- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
يوني بن مناحيم: بريطانيا تقدّم هدية ثمينة لإسرائيل
يوني بن مناحيم: بريطانيا تقدّم هدية ثمينة لإسرائيل
- 26 نوفمبر 2021, 10:53:53 ص
- 634
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
جاء إعلان بريطانيا عن "حماس" منظمة "إرهابية" متأخراً للغاية، لكن كما قيل في المثل "أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي أبداً".
هذه خطوة مشجعة للغاية، فالقرار البريطاني يستند إلى الكثير من المعلومات الاستخبارية من المخابرات البريطانية وأيضاً من الأجهزة الاستخباراتية الإسرائيلية، وقد انضمت بريطانيا إلى دول مثل الولايات المتحدة الأميركية وكندا والاتحاد الأوروبي وأستراليا ونيوزيلندا التي سبق أن صنّفت "حماس" تنظيماً إرهابياً.
وتأتي الخطوة البريطانية أيضاً بعد أن صنّفت إسرائيل 6 منظمات فلسطينية تابعة للجبهة الشعبية منظمات "إرهابية".
تنتمي منظمة الجبهة الشعبية رسمياً إلى منظمة التحرير الفلسطينية، لكنها تدعو إلى تدمير إسرائيل، ولها علاقات وثيقة مع "حماس".
قبل أيام، عقدت قيادة "حماس" في غزة اجتماعاً خاصا مع قيادة منظمة الجبهة الشعبية في قطاع غزة لزيادة التعاون بين التنظيمين.
يشغل هذا الموضوع وسائل الإعلام في العالم العربي؛ لأن لندن هي المركز العالمي لجمع التبرعات لجماعة "الإخوان المسلمين" و"حماس"، حيث تتدفق منها الأموال أيضاً إلى قطاع غزة لتمويل الأنشطة "الإرهابية" للجناح العسكري لحركة "حماس"، ومن ناحية أخرى الأموال المخصصة لاستثمارات خاصة لقادة "حماس" في الخارج.
بحسب مصادر في قطاع غزة، هناك عدة مئات من نشطاء "حماس" في لندن يعملون في 3 جمعيات "إنسانية" لجمع التبرعات، ولا تصل الأموال إلى سكان قطاع غزة، بل تتدفق مباشرة إلى جيوب قادة "حماس".
تخشى قيادة "حماس" أن تضر بريطانيا بالنظام المالي الذي أقامته في لندن بعد إعلان الحركة منظمة "إرهابية"، وعشرات المليارات من الدولارات على المحك، ومن المفترض أن تتدفق هذه الأموال على قادة "حماس" للاستثمار في مختلف البلدان، وهي الآن مهددة بالانقراض.
غضب "حماس" من قرار بريطانيا عظيم، فقبل أيام قليلة فقط كانت الذكرى السنوية لوعد بلفور التاريخي في العام 1917 والذي كان انتصاراً كبيراً للحركة الصهيونية، بينما كثف الفلسطينيون في الأشهر الأخيرة مطالبهم من بريطانيا بالاعتذار عن إعلان بلفور، والاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة .. وصل البريطانيون بسرعة نسبية: إعلان "حماس" منظمة "إرهابية" واتهام الحركة بمعاداة السامية وتهديد أرواح اليهود في بريطانيا.
"حماس" ليست منظمة التحرير الفلسطينية التي تم إعلانها منظمة "إرهابية" من قبل الولايات المتحدة ومعظم الدول الأوروبية في السبعينيات، وقد سُمح لمنظمة التحرير الفلسطينية بفتح بعثات في عدة دول، وأجرت مفاوضات سرية مع إسرائيل في أوسلو في العام 1993، واعترفت رسمياً بإسرائيل، وألغت أجزاء من ميثاقها في المؤتمر الوطني الفلسطيني في حفل أقيم في قطاع غزة بمشاركة الرئيس الأميركي، بيل كلينتون، وانخرطت في محادثات سياسية مع إسرائيل.
اضطرت منظمة التحرير الفلسطينية للتخلي عن مبدأ "الكفاح المسلح"، وكلفت الانتفاضة الثانية، التي بدأ بها ياسر عرفات في العام 2000، الفلسطينيين غالياً، وتعلم رئيس منظمة التحرير الفلسطينية الحالي، محمود عباس، الدروس، ودعا إلى إجراء مفاوضات سياسية وتنسيق أمني إسرائيلي وثيق مع الفلسطينيين.
"حماس"، من ناحية أخرى، لا تزال تدعو إلى تدمير إسرائيل، ولا يزال ميثاق "حماس" للعام 1988، الذي تضمن فقرات معادية للسامية، سارياً، وتنادي الحركة بتدمير إسرائيل وإقامة فلسطين "من البحر إلى النهر".
القرار البريطاني يساهم في النضال السياسي والدعائي الذي تقوم به دولة إسرائيل، التي نأمل أن تستفيد منه في خدمة هذه الأهداف. كما يساعد هذا القرار في التأثير في دول أُخرى كي تحذو حذو بريطانيا وتصنّف "حماس" تنظيماً "إرهابياً"، وهو ما يشجع الدول العربية التي تقف ضد حركة "حماس" و"الإخوان المسلمين" على السير على خطى بريطانيا وتطبيع العلاقات مع إسرائيل.
القرار البريطاني يساعد إسرائيل في النضال القانوني ضد الدعاوى الفلسطينية في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي، والتي تتهم إسرائيل بارتكاب "جرائم وإرهاب" في "المناطق" الفلسطينية.
وها هي دولة ديمقراطية كبيرة مثل بريطانيا تعلن، ومن دون تردد، أن حركة "حماس"، التي تسيطر على حياة أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة، تنظيم "إرهابي".
هناك نتيجة مهمة أخرى لإعلان بريطانيا "حماس" منظمة إرهابية، فهي تعطي مبرراً أخلاقياً وأمنياً لإسرائيل لشن عملية عسكرية كبيرة في قطاع غزة للدفاع عن نفسها ضد هجمات "حماس" الصاروخية، والإعلان البريطاني يساعد في إعداد الرأي العام الدولي أن إسرائيل تحارب "الإرهاب"، وهي بمثابة أساس للهجمات على المواطنين الإسرائيليين.
القرار البريطاني يمكن أن يُحرج مصر، التي تحاول، الآن، التوصل إلى تفاهمات بعيدة الأجل بين "حماس" وإسرائيل، وسيجعل من الصعب على رئيس السلطة الفلسطينية التعاون سياسياً مع "حماس" من دون أن تغيّر مواقفها.
أيضاً يشكل القرار البريطاني تذكيراً لإدارة بايدن بأن "حماس" هي تنظيم إسلامي متشدد غير مستعد لإبداء مرونة والاعتراف بإسرائيل والتخلي عن "الإرهاب".
في هذه الأيام التي تشهد صعوداً في نفوذ "حماس" في الشارع الفلسطيني، بعد عملية "حارس الأسوار"، من المهم أن يعرف سكان الضفة الغربية بما تفكر دولة مثل بريطانيا في حركة "حماس"، وأن العالم لا يقبل "الإرهاب" وفكرة تدمير دولة إسرائيل والمس باليهود الذين يعيشون في الخارج.
في نهاية الأمر، سيتعين على الفلسطينيين أن يقرروا أي استراتيجية سيختارون، هل سيختارون التوجه نحو مفاوضات السلام مهما كانت طويلة وصعبة، أم "الإرهاب" والنضال العنيف ضد إسرائيل؟ وبحسب ما تبدو عليه الأمور حالياً، فإن المستقبل لا يبشّر الطرفين بالخير.
عن موقع "نيوز1"