-
℃ 11 تركيا
-
15 أبريل 2025
ازدواجية المعايير.. كيف تواطأ العالم بصمته وتغطيته المشوّهة في صناعة كارثة غزة؟
لأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، وصف الوضع بدقة: "غزة تحوّلت إلى ميدان قتل، والمدنيون عالقون في دوامة موت لا تنتهي."
ازدواجية المعايير.. كيف تواطأ العالم بصمته وتغطيته المشوّهة في صناعة كارثة غزة؟
-
13 أبريل 2025, 4:23:26 م
-
488
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
غزة
يصعب حتى البدء في الحديث عما يجري في غزة. كلما هممتُ بالكتابة عن مجزرة، تحدث أخرى أكثر بشاعة. صحفيون يُحرقون أحياء، أطفال يموتون من البرد، ومسعفون يُعدَمون ويُدفنون في مقابر جماعية. في الوقت ذاته، يصبح التعبير عن هذه المآسي في بعض الدول الغربية جريمة تستوجب الملاحقة أو الترحيل.
وبعد 18 شهرًا من المجازر المتواصلة، لم يعد هناك أي مجال للغموض: ما يحدث في غزة ليس حربًا، وليس دفاعًا عن النفس، بل إبادة جماعية صريحة. منظمات دولية كـ"العفو الدولية" وخبراء في القانون الدولي أكدوا ذلك، لكن رغم هذا، تستمر الحكومات الغربية في تمويل هذا الرعب.
القصف لم يكن كافيًا... التجويع كأداة إبادة
القتل لم يقتصر على القنابل المموّلة أمريكيًا، بل بات التجويع والمرض هما القاتل الأكبر. في 2 مارس، أوقفت إسرائيل إدخال أي مساعدات غذائية أو إنسانية إلى غزة، في خطوة وُصفت بأنها حصار تجويعي ممنهج، وليس مجرد "حظر مساعدات" كما تسميه بعض وسائل الإعلام.
غزة التي تحولت إلى ركام، لا توجد فيها تربة صالحة للزراعة. أكثر من 90% من الثروة الحيوانية نُفقت، و70% من الأراضي الزراعية دُمّرت وفقًا لتحليل بالأقمار الصناعية من الأمم المتحدة.
ومع بداية مارس، قطعت إسرائيل الكهرباء عن محطة التحلية الرئيسية، ليتحوّل الماء إلى سلاح حرب إضافي. الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، وصف الوضع بدقة:
"غزة تحوّلت إلى ميدان قتل، والمدنيون عالقون في دوامة موت لا تنتهي."
أهداف معلنة: التطهير العرقي لا يُخفى بعد اليوم
باتت نوايا الاحتلال واضحة. لم تعد إسرائيل تحاول حتى إخفاء مخططها. رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو قال صراحة:
"سنسمح بتحقيق خطة ترامب للهجرة الطوعية."
أما نائب رئيس الكنيست، نيسيم فاتوري، فدعا صراحة على إذاعة عبرية إلى فصل النساء والأطفال وقتل الرجال في غزة، مضيفًا: "سنحوّل جنين إلى غزة".
ومع ذلك، فإن وسائل الإعلام الغربية الكبرى بالكاد تذكر هذه التصريحات الخطيرة، فيما تكرّس جهودها لتشويه شعارات طلابية أو تصوير من يقول "من النهر إلى البحر" كداعم للإبادة.
ازدواجية المعايير: تطبيع القتلة واستضافة مجرمي الحرب
في مشهد يعكس نفاقًا إعلاميًا مروعًا، استضافت شبكة CNN الوزير السابق يوآف غالانت، الصادر بحقه مذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية، في لقاء "حميمي" في نيويورك. علماً أن التهم الموجهة له تشمل: استخدام التجويع كسلاح، والقتل، والاضطهاد، وأفعال غير إنسانية أخرى.
وفي الوقت الذي تُحرق فيه الصحافة الفلسطينية على الأرض، يُستضاف المسؤولون عن الإبادة في منصات الغرب وكأنهم رجال دولة محترمون.
صوتنا هو كل ما نملكه
تكتب الكاتبة: "لا أكتب لأنني أطمح لتغيير قناعات أحد، بل لأن الصوت هو السلاح الوحيد المتبقي لنا. صوتنا ليرى الجميع أننا لا نوافق على هذه الجريمة."
ربما سيأتي يوم يزعم فيه الجميع أنهم كانوا ضد ما حدث. لكن عندما يحين ذلك اليوم، سيكون الأوان قد فات، ولن يستطيع أحد الادعاء أنه لم يكن يعلم.
الإبادة الجارية في غزة ليست قضية خارجية... بل إنسانية عالمية
لقد تواطأ العالم بصمته وتمويله وتغطيته المشوّهة في صناعة كارثة غزة. وما يحدث ليس مجرد خلاف سياسي، بل جريمة ضد الإنسانية تُرتكب في وضح النهار.
إن التجويع والتدمير والتهجير لا يمكن تبريره، والسكوت عنه هو شراكة صامتة في الجريمة. اليوم، لم يعد مقبولًا أن يقف أحد على الحياد.









