بقبضاتهم العارية وبين من يواجهون من قوى رسمية منظمة كالجيش وحرس الحدود وشبه رسمية منظمة كذلك كالمستوطنين المحميين والمدللين الا من بعض كلمات نقد رقيق لاعاقتهم عمل الدولة.
حكاية إسرائيل الاصلية او جذر الحكايات ليست في تركيا ولا في البحرين ولا حتى في أمريكا حيث ينتج العسل، الحكاية الاصلية هي مع ملايين الفلسطينيين الذين ما زالوا الاستثناء الوحيد من بين ساكني المعمورة مجردين من الهوية واللادولة واللاحاضر واللامستقبل، الحكاية الاصلية هي مع الشعور الفلسطيني الجمعي بالكرامة المفقودة على أبواب كل قرية ومدينة يقف عليها الجنود بسلاحهم منذ ما يربو عن نصف قرن، والحكاية الاصلية تروي بعض جوانبها بيتسيلم الإسرائيلية وامنستي العالمية والكثير الكثير من الإسرائيليين الذين تخز الشوكة الفلسطينية ضمائرهم ويشعرون بوجعها مع كل نبضة.
هذه هي الحكاية في اصلها والتي لم يجد او لم يرغب صناع القرار في إسرائيل ايجاد حلا جذريا لها.
لقد قطع الفلسطينيون نصف الطريق نحو الحل من خلال انخراطهم في عملية سلام سميت بالمشروع التاريخي، وها هم صناع القرار في إسرائيل يغلقون النصف الثاني من الطريق في عملية بائسة هدفها المستحيل استسلام الفلسطينيين ورضاهم من الغنيمة بالتخلي والإياب.
هذه هي حكاية زمن العسل والشوكة في القلب فهل يدرك صناع القرار في إسرائيل اين اصل الحكاية وأين اصل الحل؟ لا توجد مؤشرات ولو ضئيلة على انهم يفكرون في الامر بعيدا عن غشاوة القوة واغواء التطبيع الزاحف والتطويق العبثي به للفلسطينيين ومواصلة القمع دون جدوى، واذا كانوا يتذوقون طعم العسل في كل مكان يذهبون اليه في هذا الزمن الاستثنائي فليس بمقدورهم ان يتفادوا فعل الشوكة في القلب وألمها الذي لا يتوقف.