-
℃ 11 تركيا
-
22 فبراير 2025
عبدالسلام جحاف يكتب: تخيّل يوم تشييع السيد حسن نصر الله.. يوم تهتز له الأرض وتبكيه السماء
عبدالسلام جحاف يكتب: تخيّل يوم تشييع السيد حسن نصر الله.. يوم تهتز له الأرض وتبكيه السماء
-
20 فبراير 2025, 2:00:46 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
مقال تخيلي أكتبه بدموعي كأقل واجب.
هذه الليلة كانت أسوأ الليالي، لم أنم (ناشدتكم الله أن أبلغوها لكل موال لآل محمد)
بيروت، الثالث والعشرون من هذا الشهر، يوم لن ينساه التاريخ، يوم توافدت فيه الجموع من كل بقاع الأرض، من إيران والعراق، من اليمن وسوريا، من البحرين ولبنان، ومن كل مكان ينبض فيه قلب بالولاء لأهل البيت، من كل بقعة لا تزال تنبض بعشق الحسين، ومن كل مكان لا تزال كربلاء محفورة في وجدانه.
منذ ساعات الفجر الأولى، بدأ الموكب العظيم بالتحرك، والملايين تصطف على جانبي الطرقات، العيون تذرف الدموع، والقلوب مفجوعة، بيروت كلها ترتدي السواد، بل العالم كله ينكس رأسه حزنًا، وكأن الزمان يعود إلى العاشر من المحرم، وكأننا أمام مشهد كربلاء جديد، حيث يستشهد القائد المظلوم، والملايين تودّعه بصيحات “لبيك يا حسين!” و”لبيك يا نصر الله!”.
القنوات العالمية تنقل المشهد في بث مباشر، الإعلام الغربي يتحدث عن “الوداع الأكبر”، الصحافة الصهيونية تتحدث عن “زلزال في العالم الإسلامي”، أما المحطات الموالية للمقاومة، فشاشاتها تحولت إلى لطمية مفتوحة، تبكي الفقد، وتستنهض الهمم. من كل الدول الإسلامية تتدفق الوفود الرسمية والشعبية، رؤساء، علماء، قادة، مقاومون، رجال دين، وشخصيات عالمية، كلهم أتوا ليقدموا الوداع الأخير لرجلٍ لم يكن مجرد قائد، بل كان أسطورة لن تتكرر.
في الضاحية الجنوبية، الطرقات تغصّ بالبشر، الأعداد تتجاوز أي تقدير، الناس يتدافعون، يرفعون صور السيد، يحملون رايات الحسين، يكبرون ويبكون، ويرددون: “هيهات منا الذلة”. وكأن المشهد صورة مصغّرة ليوم الأربعين في كربلاء، حيث القلوب متحدة في حب رجل واحد، كما كانت في حب الحسين.
وكما كان الإمام الحسين مظلومًا، محاصرًا، مستهدفًا، كان السيد حسن، صوته كان كالسيف، كلماته كانت كالرصاص، سلاحه كان صدقه، وقوته كانت إيمانه. وكما وقف الحسين في كربلاء وحيدًا يواجه جيوش الباطل، وقف السيد حسن طوال حياته في وجه الطغاة، في وجه الصهاينة، في وجه أمريكا، في وجه كل من أراد كسر هذه الأمة، فكان الجبل الذي لم يهتز، كان السيف الذي لم ينكسر، كان الوعد الذي لم يخلف يومًا، وكان النداء الحسيني الذي لم ينقطع.
لكنهم، كما قتلوا الحسين، ظنوا أنهم بقتله سينهون المسيرة، وأن هذا الصوت الذي زلزل عروشهم سيتوقف، ولكن كما بقيت كربلاء، وكما بقي الحسين خالدًا، سيبقى السيد حسن خالدًا في قلوب الأحرار، وستبقى رايته مرفوعة أبد الدهر.
في وسط الجموع، يقف جواد، ابن السيد، عيناه تائهتان بين الجموع، ينظر إلى النعش، إلى الناس، إلى السماء، وكأنه يقول: “يا أبت، كيف تركتنا؟ كيف تركت هذه الأمة من بعدك؟”، لكن عيناه سرعان ما تشعّان بالعزم، فهو ابن السيد، وهو يعلم أن طريق المقاومة لا ينتهي بشهادة قائد، بل يبدأ من جديد.
وعلى الجانب الآخر، زينب، ابنة السيد، مكسورة الفؤاد، كما كانت زينب الحوراء يوم كربلاء، لكنها شامخة، ترفع رأسها، وكأنها تقول: “ما رأيت إلا جميلًا.. أبي لم يمت، أبي شهيد، أبي خالد في ضمير الأم كد كيدك وايع حهدك وناصب جهدك فوالله لن تمحوا ذكرنا ولن تميت وحينا يا نتنياهوا !!
يا شعب لبنان، يا أحرار العالم، يا عشاق المقاومة، أعزيكم وأعزي نفسي بهذا المصاب الجلل، وأبكي كما لم أبكِ يومًا، فقد كان السيد حسن نصر الله فخرًا لهذه الأمة بكل طوائفها ومذاهبها ومشاربها صوتًا لجدّه رسول الله، وصرخة الحسين في وجه الطغاة وفادي أطفال المسلمين وروح الله الامين
يا سيد حسن، نم قرير العين، فكما قلت لنا يومًا: “طالما فينا طفلٌ يرضع، وشابٌ يحمل السلاح، وشيخٌ يدعو، وامرأةٌ تربي، فإننا باقون في هذه المعركة، لا ننهزم، لا نضعف، لا نستسلم.”
ونحن على العهد، سنبقى، وسنكمل الطريق، حتى نرفع راية النصر، كما وعدتنا، وكما وعد الله عباده الصادقين.
السلام عليك يا سيد المقاومة، السلام عليك يوم ولدت، ويوم قاتلت، ويوم استشهدت، ويوم تبعث حيًا.
.jpeg)









