- ℃ 11 تركيا
- 22 ديسمبر 2024
هادي جلو مرعي يكتب: السيادة تحت قصف الجوار
هادي جلو مرعي يكتب: السيادة تحت قصف الجوار
- 17 يناير 2024, 4:15:44 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
على مدى عقود من الزمن، تقدم دول الجوار الإقليمي مبررات مختلفة، وتسوق أشكالا من التصورات عن تهديدات محتملة، وأخرى تأتي من الداخل العراقي، وواضح تماما القوة والتأثير الذي تمتلكه تركيا وإيران في ظل مخاوف تقليدية من وجود مجموعات كوردية قتالية لديها مطالب سياسية ومواقف من الوجود والدور والسلوك ونوع الحقوق التي ترى أنها مستلبة من الشعوب الكوردية عبر التاريخ.
ولطالما كانت الطائرات والمدافع التركية تقصف مواقع في مناطق مختلفة من الإقليم، وتتسبب بمقتل مواطنين عزل وتدمير مزروعات ومناطق مأهولة وقرى.
بمستوى أقل كانت القوات الإيرانية تقصف مواقع في الإقليم، وبقية العراق، وسبق أن قصفت مواقع لمنظمة مجاهدي خلق قبل أن يتم إبعاد عناصرها بترتيبات خاصة.
لكن المبررات تختلف عادة من طرف لآخر. ففي حين كانت أنقرة تركز على مخاوفها من طموحات حزب العمال الكردستاني الذي له وجود في مرتفعات مشتركة، كانت جارتها إيران تخشى من تهديدات مزدوجة من قوى المعارضة الكردية ومنظمة مجاهدي خلق.
وكان العراق الرسمي ينقاد لتلك المواقف مرة، ويتجاهلها مرة لأسباب تختلف من مرحلة الى أخرى وفقا لمعطيات وعناصر ضعف وقوة.
بعد العام 2003، ومع التغيير في البنية السياسية العراقية، استمرت القضية الكردية في نسق متصاعد، ومع تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية في كردستان العراق، وتوافق في الداخل العراقي على نمط حكم تطبعه الشراكة بين الحكومة الاتحادية والإقليم، فإن الأوضاع في جنوب شرق تركيا ومناطق مشتركة بين تركيا وإيران والعراق ظلت تؤرق صانع القرار في أنقرة وطهران مع العجز في معالجة الأمور، وغياب الحلول.
وشهدت مناطق كردستان عمليات عسكرية، وقصف متكرر، وبمبررات مختلفة، وكانت أصابع الإتهام توجه الى العراق الرسمي بسبب الازدواجية في المعايير، التي يرى البعض أنها السبب في نقد السلوك التركي والاحتجاج عليه، بينما لا نجد ذات الردود في حال قامت إيران بعمليات قصف مماثلة؟ ولانستوضح ما إذا كان ذلك عجزا، أم ممالاة.
الحكومة العراقية كان لها موقف متقدم، وربما فوجيء به المراقبون ردا على القصف الإيراني لمناطق في كردستان، بالرغم من آراء كانت قاسية، ووصفت الموقف الرسمي بالعاجز، وربما طالبت حكومة السوداني بإعلان الحرب!
لكن البيانات الرسمية كانت واضحة بإدانة القصف، وذهب السوداني الى تشكيل لجنة للتحقيق، والتلويح بتقديم شكوى إلى مجلس الأمن الدولي، وهو موقف لم يكن منتظرا بسبب التعقيدات التي تطبع العلاقة مع إيران، ونوع التأثير الإيراني، والتحالفات التي تعقدها طهران مع قوى فاعلة في المنطقة تمكنها عادة من تجنب الحرج حين تشتبك الأحداث.
لكن الحكومة العراقية وقوى سياسية قدمت أطروحة مختلفة للموقف الرسمي، بدت وكأنها نوع من التحدي، والبحث عن تحقيق نقاط في مواجهة ما جرى من قصف صاروخي، وعدت ذلك انتهاكا للسيادة.
وقد تناقلت وسائل الإعلام طبيعة الرد العراقي، ووفقا لوسائل إعلام فقد "أعلنت الخارجية العراقية، تقديم شكوى ضد إيران إلى مجلس الأمن الدولي، على خلفية هجومها الصاروخي الذي استهدف مدينة أربيل بإقليم كردستان العراق وأدى لسقوط قتلى وجرحى مدنيين".
وهو موقف يشير الى إن موقفا ما بدا يتبلور تجاه القضايا الهامة لا يخضع لمعايير مزدوجة، ويمثل تحولا في السياسة العراقية، وشروعا بترتيبات غير تقليدية تظهر العراق في موقف الرافض لأي قصف على الأراضي العراقية، وقد وصفت الخارجية العراقية ما جرى بأنه عدوان صارخ على السيادة.