- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
أمجد إسماعيل الآغا يكتب: المُسيرات الإيرانية والتركية... طموحات إقليمية بأبعاد دولية.
أمجد إسماعيل الآغا يكتب: المُسيرات الإيرانية والتركية... طموحات إقليمية بأبعاد دولية.
- 21 نوفمبر 2022, 4:19:58 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
ضمن نظريات فرض التوسع والنفوذ إقليمياً ودولياً. كانت لطموحات تركيا وإيران، جُملة من التداعيات السلبية، والتي أثرت بشكل مباشر وغير مباشر، على حالة الإستقرار في عموم المنطقة. وبطبيعة الحال، فقد إمتد هذا الطموح إلى الساحة الدولية، لتحقيق معادلات من شأنها تعزيز الموقع الجيوسياسي، واستثمار ذلك في فرض الرؤى الإستراتيجية لكل من أنقرة وطهران. وربطاً بذلك، فإن سياق الحرب الروسية الأوكرانية، فتح شهية القوى الإقليمية والدولية، للتدخل وتقديم الخدمات العسكرية، وذلك انعكاساً لحالة التحولات والتطورات التي تحدث في بنية النظام الدولي، والتي بدورها تنعكس سلبًا وإيجابًا على كل الأنظمة الإقليمية. وبالتالي فإن طهران وأنقرة دخلتا الحرب الروسية الأوكرانية، بطرق غير مباشرة، عبر تزويد حلفائهم بسلاح المُسيرات، فقد قُدمت لـ روسيا مُسيرات إيرانية، وكذا قُدمت لـ أوكرانيا مُسيرات تركية، الأمر الذي يعكس في إحدى جوانبه، حالة التنافس الإقليمي بين تركيا وإيران.
حقيقة الأمر، إن انطلاق سباق التنافس بين القوتين الإقليميتين "تركيا وإيران"، ووصوله لمكانة موردي الأسلحة عالمياً، سيكون له تداعيات جمّة. إذ لا يمكن إغفال أنه سيكون لسباق المُسيرات التركية والإيرانية وانتشارها في الشرق الأوسط، تداعيات وخيمة، لا سيما أن المُسيرات التركية والإيرانية، دعمت الأطراف المتحاربة خلال السنوات الماضية. ففي حرب أذربيجان وأرمينيا، دعمت تركيا وإسرائيل باكو بالطائرات المسيرة، فازداد الشعور بانعدام الأمن لدى إيران، إذ تُمثل أذربيجان جانب انعدام الأمن على حدودها الشمالية، خاصة أن أذربيجان تتمتع بعلاقات قوية مع تركيا، والتي تعتبرها طهران منافساً في الجغرافيا السياسية الإقليمية. وقد عملت أذربيجان على إقامة علاقات مع خصمي إيران الأساسيين، الولايات المتحدة وإسرائيل، اللذين تتهمهما طهران باستخدام الأراضي الأذربيجانية كنقطة انطلاق لعمليات جمع المعلومات الاستخبارية المختلفة ضد إيران، كما أن أذربيجان مستورد رئيس للأسلحة الإسرائيلية. لذا، في المقابل، من المحتمل أن تزود إيران أرمينيا بطائرات مُسيرة.
الميدان العسكري الآخر الذي تتجلى فيه الطموحات الإيرانية - التركية، هو الحرب الروسية - الأوكرانية. ففي حين تلقت أوكرانيا الطائرات المسيرة التركية المعروفة باسم "بيرقدار تي بي 2"، والقائمة على التكنولوجيا الغربية، اعتمدت روسيا على المسيرات الإيرانية، إذ أرسلت إيران نوعين من الطائرات المُسيرة هما مهاجر 6 وشاهد. وفي حال المقارنة بين المسيرات التركية والإيرانية قد تكون التركية هي الأفضل، وذلك اعتماداً على مدى الارتفاع ومدة التحليق في الجو أو ما يعراف باستدامة التحليق. ففي حين يمكن للمسيرات التركية أن تبقى في الجو لمدة 27 ساعة فإن قدرة الأنواع الإيرانية تراوح ما بين 24 و12 و4 ساعات ونصف.
من المؤكد أن دخول المُسيرات التركية والإيرانية ميادين القتال، سيُلقي الضوء على أنقرة وطهران والترويج لهما عالمياً كموردي أسلحة في مجال المُسيرات. وهو ما دفع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى القول إنه أينما ذهب يُسأل عن المُسيرات التركية، وكذا فإن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، تباهى بأن طهران تتمتع بسمعة طيبة في مجال المُسيرات والتقنيات التي تمتلكها في هذا المجال. بدوره اللواء الإيراني يحيى رحيم صفوي، أكد نجاح بلاده في تصنيع الطائرات من دون طيار، وأن هناك عروضاً من 22 دولة لشرائها.
على مستوى الشرق الأوسط، من المعلوم أن إيران نقلت تصاميم الطائرات المُسيرة لحلفائها الإقليميين في سوريا والعراق ولبنان وغزة. الأمر ذاته قامت به تركيا التي نشرت مسيراتها في شمال أفريقيا وزودت بها ليبيا. وأطلقت تركيا هجماتها منذ عام 2019، التي نفذتها باستخدام الطائرات من دون طيار ضد حزب العمال الكردستاني في سوريا والعراق. وضمن الحقائق التي لا يُمكن إنكارها، أن إنتشار سلاح المُسيرات التركية والإيرانية في المنطقة، إنما تؤطره تهديدات أمنية، تطال دول المنطقة.
وعليه يُمكن القول، بأن الطموحات التركية والإيرانية والرغبة في تحقيق مكاسب جيوسياسية، قد يُسهمان في وصول المُسيرات إلى يد التنظيمات المتطرفة، الأمر الذي يُمثل تهديداً جديداً يواجه دول المنطقة. فضلاً عن استخدامها لدعم الفصائل السياسية المدعومة من أي منهما. وفي المُجمل فإن المسيرات التركية والإيرانية إحدى الأدوات المستخدمة لتوسيع النفوذ الجيوسياسي لأنقرة وطهران إقليمياً وعالمياً، فضلاً عن تهديد خصومهما الإقليميين باستخدامها. وفي الوقت ذاته الوقت اكتساب سمعة عالمية باعتبارهم من القوى الموردة لهذا النوع من الأسلحة الذي أصبح أكثر انتشاراً أخيراً.