الشيخ خالد سعد يكتب:مكانة المرأة بين تكريم الإسلام وإهانة اللئام

profile
خالد سعد داعية إسلامي مصري
  • clock 12 يناير 2025, 11:36:42 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

 الحمد لله العلي القدير العلي، الخبير الذي أحاط بكل شيء علماً، واليه المصير، نهى المرأة عن مواطن الفساد وحذرها من ذلك أشد التحذير.
وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، البشير النذير، والسراج المنير .   لقد خدع الأعداء المرأة المسلمة حين أوهموها بأن الإسلام ظلمها، ونقص حقوقها، وجعلها لعبة في يد الرجل، أوهموها أن الإسلام ظلمها حين جعل الطلاق بيده لا بيدها، وخدعوها حين زعموا أن الله أهانها ولم يكرمها، فجعلها تبعاً للزوج، إلى غير ذلك من الأوهام والأكاذيب التي يستخدمها أعداء المرآة، لتتنكر لدينها، وتبحث عن الكرامة والسعادة في غير نهجه وشرعه.


لقد كانت المرأة على مر العصور هدفًا رئيسًا في الحروب الثقافية والفكرية التي تهدف لتغيير المجتمعات وتفكيكها من الداخل. ومع ذلك، فقد كانت مكانة المرأة متباينة بين الحضارات المختلفة والأديان التي تعاقبت، حيث عانت من الظلم في بعضها، واستُغلت في أخرى، حتى جاء الإسلام ليضعها في مكانة سامية، ويُعلي من شأنها ويجعلها ركنًا أساسيًا في بناء المجتمعات الإسلامية. في هذا المقال سنتناول مكانة المرأة في الحضارات القديمة، ثم في الأديان المختلفة، ونوضح استهدافها في الحروب الفكرية، ونتوقف عند مكانتها العظيمة في الإسلام.


مكانة المرأة في الحضارات القديمة والأديان المختلفة

1. مكانة المرأة في الحضارات القديمة
كانت المرأة في الحضارات القديمة تعاني من الإهمال والتهميش، حيث كانت تُعامل كسلعة أو وسيلة لتلبية احتياجات الرجل. ومن أبرز مظاهر تلك المعاناة:
في الحضارة الإغريقية: كانت المرأة تُعتبر رمزًا للضعف والشهوة، ولم تُمنح أي حقوق تُذكر. اعتبرها الفلاسفة الإغريق كائنًا دونيًّا خُلق لخدمة الرجل، وقد قال الفيلسوف أرسطو: "المرأة هي ذكر ناقص الخلق".
في الحضارة الرومانية: كانت المرأة خاضعة للرجل بشكل مطلق، فكان الرجل يملك سلطة التحكم بحياتها بالكامل، حتى إنه كان يستطيع بيعها كأي سلعة أخرى.
في الحضارة الهندوسية: كانت المرأة تُحرم من حقوقها الأساسية، وتُجبر على حرق نفسها مع جثة زوجها المتوفى في تقليد يُعرف بـ"الساتي"، لتظل "تابعة له" حتى بعد وفاته.
2. مكانة المرأة في الأديان المختلفة
في اليهودية: كانت المرأة تُعتبر مصدرًا للإغواء والشر. وقد حرمت من الميراث إلا في حالات استثنائية، وتعرضت للكثير من التشريعات التي تهدف للحد من حريتها.
في المسيحية: في عصورها الأولى، سادت نظرة سلبية تجاه المرأة، حيث اعتُبرت سببًا في الخطيئة الأولى التي أخرجت الإنسان من الجنة. بل إن بعض رجال الدين ناقشوا إذا ما كانت المرأة تمتلك روحًا أم لا!


استهداف المرأة في الحروب الثقافية والفكرية

1. المرأة في مرمى أعداء الإسلام
أدرك أعداء الإسلام منذ القدم أهمية المرأة كعنصر أساسي في بناء المجتمع الإسلامي، وعملوا على استهدافها بشتى الوسائل، بهدف إخراجها من دورها الريادي وتحويلها إلى أداة لتدمير القيم الإسلامية من الداخل. ومن أقوالهم المشهورة:
> "يجب علينا أن نكسبَ المرأة، فأيَّ يوم مدَّتْ إلينا يدَها فُزْنا بالحرام، وتبدَّد جيشُ المنتصرين للدِّين".
هذه الكلمات تعكس استراتيجية طويلة المدى لتدمير القيم الإسلامية من خلال استهداف المرأة وإفسادها.

