هل تنجح حماس وفتح في رحلة البحث عن الشرعية عبر الانتخابات

profile
رامي أبو زبيدة كاتب وباحث بالشأن العسكري والامني
  • clock 1 أبريل 2021, 5:02:55 م
  • eye 1054
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

قالت إيميلي هاوثرون وريان بول من مركز الدراسات الاستراتيجية والأمنية الأمريكي “ستراتفور”، ان حركتا "حماس" و"فتح" تنظر إلى الانتخابات الفلسطينية باعتبارها فرصة لتحسين شرعيتهما، بعد سنوات من الجمود السياسي، لكن هذا الهدف قد لا يتحقق مما يعمق الأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في الأراضي الفلسطينية ويزيد من عزلتهما الدولية.

وكان رئيس السلطة الفلسطينية "محمود عباس" أصدر، في 15 يناير/كانون الثاني، مرسوما بإجراء سلسلة من الانتخابات في الضفة الغربية وقطاع غزة، والتي ستكون أول انتخابات وطنية فلسطينية منذ عام 2005. ومن المقرر إجراء الانتخابات التشريعية في 22 مايو/أيار، والانتخابات الرئاسية في 31 يوليو/تموز والمجلس الوطني الفلسطيني في 31 أغسطس/آب.

وجاء المرسوم الانتخابي على خلفية محادثات المصالحة بين "حماس" و"فتح" في إسطنبول والقاهرة والتي بدأت في أواخر عام 2020 واستمرت حتى مارس/آذار 2021. وبينما لم تحدث مصالحة كاملة بعد، كانت المحادثات إشارة على أن الفصائل السياسية الفلسطينية من "حماس" و"الجهاد الإسلامي" إلى "فتح" أكثر جدية في التعاون قبل الانتخابات المقررة.

وتشعر الحركات الفلسطينية بالضغط لإجراء انتخابات طال انتظارها؛ لأن الضغوط الاقتصادية والشلل السياسي وتقدم إسرائيل دبلوماسيا يقوض شرعية كل من "حماس" و"فتح" بين الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية وحتى مع الحلفاء العرب في دول مثل الإمارات والسعودية وقطر.

وكان الجدال حول التفاصيل أعاق خطط إجراء الانتخابات من قبل، ويمكن أن يتسبب ذلك في الفشل مرة أخرى، كما أن الشكاوى التي تقدمها كل من "حماس" و "فتح" ضد قوائم مرشحي الطرف الآخر قد تعرقل العملية في آخر ساعة كما حصل من قبل. وبالرغم أن الانتخابات لن تحل القضايا الأساسية التي تثير الانقسام، فإن إجراءها سيظهر على الأقل الإرادة الشعبية الفلسطينية، والتي يأمل قادة الحركات أن تعزز مكانتهم بين الفلسطينيين وأن تؤدي إلى حلول وسط بشأن قضايا أكبر مثل السعي لإقامة دولة.

وقد أدى الإحباط الاقتصادي الذي يشعر به الفلسطينيون في جميع أنحاء الضفة الغربية وقطاع غزة والشتات إلى تزايد الغضب الشعبي من الشلل الناتج عن الانقسام بين "فتح" و"حماس"؛ مما دفع الفصيلين إلى مواصلة التعاون. وفي مواجهة الاستياء الشعبي، يبدو أن الحركتين تعترفان بأن التنسيق بينهما يمكن أن يؤدي إلى مكاسب سياسية من حيث الثقة والشعبية والشرعية المحلية لكل منهما. ويشير التقدم في التخطيط للانتخابات إلى تحسن في الديناميكية الداخلية للسلطة الفلسطينية.

ووصلت البطالة الفلسطينية بشكل عام إلى 40%، وهو معدل كئيب حتى بالمعايير الإقليمية. وانكمش الاقتصاد بنسبة 8% عام 2020 مع الآثار الاقتصادية لوباء "كورونا". وكشف الأمين العام للسلطة الفلسطينية في 17 مارس/آذار الجاري أن مشروع موازنة 2021، الذي سيكون من الصعب تمريره بسبب السياسة والخلافات المعتادة، يظهر عجزا قدره 1.2 مليار دولار. ويعني ذلك أن السلطة الفلسطينية ستظل معتمدة بشكل كبير على المساعدات الخارجية، والتي قد يكون من السهل الحصول عليها إذا جرت انتخابات ديمقراطية.

