- ℃ 11 تركيا
- 26 يناير 2025
تسيبي ليفني تكتب: سبب بقاء "حماس" هو الإخفاق الدبلوماسي
تسيبي ليفني تكتب: سبب بقاء "حماس" هو الإخفاق الدبلوماسي
- 25 يناير 2025, 2:35:30 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
وزيرة الخارجية الصهيونية السابقة تسيبي ليفني - القناة 12 العبرية
أستطيع تفهُّم هؤلاء الذين يشعرون بالتشنج لأن "حماس" لا تزال في السلطة في غزة، أنا مثلهم أيضاً. لكن هذا لم يحدث بسبب صفقة التبادل التي انطلقت، إنما بسبب الإخفاق الذي بدأ يوم 8 أكتوبر، ولا يزال مستمراً حتى اليوم، وهو رفض الحكومة المقصود لنقاش "اليوم التالي" واستبدال "حماس" في غزة.
مَن لا يفرّق بين "حماس" الجهادية "القاتلة" وبين جهات سلطوية فلسطينية أُخرى تعمل بالتنسيق الأمني مع إسرائيل، هو يختار "حماس" فعلياً. هذه كانت الرؤية قبل 7 أكتوبر، ويمكن أن تستمر معنا مستقبلاً أيضاً - إذا بقيت هذه الحكومة في السلطة، فـ"حماس" أيضاً ستبقى في السلطة.
جميعنا نريد تفكيك "حماس" وسلطتها في غزة. كان هناك دعم غير متحفظ لجميع أهداف الحرب. الجيش خرج إلى حرب مبررة على جميع الجبهات التي قامت ضدنا، وألحق ضرراً مذهلاً "بالإرهاب" وقادته، وحقق لإسرائيل إنجازات عسكرية كبيرة تم التوصل إليها بفضل المقاتلين الشجعان الذين هاجموا، من دون أيّ تردد، وبثمن باهظ جداً دفعوه، هم وعائلاتهم الكثيرة، التي انضمت إلى العائلات الثكلى.
منذ أشهر طويلة، تشهد إسرائيل حرباً بكثافة عالية من دون أيّ إزعاج - كما يقول الشعار - الجميع منح الفرصة للجيش لينتصر. وعلى الرغم من ذلك، من الواضح أنه لا يوجد انتصار مطلق، عسكري فقط. لا يستطيع الجيش تفكيك سلطة لا بديل منها، أو تفكيك تنظيم "إرهابي" حتى آخر "إرهابي"، من دون أيّ تغيير سلطوي بعيد المدى. وعلى الرغم من ذلك، فإنه يجب القول إن الإنجازات العسكرية لم تذهب سدىً، بل بالعكس، يمكن تفكيك سلطة "حماس"، ويجب تفكيكها. المطلوب القيام بذلك، من دون سنوات طويلة من القتال، إنما عبر الاتفاقيات الإقليمية برعاية أميركية ضد "حماس"، وتتضمن أيضاً إعادة المخطوفين واستبدال حُكم "حماس" بالسلطة الفلسطينية، التي ستتعزز قوتها أيضاً بفضل القوات الإقليمية الأُخرى. وفي هذا السياق، يمكن الدفع بالتطبيع مع السعودية.
لو كان هناك حلف كهذا في مقابل "حماس"، وكان من الواضح أن السلطة التي ستحل محلها ستكون فلسطينية، لكان من الصعب على "حماس" أن تطرح ذاتها كحامية الشعب الفلسطيني. تستطيع إسرائيل، عبر هذا التحالف، أن تحفظ لذاتها القدرة على العمل ضد "الإرهاب"، وأيضاً استغلال الإنجازات العسكرية في جبهات أُخرى، كالضربة المؤلمة التي تلقاها المحور الإيراني، من أجل خلق تغيير في الواقع الأمني الإقليمي لوقت طويل.
إن حكومة مسؤولة كانت ستستكمل هذه الخطوة وتلخصها، حسبما أشرت الآن، في موازاة الحرب، ويكون العالم كله شريكاً. لا يزال هذا ممكناً في الوقت الذي صرّح رئيس الولايات المتحدة، المرة تلو الأُخرى بالتزامه عودة المخطوفين ونزع الشرعية عن "حماس" كسلطة، ورغبته في التوصل إلى اتفاق تطبيع بين السعودية وإسرائيل. ما يجب القيام به، قبل كل شيء، هو إعادة المخطوفين إلى إسرائيل.
