هادي جلو مرعي يكتب: هم الأحياء ويرزقون

profile
هادي جلو مرعي مرعي باحث وكاتب صحفي عراقي
  • clock 31 ديسمبر 2024, 2:36:23 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

   ورد في الحديث الشريف عن فضل الشهادة ومنزلة الشهيد في الإسلام (  ما من عبد يموت ، له عند الله خير ، يسره أن يرجع إلى الدنيا ، وأن له الدنيا وما فيها ، إلا الشهيد ، لما يرى من فضل الشهادة ، فإنه يسره أن يرجع إلى الدنيا ، فيقتل مرة أخرى).
لأن مايقوم به الشهيد هو الواجب الأسمى في الدفاع عن وطن، أو عرض، أو مال، وعن دين يؤمن به، وهو الحق من ربك لاربب فيه، وعندها تكون التضحية ضرورة لأنها تحفظ الشيء من الزوال والفناء ولعل مسيرة الحياة البشرية حافلة بالتضحيات تحت هذه العناوين العظيمة فكم من عالم دين ومقاتل ومثقف من الكتاب والشعراء وسواهم ممن ذهبوا ضحايا الموقف المشرف في مواجهة عدوان محدق هدد كيان الأمة ووجودها وكينونتها وإستدعى ذلك القيام بشيء خاصة حين يكون المضحي موقنا بماصلاح موقفه، ولعلنا لاننسى صورا مشرقة بدأت على رمضاء مكة اللاهبة حين عذب الموحدون على يد كفار قريش الرافضين لدعوة التوحيد والنبوة، وأولهم كانت سمية، وهي إمرأة إعتنقت الإسلام وزوجها ياسر وكانا كبيرين في العمر، وكان عمار بن ياسر ينظر الى أمه، وهي تطعن، والى أبيه وهو يعذب حتى الموت، ويحتسب ذلك عند ربه، بل ويقتل هو لاحقا ليصفه صاحبه علي عليه السلام بأنه تقتله الفئةالباغية، ولعل هذا دليل الشهادة فهو بهذا صار شاهدا على صلاح أمة من الناس، وعلى فساد أمة مقابلة.


   وحفلت المرويات الدينية بتفاصيل مهمة عن الشهيد والشهادة والتضحية في سبيل الله، وفي مواجهة التحديات غير إن كلمة شهيد بالرغم من إطلاقها على أصناف من المستشهدين فإنها تكون عادة هبة من الله لعباده الذين تقع عليهم الحوادث دون إرادتهم كالذي يموت حرقا، أو غرقا، أو تهدم عليه الدار، أو الذي يصاب بمرض لاشفاء منه،

 لكن هذه الشهادة ليست مرتبطة بموقف يتطلب التضحية كما هو الحال مع الذين يقتلون بإرادتهم، ويضحون وهم قادرون عن الإنسحاب من المواجهة، وأمامهم فرصة للنجاة والعودة الى الحياة الطبيعية، لكنهم يعتقدون أن التضحية لابد منها ولابد من مواجهة الظالمين والأشرار وتحمل الأعباء وربما فقدان الحياة مع مافيها من جمال ودعة وأنس بالاهل والأحبة والصحاب واللذائذ، ورغم ذلك يقرر الإستمرار في المواجهة مع الباطل، ودفع الثمن باهظا، ومغادرة هذه الحياة، والتوجه الى حيث النعم التي لاتزول، والرضا من الله، وصحبة الأخيار والصالحين الذين إجتباهم ربهم، ووضعهم في المنزلة التي يستحقون وهي منزلة الشهادة.
يقول تعالى في كتابه الكريم ﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ) .فهل بعد ذلك من منزلة عظيمة يصل إليها الفرد الذي يضحي فيكافؤه الله بأحسن مايكون، ويعوضه عن العذابات والآلام.

التعليقات (0)