- ℃ 11 تركيا
- 24 نوفمبر 2024
هل تستطيع المبادرة الكويتية إنهاء الخلاف بين دول الخليج ولبنان؟
هل تستطيع المبادرة الكويتية إنهاء الخلاف بين دول الخليج ولبنان؟
- 9 فبراير 2022, 3:10:03 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تتواصل الجهود الدبلوماسية الكويتية لإنهاء الخلاف بين لبنان وبعض دول مجلس التعاون الخليجي. وبينما يبدو أن هذه الجهود لن تؤدي إلى أي نتيجة، ستواصل دول الخليج ممارسة ضغوط على الأحزاب اللبنانية الحاكمة والدولة حيث طالب وزير الخارجية الكويتي الشيخ "أحمد ناصر المحمد الصباح" لبنان بتنفيذ 3 قرارات لمجلس الأمن الدولي بشأن حل الجماعات المسلحة.
وقد صاغ وزير الخارجية الكويتي الأمر على أنه مطلب عربي ودولي وليس مجرد مبادرة خليجية. وتتحدث المبادرة الكويتية بشكل أساسي عن دور "حزب الله" في سوريا واليمن، وإنتاج المخدرات وتهريبها إلى دول مجلس التعاون الخليجي. وقد قدمت الكويت "إجراءات وأفكاراً" لإعادة بناء الثقة بين عدد من دول الخليج ولبنان.
وتأتي المبادرة الكويتية في أعقاب فشل محاولات مماثلة من جانب قطر لإصلاح العلاقات بين لبنان ودول مجلس التعاون الخليجي. وقد تفاقمت الأزمة بشدة بعد تصريحات وزير الإعلام اللبناني السابق حول الحرب التي تقودها السعودية في اليمن. واقترحت الكويت استعادة الدعم الاقتصادي العربي والأوروبي للبنان الذي فقدت عملته 90% من قيمتها خلال عامين.
وبينما قدمت بيروت ردها على المبادرة الكويتية في اجتماع وزراء الخارجية العرب في 29 يناير/كانون الثاني الماضي، لم يتم الكشف عن تفاصيل المبادرة والرد اللبناني.
واستنادا إلى تعليق وزير الخارجية الكويتي، فإن الاقتراح يدعو إلى تشديد الرقابة على الصادرات اللبنانية إلى دول الخليج، والتعاون الأمني لمنع تهريب المخدرات، وتطبيق قرارات الأمم المتحدة، بما في ذلك القرار 1959 الذي نص على حظر دور المليشيات المسلحة، وهي محاولة مستترة لتجريم "حزب الله".
"حزب الله" وطريق للخروج من الأزمة
بدأت الأزمة بين لبنان وبعض دول الخليج بعد نشر مقابلة سابقة لوزير الإعلام اللبناني آنذاك "جورج قرداحي" يدين فيها تورط دول مجلس التعاون الخليجي في الحرب اليمنية. وبعد وقت قصير من انتشار تصريحات "قرداحي"، استدعت السعودية سفيرها في بيروت، وطلبت من السفير اللبناني مغادرة الرياض، وأوقفت جميع الواردات اللبنانية إلى المملكة.
وكانت الرياض ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى قد منعت العديد من الواردات من لبنان قبل الأزمة بسبب تهريب المخدرات لكن تصريحات "قرداحي" كانت القشة التي قصمت ظهر البعير.
وزعمت الخارجية السعودية في البيان الصادر في 29 أكتوبر/تشرين الأول 2021، أن "تصريحات قرداحي أظهرت "انحيازاً واضحاً لمليشيا الحوثي الإرهابية التي تهدد أمن واستقرار المنطقة". وبالرغم من جهود الحكومة اللبنانية لجعل مسافة بينها وبين تصريحات "قرداحي"، أبدت دول مجلس التعاون الخليجي تضامنها مع السعودية.
واتخذت الكويت والإمارات والبحرين مواقف مماثلة لمواقف السعودية. ورغم استنكار قطر لمواقف "قرداحي"، دعت الدوحة إلى الهدوء و"الإسراع لرأب الصدع بين الأشقاء". وقدم "قرداحي" استقالته مطلع ديسمبر/كانون الأول، قبل زيارة الرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون" إلى السعودية.
