- ℃ 11 تركيا
- 9 نوفمبر 2024
عاموس هرئيل يكتب: التصعيد في الشمال يتطلب تركيز الجهد ضد حزب الله.. حتى في ظل غياب وقف إطلاق النار في غزة
عاموس هرئيل يكتب: التصعيد في الشمال يتطلب تركيز الجهد ضد حزب الله.. حتى في ظل غياب وقف إطلاق النار في غزة
- 16 سبتمبر 2024, 4:10:52 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
يصل الموفد الأميركي الخاص للرئيس بايدن، عاموس هوكشتاين، غداً إلى المنطقة، وسيقوم بزيارة كل من إسرائيل ولبنان، وتكشف الزيارة الحالية لهوكشتاين القلق الأميركي المتزايد إزاء إمكان تصعيد شامل بين إسرائيل وحزب الله. وقد برز في الأسبوع الأخير ارتفاع ملحوظ في قوة النيران من الطرفين، وإصابة أهداف بعيدة في عمق الأراضي، وقد أطلق حزب الله، صباح أمس، أكثر من 50 صاروخاً على الجليل على دفعتين، كما أُطلقت أيضاً مسيّرات هجومية من دون تسجيل إصابات. وقبل يوم، قُتل ناشط من قوة كوماندوز تابعة للحزب من وحدة الرضوان في هجوم جوي إسرائيلي.
وقد نجحت الولايات المتحدة في ردع إيران عن شن هجوم مباشر على الأراضي الإسرائيلية بعد اغتيال إسماعيل هنية في طهران في نهاية آب/أغسطس. لكن على الرغم من اكتفاء حزب الله بهجوم المسيّرات الذي أُحبط كرد على اغتيال فؤاد شكر رئيس هيئة أركان الحزب، فإنه توجد في بيروت مؤشرات على أن الردع تحقق، بل على العكس، فإن إجلاء السكان من طرفَي الحدود يشكل ضغطاً شعبياً على القيادة للتوصل إلى حل، لكن هذه القيادة لا تزال بعيدة عن التوصل إلى حل دبلوماسي يكبح النار، فإطلاق الصواريخ والمسيّرات على أماكن بعيدة عن الحدود يعطل الحياة في مستوطنات الجليل التي لم يجرِ إخلاؤها. ومع غياب اتفاق لوقف النار بين إسرائيل و"حماس" في قطاع غزة، فإن حزب الله مقيد بوعده الاستمرار في إشغال الجيش الإسرائيلي عبر إطلاق النار من لبنان.
في الأسبوع الماضي، حضر وزير الدفاع تدريباً أجراه لواء الاحتياط في قيادة المنطقة الشمالية، حاكى فيه مناورة برية داخل الأراضي اللبنانية. وقال غالانت: "إن مركز الثقل ينتقل إلى الشمال. ونحن نوشك على إكمال المهمة في الجنوب، لكن بقيت لدينا هنا مهمة لم تُنجز بعد، وهي تغيير الوضع الأمني وإعادة السكان إلى منازلهم." إن وزير الدفاع والقيادة الأمنية يكرران أن الوضع في الشمال لا يُحتمل، وأن هناك ضرورة لتركيز عمليات الجيش الإسرائيلي في المواجهة مع حزب الله وتقليص القوات المنتشرة في قطاع غزة. في الماضي، كان التفكير هو ربط عملية وقف إطلاق النار بصفقة المخطوفين. لكن من الواضح الآن أن فرص ذلك تضاءلت كثيراً؛ في البداية، بسبب العراقيل التي وضعها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، والآن أساساً بسبب معارضة زعيم "حماس" يحيى السنوار.
في رأي غالات ورئيس هيئة الأركان، فإن لواء "حماس" في رفح جرى إخضاعه، وبالتالي، لم تعد الحركة تعمل كجيش "إرهابي"، وما بقي هو تنظيم "إرهابي" يشن حرب عصابات دفاعية مستخدماً خلايا صغيرة نسبياً بعد الضرر الكبير الذي لحق بسلسلة القيادة والتحكم لديه. كما تعرضت المنظومة الصاروخية للحركة لضرر كبير، وبقي لدى "حماس" عشرات الصواريخ المتوسطة المدى التي تصل إلى وسط البلد، ومن الصعب استخدامها. وقد توقفت تماماً منظومتها لإنتاج السلاح. كما تهاجم إسرائيل جواً مقرات قيادة الحركة المقامة بالقرب أو في داخل الملاذات الإنسانية؛ ففي الأمس، وقع هجومان من هذا النوع، وتكبدت "حماس" في الأشهر الأخيرة مئات القتلى، والجزء الأكبر تكبده جهاز الاستخبارات والاستخبارات العسكرية.
