- ℃ 11 تركيا
- 22 ديسمبر 2024
التمييز ضد المرأة يتزايد في إسرائيل
تدلّ المعطيات وأنماط السلوك السائدة على أن المرأة في إسرائيل تعاني من أنماط عدة من التمييز السلبي على صعيد حقوقها الاقتصادية والاجتماعية، وذلك نتاج احتكام المجتمع في نظرته إلى المرأة إلى قيم ومعايير دينية ترفض مبدأ المساواة بين الجنسين. وحسب آخر تقرير للكنيست، فإن المرأة في إسرائيل تحصل على 83 في المائة من أجر الرجل الذي يشغل الموقع نفسه، وعلى الرغم من أن النساء يمثلن 62 في المائة من العاملين في القطاع العام، فإنهن يشغلن 45 في المائة فقط من الوظائف العليا، وتهبط النسبة إلى 19 في المائة حين يتعلق الأمر بوظيفة "مدير عام".
وتشير صحيفة "كلكيلست" الاقتصادية إلى أن التمييز ضد المرأة في القطاع الخاص أشد، وأنه كلما تبوأت المرأة منصباً رفيعاً كلما تعاظم التمييز ضدها مقارنة بالرجال الذين يشغلون الموقع نفسه. وحسب الصحيفة، فإن متوسط أجور النساء اللاتي يشغلن موقع مدير عام في شركات القطاع الخاص يمثل 76 في المائة من متوسط أجور الرجال، وفي بعض الشركات يحصل المدراء العامون الرجال على ستة أضعاف الأجر الذي تحصل عليه النساء اللاتي يشغلن الموقع نفسه.
ويشير الخبير الاقتصادي يرون زليخا، الذي شغل في السابق منصب "كبير محاسبي وزارة المالية"، إلى أن إسرائيل لا تحاول تقليص الفجوات في أنماط التعاطي الرسمي بين الرجال والنساء في القطاعات الاقتصادية. وفي تحليل نشره موقع "ice"، الذي يعنى بالقضايا الاقتصادية، لفت زليخا إلى أنه بالاستناد إلى التقرير الأخير الصادر عن "منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية"، فإن إسرائيل تحتل قمة قائمة الدول التي تشهد تمييزاً ضد المرأة لصالح الرجال، ويوضح أن النساء اللاتي يدركن مدى استفحال التمييز ضدهن، يقلصن مستوى توقعاتهن، حتى قبل التنافس على المواقع في المؤسسات المختلفة.
وتعاني المرأة الإسرائيلية من تمييز واضح في الحياة السياسية والعامة. ففي الانتخابات التشريعية التي جرت في أكتوبر/ تشرين الأول 2022، انتخبت 29 امرأة، ما يمثل 26 في المائة من أعضاء البرلمان، في حين أن الانتخابات التي سبقتها أسفرت عن فوز 35 امرأة. وتحتل إسرائيل المرتبة 93 من أصل 192 دولة من حيث تمثيل النساء في البرلمان، وتشغل ست نساء مواقع وزارية في الحكومة الحالية، منهن وزيرتان من دون حقيبة، في حين ضمت الحكومة السابقة تسع نساء، وتشغل امرأة واحدة منصب وكيل عام لوزارة في الحكومة الحالية التي تحوز الأحزاب الدينية المتطرفة على نصف حقائبها، وترفض تلك الأحزاب لدواع دينية السماح للنساء الحريديات بأي دور في الحياة السياسية أو العامة.
ورغم أن إسرائيل تفرض الخدمة العسكرية الإجبارية على الرجال والنساء، فإن التمييز ضد المرأة مستفحل داخل الجيش. وحسب تقرير صادر عن "المركز الإسرائيلي للديمقراطية"، فإن التحاق الشباب المتدين بالوحدات العسكرية فاقم نزع الشرعية عن خدمة النساء في الجيش؛ إذ يحاجج الحاخامات بأن خدمة النساء تتعارض مع خدمة الشبان المتدينين. ويلفت التقرير إلى أن الجيش لم يتردد في تدشين مديرية خاصة تعكف على ضمان حفاظ المجندات على لباس "محتشم" لضمان عدم المس بمشاعر الجنود المتدينين، وأفضى هذا الواقع إلى تجنب النساء الخدمة في الكثير من الوحدات العسكرية.
ومع تعاظم تأثير القوى الدينية داخل الحكومة والمجتمع، ظهر ميل واضح للتضييق على النساء العلمانيات في المواصلات العامة. وذكرت صحيفة "يديعوت أحرنوت" أن سيدة مسنّة اشتكت من أن مفتشاً في إحدى حافلات النقل العام طلب منها الجلوس في المقاعد الخلفية لأنها امرأة.
تسعى التيارات الدينية لزيادة القيود على النساء (متان غولان/Getty)
وباتت بعض المجالس المحلية في المدن التي يوجد فيها عدد كبير من المتدينين تحرص على الفصل بين الرجال والنساء في الاحتفالات العامة التي تنظمها، كما تفعل بلدية مدينة "بيت شيمس"، غرب القدس المحتلة. ووصل الأمر إلى حد تغييب المرأة في الإعلانات التجارية تحت ضغط أتباع التيار الديني الحريدي. وأشارت "يديعوت أحرنوت" إلى أن شركة "شوبرسال"، وهي أكبر شبكة متاجر في إسرائيل، قررت إخفاء البضائع التي تظهر عليها صور النساء في فرعها في مدينة "بني براك" التي يقطنها أتباع التيار الحريدي تحت ضغط من الأهالي. وحسب صحيفة "كلكيلست"، فقد منعت بلدية "بني براك" حافلات النقل العام التي تحمل دعايات تظهر عليها صور نساء من دخول المدينة.
وتحذر الناشطة في منظمة "المنتخبات"، التي تدافع عن حقوق المرأة، استي شوشان بيطون، من أن "أوضاع النساء في إسرائيل مرشحة لمزيد من التدهور بسبب عاملين أساسيين، هما مشاركة الأحزاب الدينية بشقيها الحريدي والوطني في الحكومة الحالية وحيازتها نفوذاً كبيراً فيها، إضافة إلى خطة التعديلات القضائية". ونقلت "يديعوت أحرنوت" عن بيطون قولها إن "النفوذ الذي تحوزه الأحزاب والحركات الدينية المتطرفة داخل الحكومة يمكّنها من إملاء قرارات تقلص حضور النساء في الفضاء العام، وإن تمرير خطة التعديلات القضائية التي طرحتها الحكومة سيساعد هذه الأحزاب على اتخاذ مزيد من الخطوات على صعيد المس بمكانة المرأة من دون الخوف من تدخل النظام القضائي لمواجهة هذه الإجراءات".
وتشير مديرة العلاقات في "لوبي النساء بإسرائيل" طال هوفمان إلى أن كل المؤشرات تدل على أن ظاهرة الفصل بين الجنسين في المرافق والمؤسسات العامة ستتعاظم مع مرور الوقت بفعل تعاظم تأثير التيارات الدينية، محذرة من تداعيات توافق حزب الليكود الذي يقوده رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو مع الأحزاب الحريدية على توسيع صلاحيات المحاكم الدينية، بحيث يصبح بمقدورها البت في بعض القضايا المدنية. فقضاة المحاكم الدينية من الحاخامات الذين تحركهم المعتقدات والرؤى الدينية، سيميلون إلى اتخاذ قرارات ضد النساء بشكل تلقائي بفعل الإرث الديني.