واشنطن بوست: استراتيجية السيسي لحقوق الإنسان بين إرضاء الخارج وشك المعارضين

profile
  • clock 6 أكتوبر 2021, 3:18:46 م
  • eye 638
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

علقت صحيفة “واشنطن بوست” على استراتيجية حقوق الإنسان التي أعلن عنها النظام المصري لعبد الفتاح السيسي مؤخرا وقالت إنها جاءت نتاجا للضغط بسبب انتهاكات حقوق الإنسان. ولكن الإستراتيجية كما تقول سيوبان أوغاردي كانت بنتائج مزيجة.

 وأضافت أن الحكومات الغربية ومنظمات حقوق الإنسان ظلت على مدى السنوات الماضية تدعو الرئيس السيسي لتخفيف قمعه ضد المعارضة، والذي تم فيه اعتقال الآلاف بمن فيهم ناشطون وصحافيون. واليوم وبعد أن كشف عن أول استراتيجية لحقوق الإنسان في الشهر الماضي، يشعر بعض الناشطين بالتفاؤل الحذر ويقولون إنه يقوم بتقدم تدريجي في مجال حقوق الإنسان. وهناك من يتحدثون بحذر وأنها لا تؤشر لشيء بقدر ما هي محاولة لتخفيف الضغط الأجنبي.

وأعلن السيسي عن الوثيقة قبل أيام من قرار إدارة الرئيس جوي بايدن فرض شروط جديدة متعلقة بحقوق الإنسان على 130 مليون دولار من المساعدة السنوية الأمريكية لمصر وهي 1.3 مليار دولار. وضمت الشروط وقف مصر المحاكمة المعروفة بـ “قضية 173” والتي تحقق في منظمات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان، فإما أن تلغي الاتهامات أو تفرج عن 16 شخصا طرحت الحكومة الأمريكية أسماءهم مع الحكومة المصرية. ونقلت الصحيفة عن علاء رشدي، مساعد وزير الخارجية لشؤون حقوق الإنسان قوله إن الاستراتيجية يجري العمل عليها منذ سنوات ولم تنشر ردا على مخاوف من الحكومة الأمريكية أو قوى أجنبية أخرى. وهي “مبادرة وطنية” خالصة كما قال.

وتغطي المبادرة 70 صفحة وتفصل خطط الحكومة لحماية الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية وحقوق الإنسان الأخرى وعلى مدى السنوات الخمس المقبلة. وتتعامل المبادرة مع مظاهر قلق طرحتها جماعات حقوق إنسان مثل الاعتقال قبل المحاكمة والتي يقول المدافعون عن حقوق الإنسان إنه استخدم للإبقاء على المعتقلين لأمد غير نهائي.


وقال النائب السابق محمد أنور السادات والذي يتحدث عن حقوق الإنسان “خطوة جيدة وإيجابية”. وطرد السادات من البرلمان في 2017 وسط مزاعم أنه قام بتوزيع تعليقات مهينة لمؤسسات أجنبية واتهامات بتزوير توقيعات زملائه. ويتزعم الآن حزب الإصلاح والتنمية وينسق عمل جماعة مستقلة تقوم بتنسيق الإفراج عن السجناء. وقال إن استراتيجية الحكومة تقدم فرصة لمحاسبة المسؤولين لتنفيذ الأفكار التي احتوت عليها و “نريد مشاهدة أمور تحدث على الأرض”.

أما نجاد البرعي، المحامي في مجال حقوق لإنسان والذي تم التحقيق بنشاطاته بناء على “القضية 173” وحضر اجتماعات الحكومة لإعداد وتطوير الإستراتيجية فقد قال إنها “قد تكون سلاحا في أيدينا للدفع باتجاه تغيير أكبر ودعم حقوق الإنسان”. ولكنه يتبنى نهج الانتظار ومشاهدة ما يحدث “كل ما أقوله لهم: سأراقبكم وسأرى إن كنتم صادقين أم لا”. وأعلنت الصحافة المصرية هذا الأسبوع عن موافقة البرلمان على إعادة تشكيل المجلس الوطني لحقوق الإنسان والذي سيضم السادات ورموزا أخرى. وقال مساعد وزير الخارجية، رشدي إن الإستراتيجية تعبر عن “إرادة سياسية قوية” تعطي حقوق الإنسان الأولوية.