وقبل زيارة وزير الخارجية الكويتي، دعا مجلس التعاون الخليجي لبنان في ديسمبر/كانون الأول الماضي إلى منع "حزب الله" من تنفيذ عمليات إرهابية، وتعزيز القوات المسلحة الحكومية، وضمان بقاء السلاح في أيدي الدولة. وتعد أسباب مخاوف دول مجلس التعاون الخليجي واضحة وهي تقديم "حزب الله" الدعم الفني والتدريبي للحوثيين في اليمن، فعلى سبيل المثال تبث قناة المسيرة الناطقة باسم الحوثيين، من استديوهات "حزب الله" في بيروت.
ولدى واشنطن ودول الخليج مصلحة مشتركة في مواجهة "حزب الله". وفي يناير/كانون الثاني 2022 فرضت الولايات المتحدة عقوبات على 3 رجال أعمال لبنانيين و10 شركات وصفتها بأنها جزء من شبكة دولية تمكن "حزب الله" من التهرب من العقوبات.
وتعد احتمالات نجاح المبادرة الكويتية ضعيفة، فـ"حزب الله" الذي يختفظ بسيطرة كبيرة على مؤسسات الدولة من خلال ميليشياته المدربة وترسانته الصاروخية، لن يتراجع عن السياسات المتطرفة. علاوة على ذلك، رفضت أوساط "حزب الله" المبادرة بشكل قاطع.
وتأتي الشروط التي اقترحتها دول مجلس التعاون الخليجي في وقت حساس قبل 4 أشهر فقط من الانتخابات البرلمانية المقبلة في لبنان. وفي هذا السياق، ينظر "حزب الله" إلى جهود دول الخليج على أنها وسيلة لتقويض القوة السياسية للحزب أو لتغيير التركيبة السياسية للبرلمان، وبالتالي التأثير على الائتلاف الحاكم في لبنان والسياسة الخارجية لبيروت.
الأزمات اللبنانية والحاجة إلى الدعم
منذ عام 2019، يواجه لبنان سلسلة من الصدمات والأزمات حيث تفاقم الوضع الاقتصادي والاجتماعي بفعل تراكم الديون. وقد تدهورت الليرة اللبنانية إلى مستويات قياسية وسقطت قطاعات كبيرة من السكان في براثن الفقر. ومع ذلك، يخوض القادة السياسيون اللبنانيون الانتخابات البرلمانية المقبلة باستخدام نفس الخطاب الطائفي القديم الذي لن يؤدي إلا إلى تفاقم هشاشة الدولة.
يُظهر بحث نُشر مؤخرًا بعنوان "لبنان: كيف تجعل السياسة الأمة مريضة؟"، تم إعداده من طرف كلية "كينجز لندن" بالتعاون مع جامعة كامبريدج والجامعة الأمريكية في بيروت، كيف ساهمت سلسلة طويلة من الأزمات السياسية في خلق دولة فاشلة وكارثة صحية في لبنان.
ويشير التقرير إلى أن نصف السكان لا يستطيعون الحصول على الرعاية الصحية بينما يقف ثلاثة أرباعهم على خط الفقر. وقد تدهورت الخدمات الأساسية فيما تتراجع سيادة القانون يوما بعد يوم مما يعزز الحجة القائلة بأن الدولة اللبنانية تقف على حافة الانهيار.
وقد أشارت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)، في تقرير لها بعنوان "الفقر متعدد الأبعاد في لبنان: واقع رهيب وآفاق غامضة"، إلى أن معدل الفقر متعدد الأبعاد - الذي يُعرَّف بأنه الوصول إلى التعليم والرعاية الصحية والخدمات العامة والإسكان والممتلكات الأساسية - تضاعف من 42% في عام 2019 إلى 82% حاليا، بينما يؤثر الفقر المدقع متعدد الأبعاد على ثلث السكان.
أخيرًا، يحتاج لبنان قبل إصلاح علاقاته مع دول الخليج إلى إعادة تفعيل المؤسسات القادرة على انتشال البلاد من أزمتها الاقتصادية والاضطرابات السياسية. والأهم من ذلك، يجب على الدولة إظهار المساءلة، التي أصبحت الآن مفقودة تمامًا في البلاد.
وحتى يومنا هذا، لم يتم محاسبة المسؤولين عن انفجار بيروت في 4 أغسطس/آب 2020. وعلى لبنان إعطاء الأولوية لهذه الإجراءات لإعادة الثقة بين الدولة والمجتمع، وحل معضلات سياسته الخارجية. وفيما يتعلق بالعلاقات اللبنانية الخليجية، فلن تستطيع دول الخليج ولا المسؤولون اللبنانيون وقف دعم "حزب الله" لـ"الحوثيين"، حيث إن طهران هي الوحيدة القادرة على التأثير على قرار "حزب الله".
المصدر | خالد الجابر| منتدى الخليج الدولي