الداعية الشيخ خالد سعد يكتب: اختطاف عبد الرحمن القرضاوي جريمة تكشف أوجاع الأمة وتفضح تحالف الطغاة

profile
خالد سعد داعية إسلامي مصري
  • clock 13 يناير 2025, 4:13:50 م
  • eye 102
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
عبد الرحمن القرضاوي

لا تزال قضية اختطاف عبد الرحمن القرضاوي – نجل العلامة الراحل الشيخ يوسف القرضاوي – شاهدة على أوجاع الأمة الإسلامية، تكشف عن وجه الطغاة، وتحالفاتهم القبيحة التي تجاوزت حدود العدالة والقانون. إنها ليست حادثة عابرة أو واقعة فردية، بل دليل جديد على انهيار الأنظمة تحت وطأة المال، وغياب العدالة، وتخلي العلماء عن أدوارهم القيادية، وصمت الشعوب التي أصابها الوهن.



الحادثة: اختطاف بلا مبرر


عبد الرحمن القرضاوي كان ضحية اختطاف قسري نفذته السلطات اللبنانية بضغط من حكومات أخرى، وعلى رأسها الإمارات. تم هذا الفعل دون أي مبرر قانوني، في مخالفة واضحة لأبسط حقوق الإنسان. وبلغ الأمر أن أحد المسؤولين اللبنانيين صرح علناً: "نحن نقبض رواتبنا من الإمارات"، ليكشف بذلك عن حجم النفوذ المالي الذي بات يتحكم في قرارات الدول، حتى ولو على حساب الكرامة والسيادة الوطنية.

 

1. انهيار القوانين تحت سطوة المال

 

لقد كشفت هذه الجريمة عن أزمة حقيقية: المال أصبح القوة المحركة للقرارات السياسية، والقوانين أصبحت أداة في يد المتحكمين بالثروة والنفوذ. لم يعد للقيم والمبادئ وجود، إذ استبدلت بالصفقات والمصالح.

هذه الحادثة تُظهر بوضوح كيف أصبح الطغاة يستخدمون المال لإخضاع الأنظمة السياسية وتحقيق أهدافهم، ولو على حساب كرامة الإنسان وحقوقه. حينما تصبح الدول رهنًا لنفوذ الأموال، فإن الشعوب تصبح الضحية الأولى.


فلا يمكن مواجهة هذه السطوة إلا بالعودة إلى الله والتمسك بالحق، فالقوة الحقيقية لا تأتي من المال ولا النفوذ، بل من العدالة والإيمان بأن الله يمهل ولا يهمل.


2. الصمت الغريب من العلماء

 

من المؤلم أن نرى صمتًا غريبًا من عدد من علماء الأمة تجاه هذه القضية، رغم أنها تمس أحد أبناء أبرز رموز الدعوة الإسلامية في العصر الحديث. علماء الأمة هم ورثة الأنبياء، والمسؤولية تقع على عاتقهم في الدفاع عن الحق ونصرة المظلومين.

لكن الواقع يشهد أن كثيرًا منهم آثروا الصمت، إما خشية من بطش الطغاة، أو بدافع المصالح والحسابات السياسية.
فيأيها العلماء، أنتم الأمل المتبقي لهذه الأمة. مسؤوليتكم ليست في مهادنة الظلم، بل في الوقوف أمامه بشجاعة وصدق. صمتكم لن يُغفر لكم إذا كنتم قادرين على النطق بالحق.


 

3. الطغاة وأوهام الخلود

 

الطغاة عبر التاريخ ظنوا أن سلطتهم أبدية، لكن الله أراهم حقيقتهم. من القذافي إلى مبارك إلى بن علي، كلهم انتهوا نهايات مأساوية، تاركين خلفهم إرثًا من الظلم والكراهية.

الطغيان مهما بلغ قوته فهو إلى زوال، وعدالة الله لا تُهزم. الطغاة الذين يحكمون اليوم بأوهام الخلود لن يكون مصيرهم مختلفًا عن من سبقهم. فلا تخضعوا للطغاة، فسلطانهم وهم، وعدالة الله هي الدائمة.



4. رسالة إلى الشعوب


الشعوب هي صمام الأمان، والقوة الحقيقية القادرة على تغيير الواقع. لكن مع الأسف، كثير من الشعوب باتت مكبلة بالخوف أو مشتتة بالانقسامات.
أيها الشعوب، لا تكونوا شركاء في الظلم بصمتكم أو تقاعسكم. السكوت على الظلم هو موافقة ضمنية عليه. يجب أن تكونوا أداة تغيير، وأن ترفعوا أصواتكم بالحق، لأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.


فيا ايها  الشعوب أنتم أصحاب القضية، وقوة التغيير تبدأ منكم. لا تصمتوا أمام الظلم، فالله معكم إذا كنتم مع الحق.



5. رسالة إلى العلماء


يا علماء الأمة، أنتم ورثة الأنبياء، وصوتكم هو الأمل المتبقي لهذه الأمة. الأمة تنتظر منكم مواقف شجاعة تُعيد لها الثقة، وتذكرها بأن الدين هو أساس العدالة والإصلاح.
الصمت في أوقات الظلم خيانة، ومهادنة الطغاة سقوط مدوٍّ. إذا خفتم من الحكام، فتذكروا أن خوفكم من الله أعظم، وأنكم مسؤولون أمامه يوم القيامة.
رسالة إلى العلماء: كونوا مع الحق ولا تخشوا في الله لومة لائم. مواقفكم هي التي تصنع الفرق، وتقود الأمة نحو العدل.

 


6. رسالة إلى الحكام

 


إلى الطغاة والمستبدين، اعلموا أن سلطانكم وهم، ونهايتكم قريبة. التاريخ مليء بالعبر، وكل طاغية ظن أنه خالد، انتهى بزوال سريع.


لا تغرنكم قوتكم، ولا تخدعكم أموالكم، فعدالة الله فوق كل شيء. إن ظلمكم لن يحميكم، وبطشكم لن يطيل أعماركم في السلطة.

 

رسالة إلى الحكام: اتقوا الله في شعوبكم، فوالله إن حب الشعوب لكم خير من بطشكم بهم. اعلموا أن الملك لله وحده، وأن حسابكم عنده عسير.
الخاتمة الملك لله وحده

قضية اختطاف عبد الرحمن القرضاوي ليست سوى حلقة في سلسلة طويلة من الظلم والطغيان، لكنها تذكرنا بحقائق أزلية:

الظلم مهما طال، نهايته الزوال.

المال والنفوذ لا يدومان، والعدل هو الباقي.
الشعوب قادرة على التغيير، والعلماء مسؤولون عن التوجيه، والحكام محاسبون أمام الله.,
اللهم فرّج كرب كل مظلوم، وأطلق سراح المأسورين، وانتقم من الظالمين، وأرنا فيهم عجائب قدرتك.
"إن الله يمهل ولا يهمل." ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون. وعند الله تجتمع الخصوم.


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)