وقال إن المسؤولين درسوا استراتيجيات من 30 دولة بما فيها تنزانيا وفنلندا وأوزبكستان ونيوزلندا وأذربيجان و “كل شيء في هذه الإستراتيجية لأننا نستمع”. وجاء قرار إدارة بايدن وضع شروط على جزء من المساعدات الأمريكية وربطها بالتقدم في مجال حقوق الإنسان ليثير انتقاد الكثير من الدوائر وأن ما فعلته الإدارة لم يكن كافيا.


ويرى شريف منصور، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في لجنة حماية الصحافيين “إنها ساذجة وخجولة”، ومنصور من المتهمين في “القضية 173” وقال إن “منح شيكات مفتوحة بنسبة 90% تظل شيكا مفتوحا كبيرا”. وقال بايدن في حملته الانتخابية إنه سيتوقف عن منح الصكوك المفتوحة لديكتاتور ترامب المفضل، والتزم خلال الشهور الأربعة من دخوله البيت الأبيض بعدم الاتصال هاتفيا بالسيسي رغم أهمية مصر في المنطقة. وحصل السيسي على رضى من البيت الأبيض بعد الدور الذي لعبته القاهرة في ترتيب وقف إطلاق النار بين حماس في غزة وإسرائيل، بعد اندلاع الحرب في أيار/مايو.

والتقى مستشار الأمن القومي جيك سوليفان مع السيسي في القاهرة بعد زيارة للسعودية والإمارات العربية المتحدة. وفي ظل الخطاب المتشدد من بايدن عن حقوق الإنسان، كان الناشطون يأملون بشروط على أكثر من 130 مليون دولار من المساعدة الأمريكية. 

وقال السناتور الديمقراطي عن كونيكتيكت كريس ميرفي وعضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ “خوفي أن تحدث تغييرات تجميلية خفيفة وأن يبقى عشرات الآلاف من السجناء السياسيين بنهاية العام”. وأضاف أن “المخاطر من متابعة سياسة تقوم على الإفراج عن مجموعة من الناس أنها تعفي النظام من استبدالهم بعدد متساو أو أكبر من الأشخاص الذين وضعوا في السجن في وقت أفرج فيه عن البعض”.

وكانت ماهينور المصري، المحامية في مجال حقوق الإنسان من بين المعتقلين الذين أفرج عنهم في شهر تموز/يوليو بعد قضائها 22 شهرا معتقلة قبل المحاكمة واتهمت بنشر “الأخبار الكاذبة” والتعاون مع مجموعة إرهابية. ولا تعرف كما تقول الظروف التي أدت للإفراج عنها “كل ما يمكنني التفكير به هو أنهم كانوا يريدون تحسين صورتهم، وليس أكثر من هذا، لأنه كان يجب الإفراج عنا، بطريقة أو بأخرى منذ وقت طويل وكذا الآخرين”. واعتقدت المصري أن الحكومة ربما استخدمت الإفراج عنها “لإرسال رسالة أن هناك تغيرا سيحدث”، ولكن غياب التحرك على عدد من الحالات جعلها تشك في استراتيجية حقوق الإنسان وإن كانت ستقود للتقدم “أطلقوا سراح الناس الحقيقيين وانظروا في حالات الجميع”.

وبعد الإعلان عن الإستراتيجية وجهت اتهامات لباتريك جورج زكي، الباحث في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية والمعتقل منذ شباط/فبراير 2020، بنشر الأخبار الزائفة في الداخل والخارج عبر مقال نشره عام 2019. وظهر أمام المحاكمة في الأسبوع الماضي لكن جلسة الاستماع أجلت حتى كانون الأول/ديسمبر. 

وقال حسام بهجت، مدير المبادرة الشخصية للحقوق الشخصية إن الإستراتيجية قد تغير حياة البعض إلا أن معضلة منظمته “هي مثال حقيقي عن الانفصام بين الخطاب والواقع”. وقال “طلب منا التعامل مع جدية الحكومة بشأن حقوق الإنسان على شكل الوثيقة التي أعلن عنها” في الوقت الذي ندافع فيه “عن واحد من باحثينا الذي يواجه حوالي 8 أعوام في السجن لأنه كتب مقالا”.

ويواجه بهجت نفسه محاكمة في تشرين الثاني/نوفمبر بسبب تغريدة نشرها العام الماضي انتقد فيها الرئيس الراحل لسلطة الانتخابات الوطنية، وحثت وزارة الخارجية الأمريكية على عدم استهداف بهجت. ورفض رشدي التعليق على حالات بعينها، مشيرا إلى بدء تنفيذ الخطة بشكل تدريجي، ولا توجد هناك “عصا سحرية” بل خطة طويلة الأمد.

القدس العربي

التعليقات (0)