إضافة إلى ذلك، تواجه "فتح" ضغوطا متزايدة للبحث عن خليفة للرئيس "محمود عباس"، البالغ من العمر 85 عاما. والذي بات إرثه على المحك بدون وريث واضح قادر على تقديم نجاحات في المفاوضات الدبلوماسية وفي قيادة "فتح".

وقد واصل "عباس" احتفاظه بالسلطة بالرغم من انتهاء فترة ولايته البالغة 4 سنوات عام 2009، وباءت التعهدات المتكررة بإجراء الانتخابات بالفشل.

وتظهر الاستطلاعات تراجع شعبية "عباس"، حيث تصل نسبة الرفض له إلى 65%.

وبالرغم أن "حماس" تحظى بالأغلبية في المجلس التشريعي الفلسطيني منذ عام 2006، فإن "فتح" تسيطر على معظم المناصب السياسية المهمة التي تتعامل مع العالم الخارجي، بما في ذلك رئاسة السلطة الفلسطينية وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية. لكن "فتح" أصبحت ممزقة بتيارات داخلية ونزاعات، وقد يساعد التفويض الشعبي الجديد القيادة المستقبلية لـ"فتح" على الحفاظ على الحركة والتنسيق مع "حماس" والحركات الأخرى.

وقد اتفقت "فتح" مع قيادة "حماس" على كيفية ترتيب الانتخابات، وهي مسألة حاسمة حالت دون إجرائها من قبل عدة مرات؛ مما يشير إلى تصميم من جانب "فتح".

وتضغط التطورات الدولية مثل التطبيع العربي الإسرائيلي، ووباء "كورونا" على الفصائل الفلسطينية لتقديم تنازلات. وقد أدت موجة التطبيع إلى إضعاف استراتيجية "فتح" المفضلة لعزل إسرائيل دبلوماسيا. ومن المرجح أن يستمر التطبيع مع تراجع القضية الفلسطينية على أجندة أولويات الدول الإسلامية التي تتطلع للوصول إلى قطاع التكنولوجيا الإسرائيلي وصادرات الدفاع المتطورة.

في غضون ذلك، ستظل اقتصادات الفلسطينيين المتعثرة معتمدة على المساعدات الدولية في أعقاب الوباء؛ مما يجعل استخدام "حماس" للمواجهات المسلحة أقل فاعلية، حيث تستخدم إسرائيل قدرتها على وقف المساعدات لقطاع غزة كوسيلة ضغط لفرض وقف إطلاق النار.

وإذا أجريت الانتخابات الفلسطينية فعليا، فسيشير ذلك إلى رغبة في إحراز تقدم داخلي وتحسين الاستراتيجية الدبلوماسية للفلسطينيين بشكل كبير للضغط على إسرائيل للاعتراف بدولة مستقلة.

ومن القضايا الرئيسية المثيرة للانقسام بين "فتح" و"حماس" الخلاف حول كيفية بناء والحفاظ على العلاقات مع الدول المجاورة، بما في ذلك إسرائيل والدول العربية؛ لتحقيق الهدف المشترك المتمثل في إقامة دولة فلسطينية.

وبالرغم أن "حماس" ستظل على الأرجح أكثر تصادما مع إسرائيل من "فتح"، إلا أن الاتفاق على شيء مثير للجدل مثل الانتخابات يشير إلى إمكانية التوصل إلى حل وسط بشأن القضايا الأخرى المثيرة للجدل، بما في ذلك قضية إسرائيل.

وقد يؤدي الفشل في إجراء الانتخابات إلى حدوث أزمة كبرى أخرى في الأراضي الفلسطينية وتعميق العزلة الدولية للسلطة.

وإذا كان أداء "حماس" أو حركة مسلحة أخرى مثل "الجهاد الإسلامي" جيداً في الانتخابات التشريعية في مايو/أيار دون إبداء استعداد للتخلي عن المقاومة؛ فقد ينتج عن ذلك رد فعل دولي عنيف آخر على الانتخابات.

ومن شأن ذلك أن يعزل السلطة الفلسطينية ويحث "فتح" على رفض نتائج الانتخابات؛ مما ينتج عنه أزمة سياسية بل وأمنية أخرى في الضفة الغربية وغزة.

التعليقات (0)