تكبير الخط تصغير الخط

قال محللون إن العلاقات الأكثر دفئا مع روسيا والاتفاق مع أوكرانيا منافس موسكو في زمن الحرب - والذي يمكن توقيعه يوم الجمعة - قد يمنح الولايات المتحدة مصادر جديدة للمعادن الرئيسية، مما يخفف بدوره من تأثير ضوابط صادرات المعادن النادرة الصينية الموجهة إلى الولايات المتحدة.

قال مراقبون إنه إذا نجح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في التوصل إلى اتفاق لاستخراج المعادن من أوكرانيا التي مزقتها الحرب أو واصل تحسين العلاقات مع روسيا، فإن أي من البلدين قد يعزز شحناته من المواد الخام إلى المصنعين الأمريكيين.

وقد يؤدي هذا إلى إضعاف القيود الصينية على صادرات مخازنها إلى الولايات المتحدة، وإن لم يعوضها بالكامل. ويُنظر إلى احتكار بكين شبه الكامل لتوريد هذه المعادن، التي تشكل ضرورة لإنتاج السلع التكنولوجية الفائقة، باعتباره سهماً قوياً في جعبتها في خضم حرب تجارية مطولة مع الولايات المتحدة.

وقالت أليسيا جارسيا هيريرو، كبيرة الاقتصاديين لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في بنك الاستثمار الفرنسي ناتيكسيس في هونج كونج: "ربما يحتاج ترامب إلى أوكرانيا".

واتفق ممثلو واشنطن وموسكو في وقت سابق من هذا الشهر على البدء في العمل على إنهاء الحرب في أوكرانيا، ويحاول الجانبان تنظيم اجتماع بين ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين - وهي خطوات تنبئ بتحول كبير في السياسة الأمريكية.

وتقدر احتياطيات أوكرانيا من الليثيوم بنحو 500 ألف طن ــ وهي المادة المطلوبة لتصنيع البطاريات ــ ويمثل مخزونها من الجرافيت 20% من الموارد العالمية، وفقاً لهيئة المسح الجيولوجي الأمريكية. كما تمتلك البلاد إمدادات كبيرة من النيوديميوم، المستخدم في تصنيع توربينات الرياح، وعدد من المعادن الموجودة في أجهزة التلفاز والإضاءة والليزر.

وبينما تتطلع حكومة ترامب إلى تحسين العلاقات الاقتصادية مع موسكو في الوقت الذي تسعى فيه إلى التوصل إلى وقف إطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا، أشار بوتن إلى أنه سيفتح الوصول إلى المعادن الأرضية النادرة في الأجزاء من أوكرانيا التي ضمتها خلال الحرب التي استمرت ثلاث سنوات.

وقال فيكتور جاو، نائب رئيس مركز الصين والعولمة، وهو مركز أبحاث مقره بكين: "يبدو أن روسيا والولايات المتحدة تنامان في نفس السرير على أي حال، لذا قد يعقدان بعض الصفقات المضحكة للغاية".

لقد قامت الصين بتقييد صادراتها المعدنية كإجراء مضاد للقيود والتعريفات الجمركية الأمريكية. في العام الماضي، قامت بكين بتقييد شحنات الأنتيمون والغاليوم والجرمانيوم إلى الولايات المتحدة. وفي وقت سابق من هذا الشهر، قامت وزارة التجارة الصينية بتوسيع العناصر التي تغطيها خمسة، بما في ذلك عنصر الذخيرة التنغستن.

وقال بوتن في وقت سابق من هذا الأسبوع إن تطوير صناعة المعادن النادرة يمثل أولوية في بلاده التي تملك 3.8 مليون طن من الاحتياطيات.

ولكن ضوابط التصدير الصينية لا تزال قد تلحق الضرر بالشركات المصنعة الأمريكية، حيث تمتلك بكين أكثر من 60% من احتياطيات العالم من المعادن النادرة وتدير 90% من معالجتها العالمية.

وقال بيني ألتهاوس، الخبير في المعادن الهامة والرئيس التنفيذي لشركة الاستثمار في التعدين كوف كابيتال: "يتعين علينا أن نبدأ من مكان ما، وكل دولة تستطيع الولايات المتحدة تأمين المعادن الهامة منها تساهم في حل المشكلة".

تُستخدم المعادن الأرضية النادرة السبعة عشر في صناعة المغناطيسات الخاصة بالمركبات الكهربائية والهواتف المحمولة وأنظمة الصواريخ وغيرها من الأجهزة الإلكترونية. وتعتبر هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية خمسين معدنًا بالغة الأهمية، بما في ذلك المعادن الأرضية النادرة. تُستخدم المعادن الحرجة في الدفاع والتكنولوجيا الفائقة والفضاء والطاقة الخضراء.

حتى لو تمكنت الولايات المتحدة من التوصل إلى اتفاق بشأن إمدادات المعادن النادرة في أوكرانيا، فإن الأضرار ونزوح السكان الناجم عن الحرب من شأنه أن يجعل نشاط التعدين صعبا، وفقا لما قاله نيك مارو، كبير الاقتصاديين في آسيا في شركة أبحاث السوق Economist Intelligence Unit.

وقال مارو: "ليس من الواضح تمامًا كيف يمكن [الاعتماد على أوكرانيا] أن يزيح مكانة الصين من سلسلة التوريد العالمية، نظرًا لأن قدرات المعالجة في أي سوق سوف تكافح لمواكبة ما تقدمه الصين حاليًا".

قالت أوكرانيا إن معظم مواردها المعدنية تقع في مناطق استولت عليها روسيا منذ غزوها في عام 2022. وأنتجت روسيا 2500 طن من المعادن النادرة العام الماضي وفقًا لبيانات هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، وهو مبلغ ضئيل مقارنة بما تقدره الصين بنحو 270 ألف طن.

إن معظم البلدان خارج الصين، بما في ذلك الولايات المتحدة، تفتقر إلى عمليات التكرير اللازمة لمعالجة المعادن الحيوية بعد استخراجها.

وقال جون هايكاوي، رئيس شركة ستورمكرو كابيتال الاستشارية الصناعية ومقرها تورنتو: "على حد علمي، لا توجد رواسب في أوكرانيا تم استكشافها وحفرها بشكل كافٍ لإنشاء إما مورد أو احتياطي".

"إن الوصول إلى النقطة التي يمكن عندها إنشاء خطة للتعدين يستغرق سنوات."