ومع ذلك، يُبذل جهد لملء الفراغ في صفوف "حماس"، وخصوصاً في شمال القطاع، وفي مخيمات اللاجئين في وسط القطاع (المنطقة التي يُعد الضرر فيها محدوداً نسبياً). إن عدم وجود بديل لـ "حماس" في الحكم نتيجة الرفض المطلق لوجود رئيس لمعالجة المسألة جعل من "حماس" الخيار الوحيد في نظر سكان القطاع.
كل هذه الحجج جرى تحضيرها منذ نهاية حزيران/يونيو بعد الضربة التي لحقت بكتائب "حماس" في رفح، وعندما رأى الجيش فرصة لإجراء صفقة مخطوفين. في الأسبوع الماضي، جرى الترويج لذلك عندما دعا الجيش الصحافيين إلى جولة في النفق الذي قُتل فيه المخطوفون الستة، وادعى الجيش أن الأنفاق التي اكتُشفت تحت محور فيلادلفيا كانت مغلقة من الجانب المصري، وأن في الإمكان تدميرها خلال وقت قصير نسبياً، ولن يكون من الصعب إعادة احتلال المحور. كل هذه الحجج تعرضت لانتقادات غير المباشرة من جانب نتنياهو الذي يرفض الانسحاب من محور فيلادلفيا، ويضع المزيد من العراقيل أمام تنفيذ الصفقة.
وقد أثار موقف الجيش هجوماً عنيفاً من جانب مؤيدي نتنياهو؛ ففي البداية، جرى تكذيب الناطق بلسان الجيش، العميد دانيال هغاري، بعد عرضه الفيديو المصور في النفق الذي مات فيه المخطوفون الستة، ولاحقاً أعربت أبواق نتنياهو عن امتعاضها إزاء حجة إخضاع لواء رفح، واتهمت الجيش بنشر الأكاذيب.
إن الاعتبارات وراء رد آلة السموم التي يديرها الزعيم وعائلته واضحة، فعندما يحول هغاري الانتباه إلى محنة المخطوفين المريعة، فإنه يكشف ضعف نتنياهو وعدم قيامه بأي شيء للاهتمام بهم. وفي الواقع، فإن إعلان الانتهاء من المهمة في الجنوب سيسلب من نتنياهو ذريعة مواصلة القتال في غزة إلى ما لا نهاية، وبالتالي، استمرار الجمود السياسي، والبقاء في السلطة، والاستمرار في رفض الدعوات المتزايدة لتشكيل لجنة تحقيق رسمية.
ويشعر الجيش بالقلق من سيناريو آخر: مطالبة رئيس الحكومة بتشديد الضغط العسكري على "حماس" بواسطة قوات كبيرة، وفي مناطق أُخرى في القطاع. من الواضح أن خطوات كهذه لا تساعد في إنقاذ المخطوفين، إنما ستعرض حياتهم للخطر...
عملياً، لم يقرر نتنياهو بعد إذا كان سيستخدم توسيع ضغط القتال في القطاع أم إنه سيقوم بتحويل الانتباه إلى لبنان. وكالعادة، فإن قراراته مرتبطة إلى حد بعيد بالضغوط والقيود التي تمارَس عليه، فكل قرار يتخذه يجب أن يأخذ في الحسبان مخازن الذخيرة والسلاح لدى الجيش الإسرائيلي، والضغط الكبير الذي يعاني جرّاءه جيش الاحتياط وتآكل الوحدات النظامية التي تتحمل العبء الأكبر من القتال مستمر منذ سنة تقريباً بصورة متواصلة.
وعلى الرغم من اعتقاد جزء من الضباط الكبار أن الضغط المستمر سيجعل من الصعب دخول حرب واسعة النطاق في لبنان، فإنهم لا يعبّرون عن موقفهم بصورة واضحة، ويعود هذا في جزء منه إلى العلاقة السيئة بنتنياهو جرّاء أزمة الانقلاب الدستوري والتراجع في كفاءة الجيش، ولاحقاً التقصير في 7 تشرين الأول/أكتوبر. وبعد كل هذه الأحداث، تبدو رئاسة هيئة الأركان منهكة ومحبطة، ومن الصعب أن تتمسك بموقفها، بينما يقوم رئيس الحكومة بنشر الوعود بنصر مطلق قريب أو يتعهد بالاستمرار في القتال، حتى بالأظافر إذا لزم الأمر.
الواضح حتى الآن هو عدم وجود ضغط حقيقي على نتنياهو (ثمة شك في أنه حتى التظاهرات الضخمة الأخيرة ستنجح في تغيير موقفه)، فهو لا ينوي التقدم في صفقة مخطوفين قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية في مطلع تشرين الثاني/نوفمبر. ويظهر من تصريحاته أن حياة المخطوفين ثانوية بالنسبة إليه، والأكثر أهمية هو البقاء في منصبه والمحافظة على علاقات جيدة مع دونالد ترامب الذي يمكن أن يعود إلى البيت الأبيض في كانون الثاني/يناير المقبل.