- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
هآرتس: بتجميده 130 مليون دولار.. كيف تقرأ مصر مفهوم بايدن لـ”حقوق الإنسان” في المنطقة؟
هآرتس: بتجميده 130 مليون دولار.. كيف تقرأ مصر مفهوم بايدن لـ”حقوق الإنسان” في المنطقة؟
- 8 نوفمبر 2021, 7:04:14 م
- 554
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
أقوال مؤلمة وفي الصميم، بشرى حقيقية، أعلنها المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، نيد برايس، رداً على سؤال حول تجميد 130 مليون دولار من أموال المساعدات الأمريكية لمصر. “نناقش موضوع حقوق الإنسان مثلما نناقش قيمنا. الأمران مرتبطان ببعضهما. إذا لم نتمسك بقيمنا وبحقوق الإنسان فلن نتمسك بمصالحنا. ويمكننا القيام بكليهما”، وأضاف برايس بأنه “في مصر قمع للمجتمع المدني ومس بحقوق الإنسان”.
يتوقع اليوم أن يسمع وزير الخارجية المصري، سامح شكري، محاضرة أمريكية حول ضرورة إصلاح وضع حقوق الإنسان وإطلاق سراح 16 سجيناً سياسياً وإعادة فتح منظمات حقوق إنسان أغلقت وسن قوانين تعطي مساحة لحرية التعبير. ولكن شكري، الذي سيهبط في زيارة لمدة يومين في واشنطن، جاء مع جعبة مليئة بالخيرات. وبعد جهود ضاغطة كلفت مصر نحو 56 ألف دولار، ألغت مصر وضع الطوارئ للمرة الأولى بعد سنوات (لكن بدلاً من ذلك، عدلت قانون مكافحة الإرهاب الذي يعطي لقوات الأمن هامشاً واسعاً للعمل). استضاف الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الحكومة الإسرائيلي نفتالي بينيت، بل ورفع علم إسرائيل أثناء اللقاء. استجاب رئيس المخابرات المصري، عباس كامل، لطلب واشنطن استخدام سحره على الجنرال عبد الفتاح البرهان، الذي قام بانقلاب عسكري في السودان، وكي يعيد الحكومة المؤقتة التي أقالها إلى العمل. مصر، أكد شكري، هي الدولة الوحيدة التي يمكنها تهدئة الحدود بين إسرائيل وقطاع غزة بفضل تأثيرها على حماس، ويمكنها إنهاء قضية الأسرى والمفقودين الإسرائيليين.
ألا يساوي ذلك 130 مليون دولار؟ وإذا كانت واشنطن قلقة من وضع حقوق الإنسان في مصر، فلماذا لا تتخذ خطوات كهذه أيضاً ضد إسرائيل؟ بالطبع لن يقدم شكري هذا الادعاء بصوت مرتفع، لكنه سيحلق فوق المحادثات، فقد أغلقت إسرائيل منظمات حقوق إنسان، وقدمت لواشنطن تفسيرات غير مقنعة. كما أن هناك موضوعاً صغيراً آخر وهو الاحتلال. لا جديد في تجميد أموال المساعدات لمصر بهدف تحسين وضع حقوق الإنسان هناك. كما أن أوباما وترامب كانا أوقفا أموال المساعدات قليلاً، لكنهما قاما بتحريرها خلال فترة قصيرة مقابل بادرات حسن غير كبيرة، التي مكنت وزراء الخارجية من القول بأن مصر تعمل على تحسين هذا المجال. ذهب جو بايدن أبعد من ذلك، وعني بحقوق الإنسان في العالم على اعتبار أنه وتد مركزي في سياسته الخارجية في الشرق الأوسط.
إذا كانت واشنطن قلقة من وضع حقوق الإنسان في مصر، فلماذا لا تتخذ خطوات كهذه أيضاً ضد إسرائيل؟ بالطبع لن يقدم شكري هذا الادعاء بصوت مرتفع، لكنه سيحلق فوق المحادثات، فقد أغلقت إسرائيل منظمات حقوق إنسان، وقدمت لواشنطن تفسيرات غير مقنعة.
