"يديعوت أحرونوت": ترامب أعطى"حماس" ونتنياهو ما يريدانه

profile
  • clock 12 فبراير 2025, 11:13:43 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

المحلل السياسي آفي يسخروف - يديعوت أحرونوت

لنأمل أن يكون ما جرى ليس سوى تأجيل، أو إشكال بسيط جداً في المفاوضات، لكن يبدو أننا أمام مسار، نهايته معروفة مسبقاً: الموت. وبذلك، نقترب من نهاية صفقة التبادل وهي لا تزال في مرحلتها الأولى. كل شيء يبدو متوقعاً تقريباً، فبعد وقت قصير على خطاب نتنياهو في الكنيست، والذي قال خلاله إن هدف الحرب كان، ولا يزال، تفكيك "حماس"، وبعد أيام على الخطاب التاريخي الذي ألقاه رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب بشأن نفي سكان القطاع، أعلن المتحدث الرسمي باسم الذراع العسكرية لحركة "حماس" خبر تأجيل تحرير المخطوفين الثلاثة، الذين كان يُفترض إطلاقهم يوم السبت المقبل، إلى أجَل غير معروف.

المتحدث باسم الذراع العسكرية، أبو عبيدة، ادّعى أن إسرائيل خرقت التزاماتها بشأن التسهيلات الإنسانية، لكن يبدو أن هناك مبررات لتأخير الصفقة، ويمكن أن يكون أكثر من ذلك. قد تكون  إسقاطات هذا الإعلان دراماتيكية، ويمكن أن تقود إلى تجدُّد القتال قريباً، لكن يمكن أن نشهد أيضاً محاولات من الوسطاء بشأن تنفيذ تحرير المخطوفين الثلاثة يوم السبت المقبل.

لا تزال المشكلة المركزية هي نفسها: فبعد دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، كان من الواضح أن لدى "حماس"، وأيضاً لدى حكومة نتنياهو، مصلحة واضحة - كلٌّ لأسبابه الخاصة - في عدم الوصول إلى المرحلة الثانية من الصفقة. بالنسبة إلى نتنياهو، هذا يعني نهاية وجود ائتلاف اليمين الكامل الذي يترأسه؛ وبالنسبة إلى "حماس"، هذا معناه تحرير جميع المخطوفين الإسرائيليين، وبذلك، ستسمح لإسرائيل بمهاجمتها من دون أيّ قيود وخوف من أذية الرهائن. ما دام لا يزال لدى "حماس" رهائن، فلديها ما تفاوض بشأنه- عصا (أو جزرة) تهدد بها الإسرائيليين.

في لحظة عبور المخطوفين كلهم إلى إسرائيل، تكون دماء قيادات "حماس" الكبيرة مهدورة. سابقاً، كانت التقديرات تقول إن الرجل الوحيد الذي يمكنه منع انهيار الصفقة في المرحلة الأولى هو الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وأشارت إلى أن الطرفين سيمضيان نحو المرحلة الثانية بسبب الخوف منه.

لكن ترامب أثبت أنه لا يزال هو نفسه، ترامب غير المتوقع، الذي يرتجل خططاً، تدور شكوك كثيرة حول واقعيتها. هذه المرة، جاء ارتجال ترامب في مقولة (هناك مَن يقول إنها خطة) تتناقض مع كل ما تنصّ عليه الرواية القومية الفلسطينية: النفي، أو الترانسفير، مثلما حدث في النكبة سنة 1948. عملياً، منح ترامب "حماس" وحكومة إسرائيل السلّم الذي بحثتا عنه للنزول عن الشجرة المسماة "المرحلة الثانية من صفقة التبادل".

يمكن لنتنياهو العودة إلى استئناف الحرب في غزة، على الرغم من أنه لا يملك خطة خروج منها؛ ويمكن لحركة "حماس" أن توضح لجمهورها ماذا يعني "الصمود". في جميع الأحوال، إن عروض السيادة التي تقوم بها "حماس" في الآونة الأخيرة، تنجح في إعادة بعض الاحترام الذي فقدته الحركة، لأنها نجحت في النجاة سلطوياً أيضاً. "حماس" قرأت الوضع جيداً، أو بكلمات أدق، قرأت تصريحات نتنياهو بشأن تجدُّد القتال ضد الحركة قريباً، حتى تفكيكها- ويبدو أنها فهمت أنه لا مصلحة لها في استكمال حتى المرحلة الأولى من الصفقة.

حالياً، وفي عالم موازٍ، نشر رئيس الحكومة الادعاءات الكاذبة خلال خطابه في الكنيست، الواحدة تلو الأُخرى. وأشار بشكل غير مباشر إلى أن المعارضة كانت ضد الدخول إلى رفح، وفي الحقيقة، هو مَن أخّر الدخول البري إلى رفح، وبعد ذلك، صادق على عملية محدودة جداً فقط.  وقال خلال خطابه "نحن نعرف جيداً ماذا يعني الانتصار المطلق"، وكأن "7 أكتوبر" لم يحدث خلال ولايته. وحاول الادّعاء، المرة تلو الأُخرى، أنه هو الذي دفع بعملية عدوانية ضد "حماس"، لأنها غيّرت مواقفها في المفاوضات، لكن ما حدث أنه هو مَن أخّر المناورة البرية، بعد السابع من أكتوبر، بسبب تأخُّر تنفيذ صفقة التبادل.

للأسف، سيؤدي تجدُّد القتال، على ما يبدو، إلى موت مزيد من المخطوفين في الأسر، وإلى معارك إضافية ومصابين من الجانب الإسرائيلي، وكلّ هذا من دون أيّ استراتيجيا واضحة بشأن خطة "اليوم التالي" الإسرائيلية، بعد "حماس". يمكن لنتنياهو الاستمرار في إلقاء الخطابات في الكنيست فيما يتعلق بخطاب ترامب التاريخي الذي قدّم خطة لـ"اليوم التالي"، لكنه يعلم جيداً في داخله بأن هذه الخطة لن تعمل ميدانياً. لكن من المؤكد أنه يستطيع، طبعاً، التلاعب بقاعدته الشعبية.


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)