- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
البِنْسلمانيات .. بقلم يحيى حسين عبد الهادى
البِنْسلمانيات .. بقلم يحيى حسين عبد الهادى
- 18 يونيو 2021, 3:28:59 ص
- 624
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
لا توجد فى منطقتنا دُوَلٌ .. لا ممالك ولا جمهوريات .. وإنما بنسلمانيات .. يُسلَخُ فيها الإنسان .. وتُسلَخُ فيها الأرضُ .. وفقاً لمشيئة حاكمٍ فرد .. لا شريك له .. كلٌ منهم بن سلمان وإن تَسَّمَى بغير ذلك .. فالجوهرُ واحدٌ والعِرقُ دساس.
تُختزلُ فى إرادته كل المؤسسات .. هو الدستور والقانون والبرلمان .. هو الخصم والحَكَم .. هو الدين والدنيا.
يُحلل فى الصباح ما حرَّمه فى المساء .. وحُكمه هو الشرع فى الحالتين .. ويحنث فى المساء بما وعد به فى الصباح .. وليس أمامك إلا أن تُصَّدقه فى الحالتين .. وهناك من يُسَّبِحُ بحمده فى كل حال .. إذا خطر بباله أن يَدُّكَ شعباً آمناً فلحكمةٍ لا يعلمها إلا هو .. وإن بعثر أموال بنسلمانيته فى غير موضعها فلحكمةٍ أخرى لا يعلمها إلا هو .. وإذا خالف المنطق وتحالف مع عدو الأمة الاستراتيجى فلحكمةٍ ثالثةٍ لا يعلمها أيضاً إلا هو .. فهو رأس الحكمة مهما بلغ حظه من التفاهة .. وهو بحر العلم مهما بلغ حظه من الجهل .. وهو نموذج الشرف والطهارة مهما بلغ حظه من الفساد .. وهو أول التاريخ ومُنتهاه مهما كان قِدَمُ دولته وعُمق حضارتها.
ليس فى البنسلمانيات معارضة .. فكل بن سلمان هو ظِلُ الله فى الأرض .. وهل يُعارض اللّهَ إلا الشيطانُ؟ .. إذا عارضْتَه فقد أدنتَ نفسك بالكفر أو الخيانة .. وهو الذى يحدد لك العقوبة المناسبة .. فمزاجُه هو قانون العقوبات .. التقطيع بالمنشار .. أو الإذابة فى الحامض .. أو الصعق بالكهرباء .. أو التصفية كإرهابي .. أو الحبس الانفرادي إلى ما لا نهاية.
بل ليس فى البنسلمانية قولٌ إلا ما ينطق به الحاكم .. إذا قال إن البلد فقيرٌ فهو فقيرٌ رغم ما تقول به الأرقامُ وإلا فقد أسأتَ الأدبَ .. وليس لك أن تُسائله عن ذِمَّتِه ولا مِن أين له هذا .. ألا تعرفُ أن (هذا) مِن فضل ربه؟! .. الحاكم هو الصادق وإن كَذَب .. وهو البارُّ وإن حَنَث .. وهو الشريف وإن سَرَق .. وهو مُطلَقُ اليد يفعل بك ما يشاء .. فأنت بلا ثمنٍ مهما بلغت قامتك .. ولن يهتم بمصيرك أحدٌ خارج البنسلمانية إلا إذا اشتمل جواز سفرك على ختمٍ آخر.
قبل عامٍ ونصف، رفض بنسلمانهم أن تهبط طائرته فى المطار قبل أن يبصم بنسلماننا على منحه جزيرتين .. وكان له ما أراد .. فعلها بِنْسلمانُنا هكذا ببساطة .. قفزاً على الدستور والقانون والتاريخ والجغرافيا ودماء الشهداء والدولة .. آسِف .. نسيتُ أنها ليست دولة .. وإنما بنسلمانية.
(من إحدى البِنْسلمانيات العربية- ٢٤ أكتوبر ٢٠١٨)