- ℃ 11 تركيا
- 22 ديسمبر 2024
يسري منصور يكتب : عن الفساد في "الحالة المصرية"
يسري منصور يكتب : عن الفساد في "الحالة المصرية"
- 20 أبريل 2021, 2:54:07 م
- 774
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
كتب السياريت والمخرج يسري منصور على صفحته بالفيسبوك عن حوادث القطارات والفساد في الحالة المصرية قائلاً :
الكلام ده بمناسبة تكرار حوادث القطارات في مصر بشكل لا يصدق.
فيما يبدو لي أن كل الكوارث اللي بتحصل في مصر سببها هو زي ما قلنا فيما قبل ينحصر في سوء الإدارة المصرية.
المشكلة الحقيقية وحسب توصيف أحد الفيسبوكيين وكما نقلت في بوست سابق،
أن هناك ما يسمى بالحالة المصرية. وهذه "الحالة المصرية" هي مشكلة مزمنة من عشرات السنين،
وهي موجودة في معظم الإدارات المصرية من مؤسسات وهيئات حكومية وقطاعات الدولة المصرية المختلفة.
"الحالة المصرية" هي كالفيروس الذي ينتشر في الجسم السليم فيدمره تدميراً ويمزق أنسجة المجتمع حتى يشل جميع أعضائه الحيوية..
وأعراض "الحالة المصرية" تتبدى في حالة من العنجهية الفارغة والصوت العالي والصدر المفتوح والفهلوة،
حيث يصبح كل شخص فاهم في كل حاجة وبيعرف يعمل كل حاجة ويفتي في كل حاجة ودائما يسخف أي رأي مخالف وعاجز تماماً عن العمل ضمن فريق عمل..
وفي الغالب لا يوجد بروتوكول للعمل أو ما يسمى في الإدارة الحديثة Standard Operation Procedures ويرمز له بالحروف الثلاثة الأولى SOP.
و هذا البروتوكول هو عبارة عن مجموعة الخطوات اللي مفترض اتباعها في كل إدارة ومؤسسة وهيئة حتى تحقق أهداف العمل.
ويلتزم بهذا البروتوكول جميع العاملين من أصغر موظف إلى أعلى منصب قيادي.
ولا يمكن لأي شخص ولو كان الوزير المسؤول الخروج عن هذا البروتوكول إلا إذا جاء التغيير من لجنة إدارية وفنية مسئولة تدرس الأوضاع وأسباب التغيير من جميع الجوانب،
وتقر مبادئ البروتوكول الجديد حتى يتم إقرارها و تعميمها للتنفيذ، كما في حالات الطوارئ أو الكوارث أو الرغبة في تطوير الإدارة أو إدخال تقنيات الذكاء الاصطناعي على قطاعات العمل المختلفة.
و مشكلة "الحالة المصرية" في الإدارة تكمن في إنعدام الشفافية و إدعاءات مثل : "كله تمام يا أفندم" و "أحنا شغلنا زي الفل" ... و هي حالة من العنجهية الفارغة. هذه بإختصار هي "الحالة المصرية".
وفي اعتقادي، واعتقاد الكثيرين، أن هذه "الحالة المصرية" هي نتاج للحكم الديكتاتوري،
حكم الرأي الواحد، وفلسفة "اربط الحمار مطروح ما يقول صاحبه". عندما لا يملك أي فرد في أي منظومة إدارية رأيه الشخصي فيما يتعلق بنظام التشغيل والإدارة،
وينتظر الجميع توجيهات "السيد الرئيس" وفي ظل سيطرة غير الأكفاء على المراكز القيادية،
ثم يتم اتهام أصحاب الرأي المخالف بتهم جزافية وتجريح المخالفين واتهامهم بعدم الفهم ورفض دراسات الجدوى والإصرار على الرأي الفردي، ورفض عمل الفريق ويتم عمل اللجان الاستشارية فقط كسبوبة للكسب والمنفعة المادية وإقرار توجيهات سيادته.. هنا نصبح بإزاء "الحالة المصرية" في أردأ صورها حيث يتحول الفرد إلى اللامبالاة ويترسخ الإهمال وتتحول الملكية العامة إلى "دي فلوس الحكومة" فيصبح الفساد شطارة وفهلوة وتشغيل مخ والرشاوي حقا مكتسبا ورزقا بعثه الله، ويصير انعدام المسئولية المجتمعية فى مصر منهاجا للحياة..
وحينها يصبح هدف كل فرد في المجتمع هو جمع المال من أي مصدر في ظل صعوبات المعيشة،
وسيادة طبقية المجتمع والمنظرة الفارغة.
هذه هي "الحالة المصرية" وهي المتهم الأول في كوارث القطارات المتتالية وفي باقي الكوارث والمشكلات التي تواجه مصر.
هذه الحالة المصرية هي مزيج من العفن العميق اللي غرق فيه الجميع، حكومة وشعب، والغريب أن معظم الناس مش حاسين بأي مشكلة مع هذه الحالة..
وبالتالي يتم إعادة إنتاج الأمر الواقع القبيح تحت ادعاءات سخيفة، مثل: "الكوارث بتحصل في كل الدنيا" و"الفساد موجود في العالم كله"، و"أنا أستلمتها خرابة" و"إنتو عايزين الرئيس يسوق القطر ".
وأنا أقول: نعم، عايزين الرئيس يسوق القطر بس بمعنى أن يقود قطار التغيير في الإدارة المصرية..
أن يجعل مصر قادرة إدارياً على الولوج إلى عالم المستقبل، حيث الإدارة الذكية والتدريب المستمر لكل العاملين، ورفع مستوى الوعي والفهم الصحيح للإدارة العامة.. وهذه أمور أنا شخصياً أشك في قدرات وإستعداد القيادة المصرية الحالية على القيام بها والدفع بتنفيذها.
ويصبح التساؤل المخيف مع عدم الانتباه لخطورة "الحالة المصرية"،
وفي ظل عجز القيادة الحالية عن القيام بمسئوليتها التنفيذية في الدفع بنظم الإدارة العامة الحديثة، والقضاء على الأعراض المرضية المزمنة للحالة المصرية المعاصرة في الإدارة العامة:
بأي منطق تنوي القيادة المصرية إنشاء المفاعل النووي، أو القطار فائق السرعة. غالباً وكما قال أحدهم:
"فيما يبدو أن الإدارة المصرية تسعى لدخول موسوعة جينيس للارقام القياسية كالدولة الأولى في العالم التي تسببت في أبشع كارثة على مستوى كوكب الأرض"!!!
اللهم إنا لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه.