هآرتس :

كوخافي “الفاشل”.. رئيس أركان يصافح الإرهاب اليهودي ويبحث عن “مقعد سياسي”

profile
  • clock 9 فبراير 2022, 3:24:47 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

هآرتس بقلم: يوسي ميلمان
 يتبين رويداً رويداً أن الجنرال أفيف كوخافي هو أحد رؤساء الأركان الضعفاء جداً والسياسيين جداً في تاريخ الدولة، خصوصاً عندما نأخذ في الحسبان تبجحه وصورته الذاتية. في الوقت الذي يدخل فيه سنته الرابعة، وهي السنة الأخيرة حسب العادة، يمكن القول بأن إنجازاته حتى الآن لا تثير انطباعاً. وهاكم بعض إخفاقاته المدوية: الدفع قدماً بتعيين قادة فشلوا وفسدوا؛ وعدم مراعاة الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية لمواطني إسرائيل؛ وإعطاء الشرعية للتحقيقات المتداخلة والتستر؛ والتهرب من علاج القضايا الحساسة مثل دمج النساء والمتدينين في الجيش الإسرائيلي التباطؤ في التعامل مع العنف والإرهاب اليهودي.

 في ما يتعلق ببناء القوة واستخدامها في سوريا، والحرب السرية ضد إيران، والعمليات الخاصة في قطاع غزة والضفة الغربية وشبه جزيرة سيناء و”حزب الله”، وفي المعركة بين حربين في ساحة بعيدة مثل البحر الأحمر واليمن، يواصل كوخافي المقاربة التي ميزت سلفه غادي آيزنكوت. ولكن ثمة فجوة بين تصريحاته والكلمات العالية التي يطلقها وبين ما يتم تنفيذه على الأرض.

هناك حالات بارزة للعيان؛ كوخافي تحدث وقال بأن الجيش الإسرائيلي يجب أن يكون “قاتلاً” أكثر ويسعى إلى “الانتصار”. ولكنه عملياً، كما اتضح من عملية “حارس الأسوار” في أيار 2021، فشل في الضربة الصاعقة التي حاول فيها أن يسجن ويقتل أعضاء حماس في أنفاق غزة. بعد شهرين تسللت خلية تابعة لـ”حزب الله” إلى الحدود مع إسرائيل في مزارع شبعا. الجنود في الموقع تركوها تهرب من خلال إطلاق النار من بعيد فوق رؤوسهم لعدم تصعيد الوضع. لم يكن وارداً أي سعي للقتل أو للمواجهة.

كانت أمام كوخافي فرصة أن يصبح رئيس الأركان المثالي؛ فقد تربى في سلاح المظليين، وهو يتحدث بطلاقة ويعبر عن نفسه جيداً، ومثقف، ويظهر ثقة بالنفس، ويبدو مثل جنرال المليون دولار. ليس من غريباً أن تصل الآمال التي علقت عليه عند تسلمه منصبه إلى عنان السماء، ولكنها صفات أضرت به. ولأنه تعلم الفلسفة في الجامعة، فلديه ميل للتفلسف والثمل من كلماته. وقد بالغ بالكلمات عندما قال إن حماس والجهاد الإسلامي و”حزب الله” يجب أن تسمى “جيوشاً إرهابية” وليس “تنظيمات إرهابية”، وكأنه يمكن لهذه الدلالات تغيير الواقع. لذلك، وعلى قدر التوقعات، كان قد كبّر خيبة الأمل. وجدنا أن تقديراته كانت إشكالية، وقد اختار المقرب منه، غيل مسينغ، الضابط الصغير برتبة نقيب في الاحتياط، لمنصب المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي، وأراد ترقيته إلى رتبة عقيد دون فحص ماضيه. وقد تراجع عندما تبين أن لمسينغ علاقة إشكالية مع الشرطة. المتحدث الذي تم اختياره، العميد هدي زلبرمان، تمت ترقيته بعد سنتين إلى رتبة جنرال، وتم إرساله للخدمة كمحلق للجيش الإسرائيلي في واشنطن.

 خلال سنتين، في ولاية بنيامين نتنياهو، كان كوخافي يحذر من عدم اتخاذ موقف بخصوص علاقة الجيش الإسرائيلي مع المجتمع المدني. وقد حاول التهرب من كل تصريح قيمي كان يمكن أن يغضب أوساط اليمين ويورطه. “لا يجب الرد على كل حادثة”، قال بعد بضعة أشهر على تسلمه لمنصبه عندما سئل عن حادثة تجاوزت معايير القتال لدى الجيش الإسرائيلي. من حسن الحظ أنه لم يكن رئيس الأركان أثناء قضية أليئور أزاريا. في حادثة أخرى، اقتضى الأمر من كوخافي يومين إلى أن قام بإدانة التطاول المثير للاشمئزاز لمتظاهرين بيبيين شتموا عائلة الطيار تام فركش، الذي سقط في حرب لبنان الثانية. وهذا الخط هو الذي وجه كوخافي كي يفهم “روح القائد”، أي ائتلاف نتنياهو، وتجنب المواجهات مع الحاخامات في شؤون النوع الاجتماعي والدين.

وحدثت في عهده حوادث عدة، منها إطلاق نار متبادل انتهى بموت جنود في وحدات مختارة، مثل كتيبة الدورية للمظليين ولواء الكوماندو، بسبب إخفاقات مصدرها الاستخفاف بالإجراءات وتعليمات الأمان واللوائح. بدلاً من العمل بقوة على اجتثاث ضعف الانضباط في الجيش، قام بدعم وترقية عدد من الضباط الذين فسدوا وتنصلوا من المسؤولية.

 بعد مرور وقت على تعيينه وإعجابه بشعاراته، تبنى كوخافي شعار فرقة الناحل “المدافع بدلاً من الجوارب”، وأكد أنه يجب تفضيل الجنود على رجال الجبهة الداخلية كي يكون الجيش أكثر “قتلاً” و”نجاعة”. هو يناضل على زيادة مخصصات التقاعد لمن يخدمون في الخدمة الدائمة، ونسي وراءه جنود الخدمة النظامية الذين يتحملون العبء يوماً بعد يوم. وقد أهمل مسألة الدعم اللوجستي، وقام بتحسين نوعية الطعام والعلاج والسكن وقواعد التدريب اللوائية. وبعد ضغط الجمهور، وعندما تبين لكوخافي أن الجيش الإسرائيلي يسير على بطنه وينام على الفرشات، تراجع.

تراجع كوخافي أيضاً أمام المستوى السياسي، وصمت عندما صادق نتنياهو ومستشاره السياسي مئير بن شبات للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، على بيع طائرات “اف 35” لدولة الإمارات.

 لا يقل عن ذلك خطورة تسامحه مع الإرهاب اليهودي في “المناطق” [الضفة الغربية]. ففي تشرين الأول 2019، بعد حادثة أخرى هاجم فيها مشاغبون يهود فلسطينيين قرب “يتسهار”، قال كوخافي: “أنشغل بشكل شخصي باجتثاث السلوك الإرهابي وفعل ما في استطاعتي من أجل تطبيق القانون”. شبيبة التلال يواصلون الاحتفال أمام عجز الشرطة و”الشاباك” والجيش الإسرائيلي وغض نظرهم. قبل بضعة أيام، في جلسة الكابنت، اشتبك مع وزير الأمن الداخلي عومر بارليف، وقال إن علاج هذه الظواهر ليست من مسؤولية الجيش.

 عندما نقوم بفحص فترة ولايته، يجب الأخذ في الحسبان الظروف المخففة، التي لم تكن متعلقة به. وفي السنتين الأوليين من ولايته، تفشى في البلاد وفي العالم وباء كورونا، الذي حرف الانتباه عن الجيش. ولم تساعده أيضاً الأزمة السياسية التي تضمنت ثلاث جولات انتخابية وتبديل وزراء الدفاع.

 رغم أنه لم يتم تحديه حتى الآن في مواجهة عسكرية حقيقية، لم يتمكن كوخافي من استغلال ذلك لتحسين الجيش وتطويره، ويركه يراوح في المكان. من الواضح أنه قد أظهر في معظم الأحداث والامتحانات المهمة عدم قيادة وحكماً معيباً وتخدراً في الحواس. عند الحديث عن رئيس الأركان الـ 22 في إسرائيل بأنه رئيس أركان سياسي، فالقصد ليس أنه منحاز سياسياً أو أيديولوجياً، بل إن القصد أنه محوسب وذو طموحات للدخول إلى الساحة السياسية بعد تسرحه وانتهاء فترة التجميد. ربما سيلتقي هناك مع رئيس الموساد يوسي كوهين، الذي يشبه سلوكه سلوك كوخافي بشكل كبير.

التعليقات (0)