يمكن، ويجب أيضاً إزالة "حماس" من السلطة، وبذلك، يتم تحقيق هدفَي الحرب المتبقيَّين وتوسيعهما إلى تفاهمات وتحالفات إقليمية ضد "حماس".
هذا هو "النصر المطلق" الحقيقي. نحن أمام فرصة تاريخية، إن لم تلتقطها إسرائيل، فستجد ذاتها أمام إمكانين سيّئين لأمنها وحصانتها. ليس فقط أن الصفقة ستنفجر وبعض المخطوفين سيُتركون لمصيرهم، بل سنكون أمام إمكانين سيّئين جداً: يمكن أن ننجرّ إلى سلطة إسرائيلية في غزة وإعادة احتلال، وهو ما يمكن أن يكون حلماً لأقلية، لكنه سيكون كابوساً لنا. وسنكون مسؤولين عن الرفاه والاقتصاد والصحة والتعليم لمليونَي فلسطيني. وهذا كله في الوقت الذي سيستمر "الإرهاب" ضد كل إسرائيلي في القطاع وخارجه - بغض النظر عمّا إذا كان جندياً، أم مدنياً؛ بالإضافة إلى الإمكان السيئ، وهو بقاء حكم "حماس".
هؤلاء الذين قالوا قبل 7 أكتوبر إن "حماس" هي الرصيد والسلطة الفلسطينية هي المشكلة، هم ذاتهم الذين يهددون الآن بتفكيك الحكومة. هذا هو السبب الذي يجعل نتنياهو لا يتجرأ على إنهاء الحرب، وهذا هو أيضاً السبب وراء أن صفقة التبادل ستُنفّذ على مراحل وأجزاء، وتستمر وقتاً طويلاً. بعد 15 شهراً، بات من الواضح أن الوعد بأن الانتصار المطلق سيأتي بمزيد من الضغط، هو أمر طفولي في أفضل الأحوال، ومسياني، أو منافق في أسوأ الأحوال.
لذلك، فإن الصفقة الحقيقية اليوم هي صفقة سياسية - ما دامت "حماس" لا تزال في السلطة، يمكن الاستمرار في الحرب. مَن يحلم ببناء المستوطنات سيستمر في الاحتفال، ونتنياهو سيبقى في الحكم بثمن مرعب سيدفعه المخطوفون والجنود الذين سيستمرون في وضع حياتهم في خطر. ستتحول الحرب إلى صراع عبثي، وسيتعمّق عدم شرعية إسرائيل، وجنودنا سيلاحَقون في الخارج. هناك أثمان يجب دفعها أحياناً من أجل أمن الدولة، لكن سيكون الأمر مدمراً إذا كنا ندفعها من أجل بقاء الحكومة.
منذ أكثر من عام، والوزراء ورئيس الحكومة على رأسهم، يبررون الحرب والتخلي عن المخطوفين كثمن مقبول، حيث على الكفة الأخرى من الميزان هناك الحساب الأمني في المدى البعيد. في نظرهم، إذا أنهينا الحرب، فسنعرّض مواطني إسرائيل لموجة "الإرهاب" القادمة، والموت والخطف...
أنا أعلم أن قسماً من الإسرائيليين مقتنع بأن هذه الخيارات لا تزال أمامنا، حسبما عرّفها نتنياهو: صفقة، أو هزيمة - أو بكلمات بن غفير "صفقة غير مسؤولة". في الحقيقة، العكس هو الصحيح، لقد عانى المخطوفون وعائلاتهم كثيراً، لأن صفقة التبادل ليست هي التي تُبقي "حماس" في الحكم في غزة، إنما الإخفاق السياسي المستمر منذ 15 شهراً. لا يحتاج هذا الإخفاق إلى لجنة تحقيق لأنه سياسة معلنة في وجوهنا جميعاً، وليس فقط أنها لن تحقق لنا الانتصار المطلق، بل أيضاً ستدفع إلى التخلي عن قسم من المخطوفين، وبغطاء من الشعارات الكاذبة، ستذهب الإنجازات العسكرية سدىً، وسنضيّع الفرص التي أمامنا، كما أنها ستترك "حماس" في السلطة، وتحوّل الحرب المبررة والضرورية إلى جولة أُخرى.
الوقت الذي يمرّ يجعل التوصل إلى اتفاق صعباً، لكن لا يزال استكمال جميع أهداف الحرب ممكناً. أولاً، يجب تحرير جميع المخطوفين، ثم استكمال خطوة استبدال "حماس" بسلطة وحلف إقليمي. هذا ممكن الآن.