- ℃ 11 تركيا
- 13 يناير 2025
معن بشور يكتب:مجلس النواب الأمريكي والعدالة الدولية
معن بشور يكتب:مجلس النواب الأمريكي والعدالة الدولية
- 13 يناير 2025, 1:33:53 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
في أيام التأسيس الأولى "للمنتدى العربي الدولي من أجل العدالة لفلسطين"، الذي انعقد في يوم الأرض في (30 آذار/مارس 2015) في بيروت، والذي شارك فيه حوالي 500 شخصية عربية ودولية من القارات الخمس، قال لي أعضاء الوفد الأميركي الذي كان يرأسه وزير العدل الأمريكي السابق الراحل رامزي كلارك ويضم أعضاء في الكونغرس وعدد من ممثلي الهيئات الامريكية المناهضة للصهيونية والعنصرية: "انتم بانتصاركم للعدالة في فلسطين، انما تنتصرون أيضاً للعدالة في الولايات المتحدة الامريكية وكل انحاء العالم، لأن العنصرية الصهيونية المتحالفة مع الاحتكارات الجشعة معادية للعدالة في كل مكان في العالم"..
أذكر اليوم هذه الكلمات، وانا أتابع قرار مجلس النواب الأميركي بالموافقة على اقتراح قانون يقضي باتخاذ إجراءات عقابية بحق كل أعضاء المحكمة الجنائية الدولية الذين شاركوا بإصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت، والدعوة إلى حرمانهم من دخول الولايات المتحدة وتجميد كل حساباتهم وأصولهم، هم وأقربائهم، في الولايات المتحدة.
صحيح ان هذا الاقتراح يحتاج الى تصويت مماثل في مجلس الشيوخ، الذي يشكّل أعضاء الحزب الجمهوري الأغلبية فيه، كما ان عدداً غير قليل من الشيوخ الديمقراطيين سبق ان صوتّوا لصالح هذا القانون في العام الماضي.
لا يشكّل هذا القانون انتهاكاً للعدالة في فلسطين فقط، والتي انتصر عشرات الملايين في دول العالم لحق اطفالها ونسائها وشيوخها في الحرية والكرامة والعدالة، بل يشكّل أيضاً انتهاكاً للعدالة في الولايات المتحدة الأميركية نفسها، التي طالما قدمت نفسها راعية للعدالة والحرية وحقوق الانسان في العالم، ويكرّس هيمنة فئة من العنصريين والمرتبطين بمشاريع الهيمنة الاستعمارية على حساب إرادة الاحرار في الدولة الكبرى، وفي مقدمهم الشباب..
لقد اتسمت سياسات الإدارة الأميركية في العديد من القضايا الدولية بازدواجية المعايير، لكن ان تصل هذه الازدواجية الى العدالة الدولية نفسها والى القضاء الدولي ذاته، فتصر على تنفيذ قراراته حين تتصل بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وأمثاله، ويتحرك نوابها لمعاقبة كل من يحرص على عدم افلات مجرمي الحرب في تل ابيب من العقاب، فهو أمر يثير استنكار واستهجان كل صاحب ضمير في هذا العالم.
ان الاستمرار في سياسة ازدواجية المعايير التي يعتمدها القيمون على الإدارة في واشنطن وعواصم الغرب لن تؤذي صورة الولايات المتحدة وحلفائها في العالم فحسب، بل تسيء الى مصداقيتهم ومصالحهم وتزيد من نقمة شعوب العالم عليهم، وهو أمر ينعكس على الامن والاستقرار في العالم كله..
ألا يكفي الإدارة الأميركية اعتبارها الداعم بالسياسة والمال والسلاح للإجرام الصهيوني في غزة وعموم فلسطين وفي لبنان على مدى عام وثلاثة اشهر، لكي تتخذ هذا الموقف من قضاة محكمة الجنائية الدولية الذين يعتبرهم العالم حراساً للعدالة في العالم..
لقد فهم العالم اليوم لماذا امتنعت واشنطن وتل ابيب عن الانضمام الى "نظام روما" في 17/7/1998، الذي تأسست على ضوئه المحكمة الجنائية الدولية، وأدرك أن حكام العاصمتين كانا يخشيان منذ ذلك الزمن انهما سيكونان من الملاحقين أمام هذه المحكمة.