يوسف إدريس يرثى يحيى الطاهر عبدالله

profile
  • clock 10 أبريل 2021, 2:42:20 ص
  • eye 816
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

النجم الذي هوى

في التاسع من أبريل عام 1981 توفى الأديب الشاب يحيى الطاهر عبدالله في حادث سيارة مؤلم ولا معنى له بالمرة على حد تعبير يوسف إدريس . وكان يحيى الطاهر يحفظ قصصه ويلقيها كما يلقي الشاعر قصائده وقد نشر له يوسف إدريس قصته الأولى " محبوب الشمس" في مجلة الكاتب عام 1965 وكتب مقدمة للقصة يلفت بها النظر للظاهرة القصصية الجديدة . وعندما توفي يحيى الطاهر رثاه يوسف إدريس بعد وفاته بثلاث أيام بأبدع ما يكون بمقال بعنوان " النجم الذي هوى " ولندرة المقال حيث أن يوسف إدريس لم يضمه إلى كتبه التي تحتوي على مقالاته وهى كثيرة لذلك سأنشر هنا في ذكرى وفاة يوسف إدريس اليوم نص المقال كاملا :

النجم الذي هوى

حين رأيته كان قادما لتوه من أقصى الصعيد من قرية الكرنك بجوار الأقصر وكان نحيلا كعود القمح حلو الحديث والمعشر كعود القصب , فنان القامة والبنية واللمحة وذلك الخجل الصعيدي الشهم الذي لا تخطئة العين .

قابلني في قهوة ريش أيام كانت مركز الإشعاع للفن , وقال أنا أكتب القصة القصيرة . قلت هات أقرأ فأنا لا يسعدني شئ في العالم قد أن أقرأ قصة قصيرة كاتبها فنان قصة قصيرة . وتصورت أنه سيخرج لي ظرفا فيه عشرات مما كتب وإذا به يعتدل وتأخذ سيماه طابع الإتصال العلوي ويلقي علينا قصته الأولى وكأنها الشعر يحفظه قائله .

وفعلا ومن أول سطر . عرفت أني أمام كاتب قصة وليس أي قصة , قصة جديدة طوع لها شاعرية الوجدان المصري الذي حمصته شمس الصعيد :جديدة الموسيقى ، جديدة اللغة جديدة الموضوع ، بل وأكاد أقول ليست مصرية فقط ولكنها أنغام صعيدية عالمية تماما.

فرحت به كالكنز أخذت منه القصة الأولى,ونشرتها في مجلة الكاتب وقلت كلمة ألفت بها الأنظار التائهة إلى الظاهرة الي يحيى الطاهر عبدالله .

أول الأمس وبحادث لا معنى له بالمرة أصيب ومات يحيى الطاهر عبدالله ولم يبلغ من العمر الثمانية والثلاثين عاما.

كتب ثلاث مجموعات من عيون القصة العربية الحديثة . وتزوج وخلف بنتين: وبالكاد بدأ يتنفس الصعداء واذا بهذا الغادر الملعون ودونا عن ركاب عربة انقلبت وكان بها ثمانية غيره - متعهم الله بالصحة وأطال في أعمارهم- اختطفه , فعلا وكما تنطق حكمة الشعب المصري أحيانا بالحقيقىة . كان ابن موت.

الموت.. ذلك القضاء الحق الذي لا معنى له بالمرة .. مات يحيى

هكذا نعاه لي الأبنودي في منتصف الليل . ووجدت نفسي كالأطفال أبكي عجزا . فها هو كاتب عملاق شاب آخر قد اغتيل والقاتل موت ملعون مبكر ولا حولا ولا قوة إلا بالله .

يا شعبنا المصري الطيب , يؤسفني أن أنعي إليكم واحدا من أنبغ كتاببنا ، ربما لم تعرفوه إلى الآن كثيرا ربما لم يكن حديث الناس كنجوم السينما ، ولكني متأكد أنه سيخلد في تاريخ أدبنا خلود لغتنا وحياتنا ..

وعزاء لك يا حركتنا الأدبية الكثيرة العدد القليلة النوع.)


التعليقات (0)