هل تمتلك الولايات المتحدة نفوذا كافيا لإفشال انقلاب السودان؟

profile
  • clock 20 نوفمبر 2021, 8:42:58 ص
  • eye 559
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

يأتي الانقلاب العسكري في السودان استمرارا لعقد من الانتكاسات الاستبدادية التي قوضت المكاسب الديمقراطية الهشة للربيع العربي. وفي الوقت نفسه، يمثل الانقلاب اختبارًا لالتزام الولايات المتحدة بالدفاع عن حقوق الإنسان وسيادة القانون في العالم العربي.

وكانت هناك العديد من الأحداث المشؤومة التي سبقت الانقلاب، ففي منتصف سبتمبر/أيلول زعم رئيس الوزراء السوداني "عبد الله حمدوك" أن "فصائل موالية للبشير داخل وخارج القوات المسلحة حاولت تنظيم انقلاب لإحباط الانتقال الديمقراطي المدني". وبعد شهر واحد فقط، تجمع الآلاف من المتظاهرين خارج القصر الرئاسي في السودان لمطالبة الجيش بالإطاحة بالحكومة المدنية.

وبالإضافة إلى المتظاهرين المؤيدين للعسكر في العاصمة السودانية، بدا أن للجنرالات حلفاء آخرين حيث حاصر المتظاهرون من جماعة بجا العرقية في السودان مدينة بورتسودان لمدة شهرين، وهي المنفذ الرئيسي للبلاد على البحر الأحمر.

ومع ذلك، فقد وافق قادة بجا على رفع الحصار لمدة شهر وذلك خلال المفاوضات مع الجيش السوداني بعد أيام من إطاحة القوات المسلحة السودانية بـ"حمدوك"، مع أنهم رفضوا التراجع خلال المناقشات مع إدارة "حمدوك"، ما جعل منتقدي الجيش يشمون رائحة مؤامرة.

وفي الفترة السابقة للانقلاب، بذلت الولايات المتحدة جهودا لإظهار دعمها لـ"حمدوك" والجناح المدني للحكومة الانتقالية. وفي أواخر أكتوبر/تشرين الأول، التقى المبعوث الخاص الأمريكي للقرن الأفريقي "جيفري فيلتمان" مع "حمدوك" والزعماء العسكريين الرئيسيين مثل الجنرال "عبدالفتاح البرهان" والجنرال "محمد حمدان دقلو"، وشجع "فيلتمان" التعاون بين الجنرالات ونظرائهم المدنيين.

وبدا أن الولايات المتحدة تدرك جيدا التوترات بين معسكر المدنيين بقيادة "حمدوك" ومعسكر القادة العسكريين بقيادة "البرهان" الذي كان يرأس "مجلس السيادة".

النفوذ الأمريكي محدود

وبالرغم من المخاوف الأمريكية بشأن انتقال السودان، فقد بدا الانقلاب مفاجئًا للولايات المتحدة، وقال "فيلتمان" بشأن اجتماعه مع "البرهان" في مؤتمر صحفي في 2 نوفمبر/تشرين الثاني: "لم نناقش أو نتصور أي نوع من الانقلاب العسكري وخيانة تطلعات الشعب السوداني التي قام بها الجيش بعد ساعات فقط من مغادرتي"، كما اتهم الدبلوماسي "البرهان" بـ"اختطاف وخيانة" الانتقال الديمقراطي.

وبالرغم من انتقاد الولايات المتحدة وحلفائها للانقلاب، فإن دولا أخرى أظهرت عداء أقل تجاه القيادة السودانية الجديدة، وجادل "فيلتمان" خلال مؤتمره الصحفي بأن "روسيا تبارك الانقلاب العسكري".

ووفقا لـ"رويترز"، عملت روسيا للحد من إدانة مجلس الأمن للانقلاب ليعبر البيان فقط عن "القلق الجدي بشأن الانقلاب العسكري".

