- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
يديعوت: هل استعدت إسرائيل للخيار العسكري ضد إيران؟
يديعوت: هل استعدت إسرائيل للخيار العسكري ضد إيران؟
- 22 فبراير 2022, 2:39:58 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
حين اكتشفت إسرائيل الجهد النووي الإيراني في 1994، قدر أفضل الخبراء بأن الإيرانيين سيصلون إلى سلاح نووي في 2005 أو في أقصى الأحوال في 2010. عندما دخل الإيرانيون إلى سوريا كي يبنوا قوتهم العسكرية، كانت لهم خطط مرتبة، ولكنهم نجحوا في تحقيق نحو 25 في المئة منها، ويبدو أقل. مشروع الدقة المشترك مع “حزب الله” كان ينبغي أن يُنتج حتى الآن آلافاً من الصواريخ والمقذوفات الصاروخية الدقيقة، ولكنهم بعيدون عن هذا العدد مسافة كبيرة.
تحققت هذه التأجيلات بسبب استخدام عاقل للقوة. وبالطبع، ليس استخدامها هو ما أدى بإيران ألا يكون لها سلاح نووي. فقد نجحت إسرائيل في تجنيد الولايات المتحدة، التي جلبت قوتها الاقتصادية ودولاً أخرى كي تضغط على طهران. ولكن بدون استخدام القوة، من أنواع مختلفة، لاقتربت إيران من النووي كثيراً.
المقال الجدي لصاحبه عوفر شيلح، أمس، في “يديعوت أحرونوت”، لم يكن دقيقاً في وصف مساهمة استخدام القوة في إنجازات إسرائيل لكبح القدرة الإيرانية في سوريا وموضوع السلاح الدقيق. لأنها إنجازات تحققت بالقوة فقط، ولا أعرف طريقاً آخر لمنع الأمرين، ويبدو أن شيلح لا يعرف طريقاً كهذا؛ إذ فضلاً عن الكلام العام لم أرَ في مقاله أي شيء عملي.
تبدو الأمور أكثر تعقيداً في موضوع منع النووي الإيراني، فالأمريكيون يطورون أسطورة أنهم وقعوا على اتفاق في عهد أوباما لأن إسرائيل هددت بالهجوم. ولكن في الأيام التي توجه فيها الأمريكيون إلى المفاوضات وإخفائها عن إسرائيل، مهم القول إن إسرائيل قالت لهم بوضوح: لكم الزمن، ولن نهاجم ما دام الإيرانيون لم يتجاوزوا خطوطاً معينة.
سارع الأمريكيون إلى عقد صفقة سيئة ليس لأنهم تخوفوا من هجوم إسرائيلي، بل لأنهم لم يرغبوا في الوقوف أمام وضع يسألهم فيه العالم وعلى رأسه إسرائيل، ما الذي يعتزمون عمله حين يتبين أن الإيرانيين ليسوا مستعدين للتنازل عن البرنامج النووي. لهذا الغرض، غيروا سياستهم من “تفكيك القدرة النووية” إلى “التأجيل والرقابة”. ولكن بسبب الاتفاق السيئ، لم يتأجل كل شيء ولم تنشأ رقابة واسعة وعميقة بما يكفي. لم يكن هذا اتفاقاً سيئاً بررته الإدارة بذريعة لا أساس لها في الواقع تتمثل بـ “منع الهجوم الإسرائيلي”. لأسفي، هناك من يشتريها في إسرائيل أيضاً.
يجب قول الحقيقة الحزينة: لو أرادت إسرائيل منع استمرار البرنامج لإنتاج سلاح نووي، لا يبدو أن بإمكانها الاعتماد على جهود سياسية يقوم بها أحد ما. إذا كانت إسرائيل مصممة على إيقاف التقدم الإيراني بأي ثمن، فلا مفر لها غير أن تعد خيار القوة، بل وتستخدمه في يوم ما.
لم أستطب الوصف المتبجح تحت صورة قائد سلاح الجو المنصرف، الذي كان قائداً ممتازاً، ولكن لا ينبغي التنكر للواقع: لولا نشاط سلاح الجو على أساس استخبارات فائقة، لوقفت إسرائيل أمام عدو إيراني مع صواريخ عديدة ومع مُسيرات غير قليلة، جاهزة تحت قيادة إيرانية في سوريا. لولا نشاط سلاح الجو لكانت هناك اليوم قدرات دقيقة أكثر بكثير في يد “حزب الله”. قد تضطر إسرائيل للخروج إلى عملية واسعة لتصفية هذه القدرة، ذلك أن قصف سلاح الجو لن يكفي، ولن يؤدي أي جهد سياسي واستراتيجية حكيمة مهما كانت إلى ذلك.
ثمة حاجة لتفكير عميق مستقبلاً وحاضراً، ولا ينبغي الاكتفاء باستخدام القوة العسكرية. ولكن في الوقت نفسه، علينا أن ندرك بأن في العالم المتشكل اليوم أوضاعاً لا يمكن فيها إزالة التهديدات عن إسرائيل أو تأجيلها على الأقل، إلا بالقوة فقط. بالطبع، يفترض استخدام القوة إعداداً سياسياً مناسباً وإعلاماً جيداً لما بعده، ولكن الخطوة الحاسمة هي خطوة القوة. لدولة صغيرة كإسرائيل، وفي المنطقة التي هي فيها، لا مفر: قاعدة القدرة الاستراتيجية والفعل السياسي هي القوة العسكرية التي في يديها. وحين تكون هذه حاضرة ونشطة، مؤثرة ومانعة، تسمح بخطوات استراتيجية في المجال السياسي. ولن ينجح هذا بدون قوة.
بقلم: يعقوب عميدرور