ولكن أضيف لهذه السياسة دفتر مليء بالإعفاءات. مثلاً، تلك العقوبات التي اتخذت ضد نظام بشار الأسد بسبب المذبحة الجماهيرية التي قام بها في مناطق سوريا، ستتآكل بموافقة الولايات المتحدة وحتى بتشجيع منها، ومن أجل إنقاذ اقتصاد لبنان وافقت مصر والأردن على تقديم الغاز والنفط للبنان. المشكلة هي أن أنابيب النفط والكهرباء التي سيوفرها الأردن تمر عبر الأراضي السورية، وستقتطع نصيبها في الطريق. هذا يكفي لإعطاء الأسد شرعية ومكانة الشريك في المشروع الذي تدفع به الولايات المتحدة قدماً.
صحيح أن خطوط التزويد هذه تستهدف وقف إرساليات النفط من إيران ومساعدة اقتصاد لبنان، لكن كيف يتساوق هذا المشروع مع مطالبة واشنطن من مصر والسعودية والإمارات والبحرين أن توقف التطبيع الذي تقوم به مع سوريا؟ إذا كان مستقبل لبنان مهماً لبايدن، فلماذا لا يضغط على السعودية لإلغاء المقاطعة الوحشية التي فرضتها على لبنان بسبب أقوال وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي؟ في نهاية المطاف، لم يقل قرداحي إلا ما تكرر الولايات المتحدة قوله، وهو أن الحرب في اليمن عبثية، وأن المتمردين الحوثيين يحاربون من أجل حقوقهم. وإذا كانت حقوق الإنسان وقيم الولايات المتحدة مفاهيم مترادفة، تخدم مصالح الولايات المتحدة، فكيف تتساوق المفاوضات حول الاتفاق النووي مع إيران مع هذه القيم في الوقت الذي لا تطرح فيه الولايات المتحدة هذا الأمر للنقاش؟ يتبين أن دمج هذه الأسس (حقوق الإنسان وقيم الولايات المتحدة وسياسة خارجية ناجعة) هو تطلع مناسب وحتى مرغوب فيه، لكن تنفيذه بعيد عن أن يكون كاملاً. بناء على ذلك، فإن تجميد 130 مليون دولار، التي وعدت بها مصر في إطار اتفاقات كامب ديفيد، ليس أكثر من ورقة تين، التي تعدّ الإدارة الأمريكية ملزمة بها حسب القانون.
منظمات حقوق إنسان دولية، أمريكية ومصرية، تقول إن المبلغ قليل جداً ولن يؤثر على مصر. هم يطالبون بتجميد 300 مليون دولار على الأقل. ولكن الإدارة الأمريكية لا تريد الذهاب بعيداً. فهي تحتاج إلى مصر، لا سيما عندما يتطلع بايدن إلى الابتعاد عن الشرق الأوسط وترك حلفائه يطبقون سياسته بدلاً منه. مستشارو بايدن يعرفون الأبحاث التي أجريت في العقود الماضية، والتي لم تساعد المساعدات الخارجية أو منعها بشكل كبير في الدفع قدماً بمصالح الولايات المتحدة، سواء في باكستان أو أفغانستان أو العراق، ولا في مصر أو إسرائيل.
كان بايدن نائب أوباما عندما تعامل ببرود مع السيسي بعد الانقلاب الذي أطاح فيه بالإخوان المسلمين واستولى على السلطة. هو نفسه انتظر بضعة أشهر إلى أن اتصل مع الرئيس المصري. الآن أصبح بايدن يعترف بضرورة السيسي. حقوق الإنسان في مصر ستضطر إلى الانتظار، ومصروف الجيب الذي جمده بايدن سيعاد.
بقلم: تسفي برئيل
هآرتس 8/11/2021