وفي حين أن الدعم الروسي ربما لا يكون كافيا لتأمين شرعية النظام الجديد في السودان داخل المجتمع الدولي، فإن الجيش السوداني لديه أنصار أقرب إليه جغرافيًا. وبالنظر إلى القوات التي أرسلها الجيش السوداني لتعزيز التدخل الإماراتي والسعودي في اليمن، يمكن لـ"البرهان" الاعتماد على حلفائه أبوظبي والرياض، كما أن مصر (أكبر جارة للسودان) لا تزال مقربة من الجيش السوداني.

ومع تشديد الجنرالات قبضتهم على السودان، يبدو أن نفوذ الولايات المتحدة محدود بالفعل. وقد أوقف المسؤولون الأمريكيون بالفعل مساعدات اقتصادية للسودان بقيمة 700 مليون دولار أمريكي، ومع إنه مبلغ كبير، إلا إنه من غير المحتمل أن يجبر الجيش السوداني على التراجع. وقد تحمل "البشير" عقودًا من العقوبات الاقتصادية ولم يسقط إلا عندما تخلت عنه قاعدته، لذلك فإن إعادة "حمدوك" للسلطة ستتطلب مناورة سياسية بدلا من الضغط الاقتصادي.

خيارات الولايات المتحدة

وبالرغم من الطابع المدني لإدارة "حمدوك"، فقد أمسك الجيش بمقاليد السلطة قبل وبعد الإطاحة بـ"البشير". وقدمت موجات الاحتجاجات ضد "البشير" مبررًا لإزالته في عام 2019، لكن من دبر الإطاحة به كان القوات المسلحة وليس العناصر المدنية. وكما هو الحال الآن، أعلن الجيش أنه صاحب القول الفصل في مستقبل السودان.

ومن خلال الاعتراف بالموقف الراسخ للجيش السوداني، يمكن للولايات المتحدة أن تبدأ في تطوير استراتيجية لإحياء الانتقال الديمقراطي في السودان.

وبالرغم أن المسؤولين الأمريكيين لديهم نفوذ محدود في البلاد، إلا أن شركاء الولايات المتحدة في المنطقة لديهم نفوذ أكبر يسمح لهم بالتصرف. فقد علق الاتحاد الأفريقي عضوية السودان وتوقف البنك الدولي عن صرف الأموال إلى البلاد. ومن خلال التنسيق مع المنظمات الدولية، يمكن للولايات المتحدة تعظيم العقبات التي تحول دون استمرار الحكم العسكري في السودان.

أما على المستوى الدولي، فإن علاقات الولايات المتحدة مع مصر والسعودية والإمارات تعوّض عدم وجود نفوذ أمريكي مباشر في السودان، ويمكن للمسؤولين الأمريكيين (علنًا أو في الكواليس) أن يضغطوا على مؤيدي الانقلاب السوداني في الشرق الأوسط لسحب دعمهم أو الضغط على الجيش للتوصل إلى حل وسط مع خصومه المدنيين. ويعتبر تحالف روسيا مع السودان تحديا أكبر، لكن حتى روسيا لا تستطيع أن تدعم "البرهان" بمفردها.

ووصف بعض الخبراء الانقلاب في السودان باعتباره ضربة قاضية للربيع العربي، ولكن يمكن للولايات المتحدة والمجتمع الدولي أن يعيدوا الأمل في مستقبل الديمقراطية إذا ساهموا في إنجاح جهود الاحتجاجات السودانية المستمرة لدحر الانقلاب.

وحتى إذا احتفظ الجيش السوداني بالسيطرة على السودان، فإن عدد مناهضي الانقلاب في الداخل والخارج ينمو يوما بعد يوم، وما زال السودانيون المحتجون يسعون للديمقراطية ويتطلعون للخارج بحثًا عن الدعم.

المصدر | أوستن بوديتي | إنسايد أرابيا

التعليقات (0)