- ℃ 11 تركيا
- 23 ديسمبر 2024
هل ينهار الحوار التركي المصري مع بيع أنقرة مسيرات إلى إثيوبيا؟
هل ينهار الحوار التركي المصري مع بيع أنقرة مسيرات إلى إثيوبيا؟
- 21 أكتوبر 2021, 7:04:24 ص
- 689
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
يبدو أن الطائرات بدون طيار تركية الصنع من طراز "بيرقدار تي بي 2" التي غيرت قواعد اللعبة بالنسبة لحلفاء أنقرة في ليبيا وناغورني قره باغ ستظهر في أجواء أفريقية جديدة، لكن هذه المرة قد تؤدي إلى تعقيد محاولات أنقرة لإصلاح العلاقات مع مصر.
وانضمت إثيوبيا، التي على خلاف مع مصر منذ فترة طويلة بسبب سد النهضة، إلى الجزائر والمغرب ونيجيريا ورواندا كمشتري أفريقي محتمل للطائرات بدون طيار "تي بي 2".
وذكرت "رويترز" الأسبوع الماضي أن تركيا تفاوضت مع إثيوبيا على اتفاق قد يشمل أيضا ضمانات تخص قطع الغيار والتدريب. ولا تزال التفاصيل غير معروفة حيث التزم الجانبان الصمت حيال هذه القضية.
وفي منتصف سبتمبر/أيلول، استقبل المغرب الدفعة الأولى من طلب يتكون من 12 طائرة. وكانت المملكة قد أرسلت عناصر إلى تركيا للتدريب خلال الصيف، وفقا لوسائل الإعلام المحلية.
وتثير نية تركيا تزويد إثيوبيا بطائرات مسيرة مسلحة وسط سعيها لتطبيع العلاقات مع مصر تساؤلات حول الحكمة الاستراتيجية وراء البيع. فهل تقوم أنقرة بخطوة غير حكيمة تقوض حوارها مع القاهرة؟ أم أنها ترى التعاون العسكري مع إثيوبيا تكتيكا للضغط على مصر لتقديم تنازلات؟ أم تعتقد أن البيع لن يسبب احتكاكا مع مصر بالنظر إلى أن القاهرة ترى الصراع في تيجراي (منطقة الاستخدام المحتملة للطائرات بدون طيار) على أنها مسألة داخلية لإثيوبيا؟
وقال مصدران أمنيان مصريان لـ"رويترز" إن القاهرة طلبت من الولايات المتحدة وبعض الحكومات الأوروبية مساعدتها في تجميد أي صفقة طائرات مسيرة بين تركيا وإثيوبيا، بينما قال مسؤول مصري ثالث إن الأمر سيتعين توضيحه في محادثات ثنائية. في غضون ذلك، قال مصدر مقرب من الحكومة التركية لـ"المونيتور" إن الصفقة تتقدم بوتيرة أسرع مما كان متوقعا، مؤكدا أن أنقرة لا تتوقع أن يكون رد فعل القاهرة بشكل يعرقل الحوار الثنائي.
وفي خطوة يُنظر إليها على أنها محاولة لتمهيد الطريق للتعاون العسكري مع تركيا، استجابت أديس أبابا لدعوات تركية لنقل إدارة المدارس التي تديرها حركة "جولن"، التي تلقي أنقرة باللوم عليها في محاولة الانقلاب عام 2016، إلى مؤسسة تابعة للحكومة التركية.
وبالنسبة لـ "أردوغان"، فقد أتاح التقارب مع إثيوبيا فرصة لتعزيز سياسته في الانفتاح على أفريقيا.
ومن وجهة نظر القاهرة، سيكون البعد العسكري في العلاقات التركية الإثيوبية تطورا غير مرحب به قد يضعف الردع العسكري المصري في المنطقة. وكان العامل الأول الذي أجبر القاهرة على قبول عرض أنقرة للتطبيع في وقت سابق من هذا العام هو الموقف الحاسم الذي اكتسبته تركيا في ليبيا من خلال دعم حكومة طرابلس. وبالنسبة للقاهرة، أصبح الوجود التركي في ليبيا قضية أمن قومي.
وسيكون الموقف التركي الذي من شأنه منح إثيوبيا موقفا أقوى في أزمة السد تحديا مماثلا للقاهرة. وما يزال من غير المعروف إذا كانت خطة تركيا لبيع طائرات مسيرة مسلحة لإثيوبيا تم تناولها خلال الجولة الثانية من محادثات التطبيع بين المسؤولين الأتراك والمصريين في سبتمبر/أيلول.
وبالنسبة لمصر، أصبح تورط تركيا في صراعات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قضية مثيرة للقلق. ومن جانبها، لم تظهر أنقرة أي تردد بشأن بيع الأسلحة إلى مناطق الصراع. على سبيل المثال، رد وزير الخارجية "مولود جاويش أوغلو" على التحذيرات الروسية بشأن مبيعات تركيا للطائرات بدون طيار لأوكرانيا بالقول إن تركيا مستعدة لبيع طائرات بدون طيار إلى روسيا أيضا.
ويمكن أن تتخذ أنقرة موقفا مماثلا إذا ظهرت القضية في المفاوضات مع مصر. وبالرغم من التفاؤل السائد في أنقرة، فإن عملية التطبيع مع مصر قد تكون في خطر إذا استمرت في بيع الطائرات بدون طيار لإثيوبيا.
ووفقا لـ "أيدن سيزر"، الملحق التجاري السابق بالسفارة التركية في القاهرة، يصعب على أنقرة كسب أي نفوذ ضد القاهرة إذا رأت أن محادثات الطائرات بدون طيار مع أديس أبابا ورقة ضغط. وقال إن "أنقرة تفتقر إلى القدرة على صياغة استراتيجية للضغط على القاهرة".
وقال "سيزر" لـ "المونيتور": "الجانب التركي في موقف ضعيف"، في إشارة إلى محادثات التطبيع، مشيرا إلى أن القاهرة لا ترغب في تقديم أي تنازلات حيث يستمعون في الغالب إلى الجانب التركي ويريدون رؤية الخطوات التي ستتخذها أنقرة.
وفيما يتعلق باحتمالية استخدام إثيوبيا للطائرات بدون طيار لمحاربة الانفصاليين، فإن أي توقع بأن هذه الحجة ستزيل مخاوف مصر تبدو متفائلة للغاية.
وفي يوليو/تموز، وسط اشتباكات متصاعدة في تيجراي، انتشرت تقارير تفيد بأن أديس أبابا تلقت 10 طائرات استطلاع بدون طيار من أنقرة، وهو ادعاء نفته السفارة التركية.
واستولت القوات المتمردة في تيجراي على العاصمة الإقليمية "ميكيلي" في يونيو/حزيران، الأمر الذي دفع الحكومة الإثيوبية على ما يبدو إلى السعي لتوثيق العلاقات مع تركيا وتقديم طلب للحصول على المسيرات كسلاح فعال ومنخفض التكلفة لقلب التوازن العسكري في المنطقة. وقد وقع رئيس الوزراء الإثيوبي "آبي أحمد" 3 اتفاقيات بشأن التعاون العسكري خلال زيارة لأنقرة في أغسطس/آب.
وبحسب "رويترز"، ارتفعت صادرات الدفاع والطيران التركية إلى إثيوبيا إلى 51 مليون دولار في الأشهر الـ 3 الأولى من عام 2021 من 203 آلاف دولار في الفترة نفسها من العام الماضي. وأشارت الوكالة إلى قفزة في أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول دون تحديد أرقام.
وقد يؤدي استخدام إثيوبيا للطائرات التركية المسلحة بدون طيار في تيجراي إلى إثارة مشاكل جديدة في الشؤون الخارجية لتركيا، بما يتجاوز التوترات المحتملة مع القاهرة.
وفي أعقاب اجتماع للأمم المتحدة بشأن إثيوبيا في سبتمبر/أيلول، دعت بريطانيا وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة إلى إنهاء الأعمال العدائية في تيجراي واستئناف المحادثات ووصول المساعدات الإنسانية إلى المنطقة دون عوائق.
وأثارت واشنطن شبح العقوبات. وفي خطوة زادت من حدة التوترات، طردت أديس أبابا 7 من مسؤولي الأمم المتحدة ردا على انتقادات لها بأنها تمنع وصول المساعدات الإنسانية إلى تيجراي.
وفوق كل ذلك، شجب بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية الإثيوبية تصرفات الحكومة في تيجراي ووصفها بأنها "إبادة جماعية".
وتُظهر كل هذه التطورات أن أنقرة سيكون لديها أسئلة صعبة للإجابة عليها للمجتمع الدولي إذا ما شرعت في بيع طائرات مسلحة بدون طيار إلى أديس أبابا.
وبالمثل، فإن التعاون العسكري التركي مع المغرب يمكن أن يفسد علاقاتها مع الجزائر؛ حيث لا يزال البلدان على خلاف حول إقليم الصحراء الغربية المتنازع عليه.
وفي 17 أكتوبر/تشرين الأول، شرع "أردوغان" في جولة في أنجولا وتوجو ونيجيريا، ومن المتوقع أن الطائرات المسلحة بدون طيار كانت على جدول أعماله أيضا. وفي حديث له قبل زيارة "أردوغان"، أعلن حاكم ولاية زامفارا النيجيرية عن خطط للحصول على طائرات مسيرة مسلحة من تركيا. وتجري نيجيريا محادثات أيضا مع شركة "روكيتسان" التركية لشراء ذخيرة.
المصدر | فهيم تستكين/المونيتور