2. وسائل الاستهداف

نشر الشهوات والملذات، كما قال أحد الحكماء:
> "كأس وغانية تفعلانِ في الأمَّة المحمديَّة ما لا يفعله ألفُ مِدْفع؛ فأغرِقوهم في الشهوات والملذَّات".
الدعوة للاختلاط المحرم بين الجنسين، بحجة التحرر والتطور.
3. قضية الاختلاط وأثرها في المجتمعات
لقد روج دعاة التغريب والعلمانية لفكرة الاختلاط على أنه وسيلة لإزالة الفجوة بين الجنسين، لكن التجارب أثبتت أن الاختلاط أدى إلى تفكك الأسرة وانتشار الفساد الأخلاقي.

مكانة المرأة في الإسلام

جاء الإسلام ليحدث نقلة نوعية في التعامل مع المرأة، ويرفع مكانتها ويكرمها في مختلف أدوارها، سواء كانت أمًّا أو بنتًا أو زوجة أو أختًا.

1. المرأة أمًّا

قال الله تعالى:

> ﴿وَوَصَّيْنَا ٱلْإِنسَٰنَ بِوَٰلِدَيْهِ إِحْسَٰنًا﴾ [الأحقاف: 15].
وقد أوصى النبي ﷺ بالأم ثلاث مرات قبل الأب، فقال:
"أمك، ثم أمك، ثم أمك، ثم أبوك" [رواه مسلم].
2. المرأة بنتًا
حرّم الإسلام وأد البنات الذي كان شائعًا في الجاهلية، وقال الله تعالى:

> ﴿وَإِذَا ٱلْمَوْءُۥدَةُ سُئِلَتْ * بِأَىِّ ذَنبٍۢ قُتِلَتْ﴾ [التكوير: 8-9].
وأوصى النبي ﷺ بحسن تربية البنات، فقال:
"من كانت له ثلاث بنات فأدبهن وزوجهن وأحسن إليهن فله الجنة" [رواه أبو داود].
3. المرأة زوجة
قال الله تعالى:
> ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ﴾ [النساء: 19].
وجعل النبي ﷺ خيرية الرجل مرتبطة بحسن معاملته لزوجته:
"خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي" [رواه الترمذي].

4. المرأة أختًا

قال النبي ﷺ:

> "من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين" [رواه الترمذي].
المرأة في الإسلام جوهرة 
الإسلام يُشبه المرأة بالجوهرة التي يجب أن تُصان من الأيدي العابثة، والوردة التي تحتاج بيئة نظيفة لتُزهر وتحافظ على عطرها. الحجاب والتشريعات الإسلامية ليست تقييدًا لحريتها، بل ضمانًا لاحترامها.

قال رسول الله ﷺ:
> "الدنيا متاع، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة" [رواه مسلم].
دور الأسرة والمجتمع في حماية المرأة
1. دور الأب والأسرة
يقع على الأب مسؤولية عظيمة في تربية ابنته وحمايتها. قال النبي ﷺ:

> "من عال جاريتين حتى تبلغا، جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين" [رواه الترمذي].
2. دور المجتمع
المجتمع المسلم مسؤول عن صيانة المرأة من خلال تعزيز القيم الأخلاقية، ومحاربة كل أشكال الابتذال والإفساد.
3. دور المدارس والجامعات
يجب أن تكون المؤسسات التعليمية بيئات آمنة، تُعزز قيم الإسلام، وتُشجع الفتاة على التعليم دون انتهاك لضوابط الشريعة.
---
الخاتمة: المرأة جوهرة الإسلام المكرمة

الإسلام وضع المرأة في مكانة سامية، وكرمها في جميع أدوارها. إذا حافظنا على تعاليم الإسلام في التعامل مع المرأة، فإننا نضمن بناء مجتمع قوي ومتماسك. أما إذا انحرفنا عن هذه القيم، فإننا نُعرض المرأة والمجتمع بأسره للخطر. فالإسلام لا يترك مجالًا للتقصير في حق المرأة، سواء على مستوى الأسرة أو المجتمع أو المؤسسات التعليمية. فهو يُعاملها كجوهرة ثمينة يجب صيانتها، ويُحمل الجميع مسؤولية الحفاظ على كرامتها.
إذا التزمت الأمة الإسلامية بهذا النهج الرباني، ستكون المرأة بحق لؤلؤة مكرمة تساهم في بناء مجتمع قوي ومتماسك. أما إذا انحرفنا عن هذا المنهج، ستتعرض المرأة لما نراه في المجتمعات الأخرى من ابتذال واستغلال باسم الحرية . وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

التعليقات (0)