- ℃ 11 تركيا
- 28 يناير 2025
الشيخ خالد سعد يكتب: عودة النازحين إلى شمال غزة مشهد الثبات وعزيمة الإيمان وكأنه يوم الحج الاكبر
الشيخ خالد سعد يكتب: عودة النازحين إلى شمال غزة مشهد الثبات وعزيمة الإيمان وكأنه يوم الحج الاكبر
- 27 يناير 2025, 12:55:58 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
الحمد لله الذي وعد المؤمنين بالنصر والتمكين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.
مشهد العودة: الحياة بعد الموت
إن عودة أهلنا النازحين إلى شمال قطاع غزة ليست مجرد حدث عابر، بل هي موقف خالد يعبّر عن عقيدة راسخة وإيمان عميق بوعد الله. هذه العودة تمثل قيامة جديدة لشعبنا بعد سنوات من المعاناة والتهجير القسري. لقد عادت الحشود تحمل أرواحها فوق أكفها، تنشد الحياة على أرض كُتبت لها البركة، كما قال الله تعالى:
﴿سُبْحَانَ ٱلَّذِيٓ أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِۦ لَيْلًۭا مِّنَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ إِلَى ٱلْمَسْجِدِ ٱلۡأَقۡصَى ٱلَّذِي بَٰرَكۡنَا حَوۡلَهُۥ﴾ [الإسراء: 1].
إنّ العودة إلى الشمال ليست مجرد رجوع إلى البيوت والطرقات، بل هي حياةٌ بعد موت، وتجسيدٌ للثبات الذي يحيي القلوب قبل الأرض. كما قال الله عز وجل عن بني إسرائيل:
﴿ولوأَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ ٱقۡتُلُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ أَوِ ٱخۡرُجُواْ مِن دِيَٰرِكُمۡ فَمَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٗا مِّنۡهُمۡ﴾ [البقرة: 84].
فكما كان الخروج قديماً نوعاً من الموت، كانت العودة الآن حياة جديدة نابضة بالعزة والكرامة.
عودة كالحج الأكبر مشهد إيماني مهيب
إن تدفق الحشود نحو ديارها مشهد عظيم أشبه بيوم الحج الأكبر، حيث تتوحد القلوب وتتعالى أصوات التكبير والتهليل. إنه منظر يذكّرنا بوقوف المسلمين في عرفات، تلك اللحظات التي يشعر فيها العبد بقربه من وعد الله وفرجه.
لقد جاءت هذه العودة لتعلن فشل الاحتلال في اقتلاع هذا الشعب، وليثبت الفلسطينيون أنهم كالشجرة الطيبة التي أصلها ثابت وفرعها في السماء. إنها فرحة مهيبة تليق بشعب صابر مرابط، يرى في عودته إلى الأرض نصراً عظيماً، ويؤمن أن ما ضاع حق وراءه مطالب.
رسالة الصمود والثبات
إن هذه العودة ليست مجرد حدث جغرافي أو سياسي، بل هي موقف عقائدي يُبرز معنى الثبات على الحق مهما اشتدت الأزمات. فهي رسالة موجهة للمحتل الذي ظنّ أن تهجيره للشعب سيؤدي إلى النسيان، فإذا بالشعب يعود أقوى عزماً وأشد ثباتاً.
كما أنها رسالة للمطبعين والمتخاذلين من أبناء الأمة الإسلامية، أن هذا الشعب لا يعتمد إلا على الله، ثم على عزيمته الراسخة التي تستمد قوتها من قوله تعالى:
﴿يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُرۡكُمۡ وَيُثَبِّتۡ أَقۡدَامَكُمۡ﴾ [محمد: 7].
شعب الجبارين والطائفة المنصورة
لقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف:
"لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم، حتى يأتي أمر الله وهم كذلك."
وهذا المشهد العظيم يجسد معنى الحديث النبوي، حيث يظهر الشعب الفلسطيني كطائفة منصورة لا تضرها خيانة الخائنين ولا تخاذل المتخاذلين.
إن هذا الثبات هو ثمرة الإيمان بوعد الله الذي قال:
﴿وَلَقَدۡ كَتَبۡنَا فِي ٱلزَّبُورِ مِنۢ بَعۡدِ ٱلذِّكۡرِ أَنَّ ٱلۡأَرۡضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ ٱلصَّـٰلِحُونَ﴾ [الأنبياء: 105].
بداية التحرير: عودة الأمل بعد سنوات التيه
هذه العودة إلى شمال غزة ليست النهاية، بل هي البداية لمرحلة جديدة من الصمود والمقاومة. إنها خطوة نحو التحرير الكامل الذي ينتظره كل فلسطيني وكل مسلم.
لقد جاءت هذه العودة لتعيد الأمل الذي حاول المحتل إطفاءه في قلوبنا، ولتثبت للعالم أن فلسطين ليست مجرد أرض، بل هي قضية عقيدة وإيمان.
ختاماً: وعد الله حق
إن عودة النازحين اليوم تذكرنا أن النصر صبر ساعة، وأن الله لا يخلف وعده، كما قال تعالى:
﴿إِنَّ ٱللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٖ كَفُورٖ﴾ [الحج: 38].
فلتكن هذه العودة درساً لنا جميعاً، أن الثبات على الحق هو الطريق الوحيد للنصر، وأن فلسطين ستبقى أرض الإسراء والمعراج، وستعود كاملة إلى أهلها بإذن الله.
حيا الله شعبنا المرابط، وحيا الله يوم العودة الذي كان أشبه بالحج الأكبر، مشهداً إيمانياً عظيماً لن يُنسى. فاللهم عودة إلى المسجد الأقصى وصلاة فيه وشهادة على اعتابة وعودة الخلافة إلى بيت المقدس كما بشرنا بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم امين وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.